صرخة الليل

mainThumb

01-02-2021 05:22 PM

 يُقبلُ عليَّ الليلُ مُزدحماً ليغدقَ عليّ من هَوجهِ وإمتلاءِ ضيقه بالجوعِ والأسى والوجعِ لأكونَ بضعةً منه وفيه،إنّه ذلك النوع من الوجعِ المُبهم الغامض عن النفس الذي لا حيلة للمرء لفهمه وتفسيره وترجمته،ولا سبيلَ لإطالته أو وصله أو إعلانه حيّاً بالكلمات،مثل كأنك ضائعٌ تائهٌ في دواماتٍ أبدية لا بداية ولا نهاية لها ونفقٌ مظلم عارمُ الإسودادِ ..

 
لليلِ هدوءٌ خارجيّ يجعلنا نصدح ونضجُّ من دواخلنا،ليمرَّ علينا إثرَ هذا السكون الخارجي والضجيج الداخليّ شريطاً كاملاً من الذكريات الراحلة والأوجاع التي كانت ترافقنا،سيذكر لكَ يوم موتِ عزيزٍ،وبكاءٍ نحيبٍ،وأمسٍ سليطٍ بالهمِّ والحزن،سيتعمد،سيتعمد،سرد كلّ أحزانك،فتحاول أن تهدأ صوت نحيب قلبك بذكرى بأثرٍ باقٍ منهم،فلا تجد غير إثر صورةٍ عالقة على هاتفك،تتحسسها،وتبكي عليها،وتحلم بعودته،أو سحبه من شاشة هاتفك،لكن لا جدوى،لا جدوى،أخذه الموت منّا،أخذه... وتركنا نُصارع حُزن الغياب عليه.
 
أعلم،أنّ ما أقوم به من فعلٍ بفتح محادثةٍ طويلةٍ وتبادلِ صمتٍ وتقبيلٍ لها أنه أمرٌ مُدعاةٌ للتساؤل والغرابة،لكن ما حيلتي بالتخفيف؟
 
لو كنت أصف شعور الفقد،لقلت أنه بمثابةِ فصل الروح عن الجسد أو بتر قلبك عنك،يموت كلّ ما فيك ويحيا جسدك عنك،وتبقى تقاوم وتحاول الأ تظهر كل ما فيك،وتظهر للناس عكس ما يلبسك وفيك،لكن لا أحد يعلم أنّك محطمٌ مُتناثر تجابهُ المعارك في الداخل،لا أحد يلمس ويصل إلى أعماقكِ وما فيك!
 
كان الإنسان ولا زال ضِلعٌ هَزِلٌ واهنٌ هَلِعٌ ضعيفٌ،إنه شجرةٌ باكيةٌ تتساقط تدريجياً في فصل الخريف،وكذلك هو،يسقط تِباعاً ....


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد