البدو .. كيف شوّههم الإعلام!

mainThumb

09-12-2020 08:00 AM

حديث طويل يبدأه كل "بدوي" يخرج من باديته وصحرائه ليشرح للشباب من خارج محافظته ومنطقته عن حياتهم وتاريخهم وكيفية عيشهم، ويقع بجدال كبير وصعوبة في اقناعهم بأنه فعليا لا يسكن في بيت شَعر.
 
ليس من المستغرب أن ترى الكثير من الشباب والناس بمختلف أعمارهم لا يعرفون أين تأتي المفرق ؟ ، وليس من الغريب أيضا ان يتفاجأون بأن الناس هناك على قيد الحياة في قلب الصحراء! 
لم أكن أعتقد أن الاعلام ومن ينتج المسلسلات البدوية قد استطاعوا "تشويه" صورة البدو الى هذا الحد، فكانت دائما المسلسلات البدوية تصور البدو بصورة "بشعة" و"ظالمة" جدا اذ انها صورتهم كرعاة اغنام لا يعرفون غير رعي الأغنام، الفتاة لا تتزوج من تريد وتجبر ان تتزوج ابن عمها.
 
متناسين –محطات التلفزة- أن المرأة البدوية كانت معززة مكرمة، تحصل على حقوقها وأكثر، وكانت تكرم الضيف حتى عند وجود زوجها خارج البيت، فقد تربت على الطيب والأصالة.
وتصور المسلسلات البدو أيضا على أنهم لا يعرفون في الحياة شيئا، تصورهم على أنهم أُناس لا يعيشون سوى من أجل الغزوات والقتل، مما شوه الصورة العامة للبدو في المجتمع بشكل كبير.
قد ينسى أو يتناسى البعض أن البدو هم أصل النقاء في هذه الأرض، فرسانها المخلصين وابنائها المحبين، ماؤها ان عطشت وراحتها ان تعبت وفرجها ان ضاقت وقمرها ان اظلمت وحبٌّ كبير.
 وكما قال عنهم الدكتور محمد الزيود ان البدوي ما يبوق، لكن "باقت" به البلاد ومن فيها، صوروه على أنه "صبيب" قهوة على أبواب الفنادق وفي الشوارع والمناسبات، واستباحوا لباسه وقدسيته، جسدوه على انه لا يجيد سوى رقص الدحية والسامر.
 
أكثر ما يؤلمني يا صديقي أن الإعلام وبرامج التلفاز لا ترى البدو سوى بيوت شعر وخبز صاج وسدر منسف، لا يعلمون أن روح البداوة هي أكبر بكثير من ذلك، فعندما تأتي محطات التلفاز والبرامج لا تصور البدو المثقفين والدكاترة وما الى ذلك، بل تصور وتركز على بيوت الشعر وكأن البدو لا يسكنون ببيوت اسمنتية ولا يعرفونها.
 
تأتي محطات التلفزة لتزاحم الشمس الحارقة في صحراء البوادي، وكالعادة لا جديد، لا تركيز على روح الحضارة والإرث، فقط التصوير بالثوب البدوي والجلوس في بيت الشعر.
 
ساهمت محطات التلفزة في ظلم كبير وقع على البدو، من تصويرهم ونشرهم واضفاء صورة نمطية عنهم، البداوة هي روحنا وارثنا وثقافتنا، حتى لو تحضرنا لكنها تبقى في الوجدان والتصرفات وطريقة الحياة، البداوة الحقيقية وليست البداوة التي تصورها المسلسلات التي تدعي انها بدوية وقنوات التلفزة والبرامج.
 
البدو يا عزيزي تراث وتاريخ عظيم، عشاق لهذه الأرض منذ ولادتهم، لكنهم لم يجدوا اعلاما حقيقيا يتحدث عنهم وعن معاناتهم وتعبهم ومشقتهم، بل ذهب الاعلام بعيدا عن ذلك وشوه صورتهم.
هم البدو.. النقاء والصفاء والأصالة، الثقافة والعلم، القرى المتعبة والمسافات الطويلة، شمس الصحراء الحارقة وليلها البارد، الشجاعة والإيثار، البداوة هي التي تجدها في ثقافتهم وعلمهم وحياتهم وليست ما يصورها الاعلام، وتبقى الحياة شقية يا بدوية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد