من الذي بدأ بالعقوق : الأبناء أم الآباء ؟

mainThumb

17-07-2022 04:17 PM

  كثيراً ما نسمع عن عقوق الوالدين، وكثيراً ما يتداول على مسامعنا أن فلان عاق بأبيه، أو عاق بأمه، دلالة على أنه لا يطيعهما ولا يبرهما.... ولكن هل سمعت يوماً أن أباً عاق بابنه، أو أماً عاقة بابنها ؟

          عقوق الآباء من الظواهر الخطيرة المنتشرة في مجتمعنا، التي تخلِّف وراءها آثاراً سلبية جسيمة على الأسرة والأبناء، ولأهمية هذا الأمر؛ كان لزاماً علينا تسليط الضوء على هذه الظاهرة، لمعرفة ماهيتها والمخاطر التي تنجم عنها ومحاولة إيجاد حلولٍ لها .      
       بدايةً لابد من معرفة كيف يعق الآباء أبناءهم : يعق الآباء أبناءهم، إذا لم يساووا بينهم في المعاملة، فيميزون بعض أبنائهم عن بعضهم، وكذلك سوء معاملة الآباء تجاه أحد الأبناء بالرغم من بره  لهم، بالإضافة إلى التهاون في تربيتهم تربية صالحة .
 
       من المعلوم أن الغاية من الزواج تتجسد في إيجاد نسل وتكوين أسرة، في حين أن نجاح هذه الأسرة  يتحقق ببذل الجهد في التربية، فالأسلوب الصحيح للتربية السليمة يكون بالقدوة وليست بالتنظير ! فكما لا يمكنك أن تحدّث ابنك عن النظافة وأنتَ تلقي الأوساخ من شباك سيارتك، ولا يمكنك أن تحدث ابنك عن فضل صلاة الجماعة وأنتَ لا تمشي إلى المساجد، فكذلك لا يمكنك أن تحدث ابنك عن البر وأنتَ أساسًا تعقّ والديك، ولا أقول إن فعلنا للخطأ يعني أن لا نرشد أولادنا إلى الصواب، ولكن الفعل أبلغ أثرًا في النفوس من الكلام.
   
     لا شك أن الجميع يلاحظ الضرر الذي يلحق بالأولاد نتيجة التفكك الأسري الذي يقع ضحيته الأبناء، فنرى الأم التي لم تستطع بناء أسرة سليمة؛ تفرغ غضبها على أبناءها، وربما تحملهم مسؤولية عجزها، لعلنا نلاحظ ضحايا التفكك الأسري؛ كيف يعيشون حياة بائسة ، عندما تترك الأم بيت زوجها وترجع بهم إلى بيت أهلها، هل يمكنك تصور الحياة التي يعيشها الأبناء في ظل بيئة منزوعة من الاستقرار والأمان، هل يمكنك تصور ما يعانيه الأبناء من مشاعر النقص والحرمان والغربة، لعلك لم تتخيل كيف يعاني الأبناء من تسلط أهل الأم عليهم، ولعلهم يواجهون مرارة الذل والمهانة وربما العنف والتحرش.... وأكثر من ذلك .
نعم أيها السادة، إن من يعيش في غير بيت أبيه يتجرع طعم الغربة في وطنه وبين أهله !! 
       كما يعق الأب ابنه عندما يعامله بقسوة، بدون أدنى رحمة، و يعقه عندما يمارس عليه العنف اللفظي والجسدي، وعندما يحقّر منه ومن إنجازاته، وكذلك عندما يحرمه من الميراث، وللأسف هناك آباء يتعمدون توقيع الضرر على أبنائهم، بعدم الإنفاق على تعليمهم، فكم من ابن متميز في دراسته حرمه والده من التعليم ؟ وكم من فتاة ناجحة في دراستها حرمها والدها من التعليم  وأجبرها على الزواج !!
وأي ظلم أكثر من ذلك ؟؟؟
 فهل يدرك الآباء معاناة أبنائهم ، أم أنهم يتقصدونها ؟؟ 
         استناداً إلى ما سبق نجد الحل واضحاً جلياً فمعرفة كل من الأباء والأبناء حرياتهم و حقوقهم وواجباتهم  تجاه الآخر؛ يقيهم من هذا الظلم، وقد حدد قانون الأحوال الشخصية الأردني حقوق الأولاد وواجباتهم، مستمداً من ديننا الحنيف، فالمعرفة أول درجة في سلم الوقاية - الوقاية خيرمن  قنطارعلاج .   
        ومن جهة أخرى فإننا ننصح الأبناء بالصبر، والإحسان لآبائهم، وعدم رد الإساءة بمثلها والابتعاد عن كل ما يغضبهم، من أفعال وأقوال ووعظهم، ونصحهم، بالطرق المناسبة ، 
         ختاماً أقول ما قاله الرسول ﷺ : (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
 أبناؤكم أمانة من الله لديكم، فاحفظوا أماناتكم، وما أنتم بحاصدين إلا ثمار ما زرعتم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد