تعويم الدينار الأردني في ظل التوازنات الإقتصادية والسياسية، والفائدة منه

mainThumb

21-03-2021 09:40 PM

فكرة تعويم العملات ما زال يشوبها الغموض، وهناك تساؤلات متعلقة في آلية و كيفية ربط العملة بسلة عملات او بعملة واحدة مثل الدولار ؟ كما أن هذه قضايا، ربط العملة ترتبط بتوازنات اقتصادية من جهة وتوازنات سياسية من جهة أخرى، كما أنها كانت متعلقة بحجم اقتصاد الدولة نفسها، وكذلك ما هو الأثر الذي سيحصل لو تم ربط الدينار بسلة عملات على كافة المنظومة الاقتصادية للأردن؟ جميعها أسئلة مشروعة وسنحاول الإجابة عليها في هذا المقال. 
 
نوضح في البداية فكرة تثبيت سعر الصرف الموجودة في الأردن ثم ننتقل إلى فكرة التعويم، حيث أن الدينار الأردني تم ربطه بالدولار من عام 1995 وما زال للآن مثبت سعرة مقابل الدولار الأمريكي، بمعنى أن الدينار الأردني لا يخضع إلى قوى السوق المتمثل بالطلب والعرض إنما سعر ثابت ومحدد بين الدينار والدولار وهو أن كل دولار أمريكي يساوي 70 قرشا أردنيا، وأينما تذهب سعره معروف ومحدد من البنك المركزي الأردني وبين البنوك وشركات الصرافة الأردنية، ويمكن أن يحدث مشكلة في هذه التسعيرة في حالة وجود سوق سوداء مثل ما حدث في مصر والسودان، أو في حالة حدث إنخفاض في قيمة العملة نتيجة زيادة السيولة وطباعته بكثرة مثل ما حدث في العراق وسوريا ولبنان. 
 
التعويم له أنواع وأبسطه نظام سعر الصرف الزاحف الذي يقوم على تعويم العملة وجعلها تخضع لقوى السوق المتمثل بالطلب والعرض وربط العملة بسلة عملات، وتأخذ العملة قيمتها من خلال أوزان هذه العملات، بمعنى كل عملة تمثل جزء من السلة ومجموع متوسطات هذه العملات داخل السلة تقدر قيمة الدينار، وبالتالي يسمح للدينار الأردني بالارتفاع والانخفاض في قيمته اليومية بنسب بسيطة بناء على تذبذب العملات داخل السلة، وهذه العملية تقوم على فكرة التنويع بتنويع مخاطر وعدم الارتهان الى العملة الواحدة مثل ما يحدث للدولار الأمريكي وانخفاضه في السنوات الأخيرة وخاصة بعد الجائحة.
 
وفي ظل التوازنات الإقتصادية التي أصبحت حاضرة وبقوة ما بعد الأزمة المالية العالمية ما بين الشرق والغرب، ما بين الصين وأمريكا تحديداً، حيث أن صادرات الصين تنافس صادرات أمريكا إذا لم تتجاوزها، كما لا نغفل عن منطقة اليورو والإنتاج الذي تقوده ألمانيا وفرنسا بالإضافة إلى وجود المملكة المتحدة كدولة استقلت حديثا عن الاتحاد، جميعها يفرض علينا النظر الى العالم بمنظور التوازن الإقتصادي وعدم الانحراف نحو عملة واحدة فقط أو نظرة احادية الجانب. 
 
أما بالنسبة إلى التوازنات السياسية، فقد كان ربط الدينار بالدولار ليس قائما فقط على التوازن السياسي، إنما أيضا على مقدار استفادة الأردن من هذا الربط وقوة الدولار، وأمريكا لا تفرض على الأردن أن تربط الدينار مع الدولار، لأنها غير مستفيدة بشكل مباشر بينما الأردن مستفيدة بشكل مباشر لأن الدينار الأردني ليس عملة عالمية وهو ضعيف مقارنة مع عملات الدول الصناعية المتقدمة، وانعكست قوة الدولار بشكل مباشر على استقرار النظام النقدي الأردني خلال سنوات ما قبل الجائحة، ولكن ما حدث مؤخرا وخاصة في جائحة كورونا أنه تم طباعة ترليونات من الدولارات بما يقارب 4 ترليون دولار وهذا ما أضعف سعر صرف الدولار عالميا بنسبة 13% بسبب زيادة المعروض من الدولار، مما أثر وسيؤثر ذلك على المعاملات التجارية الخارجية من مستوردات الأردن وتكاليف الشحن والتأمين وبالتالي زيادة الأسعار داخل الأردن. 
 
ويمكن أن نتساءل لماذا أمريكا تطبع الدولار وما الفائدة من زيادة عرض الدولار عالميا؟ أمريكا لديها منتجات راكدة بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة مع منتجات الصين، وانخفاض سعر صرف الدولار يؤدي إلى إنخفاض أسعار السلع والمنتجات لديها، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على المنتجات الأمريكية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى طباعة الترليونات وضخها في الأسواق تؤدي إلى تنشيط السوق الأمريكي وتهدئة المواطنين الأمريكين وتحريك أسواق الأسهم والسندات والاستثمارات في ظل الجائحة من ناحية أخرى، كما أن طباعة ترليونات الدولارات قد ساهمت في بناء المختبرات الطبية والمستشفيات وتعزيز بعض القطاعات، بمعنى أن؛ الجائحة أعطت أمريكا شرعية في طباعة ترليونات من الدولارات كما أنها استفادت من الجائحة بلملمة نفسها وبيع منتجاتها وترشيق نظامها الصحي وأخذ نفس عميق يمكنها من مواجهة منتجات التنين الصيني المتدفقة. 
 
يبقى سؤال، لماذا تعويم الدينار الأردني والانتقال من نظام السعر الثابت مقابل الدولار والتحرك نحو نظام سعر الصرف الزاحف الذي يخضع لقوى الطلب والعرض مقابل سلة عملات وتحت إشراف البنك المركزي؟ والجواب المباشر لهذا السؤال هو لأن الدينار الأردني يصبح معوم وهذا سيؤدي إلى أننا لا نكون مرهونين لتذبذب مخاطر عملة واحدة إنما عملات مختلفة علاقتها عكسية مع بعضها البعض، هذا من ناحية. 
ومن ناحية أخرى سيؤدي التعويم وتقليل تذبذب المخاطر الى جذب المستثمرين من مختلف أماكن العالم وخاصة أولئك الذين يتعاملون بعملات غير الدولار الأمريكي، مما يؤدي إلى تشجيع الصناعة وزيادة الصادرات، وزيادة الصادرات وانخفاض أسعار المستوردات يؤدي إلى وجود فائض وليس عجز في الميزان التجاري، وهذا بطبيعة الحال سينعكس على الناتج المحلي الإجمالي ليرتفع الى 3٪ او 4٪ او 5٪ وتخفيض معدل البطالة في الأردن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد