العراق .. الحوار أو الحرب الأهلية

mainThumb

17-08-2022 02:51 PM

في قاموس الديمقراطيات العالمية يعتبر تصرف التيار الصدري في التظاهر السلمي حقا إنسانيا كفلته التشريعات المحلية والمعاهدات الدولية، كما أن الانسحاب من البرلمان رغم انه يتمتع بالكتلة الاكبر «سائرون» أيضا هو خيار سياسي للتيار الصدري آثر اتباعه احتجاجا على ما وصفه بــ «الفاسدين في الطبقة السياسية» في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد والتي تتمتع ببلوك أمني شديد التحصين.
التيار الصدري الذي يعتبر أملا للكثير من العراقيين ودول المنطقة لطرد النفوذ الإيراني من البلاد وتحقيق الاستقلال الفعلي، وان يحكم العراق بارادة أبنائه، استطاع ان يحقق تحالفاً برلمانيا ثلاثياً سمي بـ «انقذوا الوطن» مع أكبر حزب كردي، وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني، وتحالف السيادة الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو كتلة سياسية سنية، ومن ثم ضمن الأغلبية في البرلمان العراقي ثم كلف التحالف بتشكيل الحكومة العراقية.
بعد ذلك دخل العراق في جمود سياسي، سببه تحالف الإطار التنسيقي المدعوم من ايران، مما اضطر الصدر الى قلب الطاولة في 12/6/2022 عندما طلب من اعضاء التيار الصدري في البرلمان وعددهم 73 نائباً الاستقالة، مما أتاح الفرصة الدستورية للاطار التنسيقي حيث كلف رسمياً بتشكيل الحكومة برئاسة محمد السوداني الذي قوبل برد عنيف من التيار الصدري الذي احتل أنصاره البرلمان والمنطقة الخضراء وعطلوا جلسات البرلمان أو أي إجراء لتشكيل الحكومة الموالية لطهران وفق رؤية التيار الصدري.
وقد ساهمت التسريبات المسجلة لرئيس الوزراء العراقي الاسبق نوري المالكي والتي يتحدث فيها عن حرب شيعية مقبلة وأساء فيها لشخصيات في التيار الصدري من تأجيج الموقف، كما ان استئثار كتلة الصدر وتحالفه الثلاثي بالحكومة مع استبعاد تحالف الإطار التنسيقي الموالي لإيران قد يعرض البلاد لخطر حرب أهلية.
وقوبلت احتجاجات التيار الصدري بحرب المظاهرات المليونية بين الطرفين، لإبراز قوة الاخر في الشارع، فجميع الأطراف لديها قواعد شعبية عريضة، يجب ان تستثمر في نمو العراق وتحقيق الاستقرار السياسي، إلا ان كثيرا من السياسيين والمراقبين يخشون الصدام المسلح ووقوع الفتنة الشيعية التي ستكون طاحنة لا قدر الله، الا انني استبعد هذا الخيار لان لا احد سيربح فيه ابدا وسيمزق البلاد.
العراق يتمتع بكيمياء سياسية معقدة لا يتقن لعبتها الا أبناؤها من السياسيين الذين يتحلون بالحكمة وقراءة المستقبل، وهنا لا نستطيع ان نعتبر مقتدى الصدر قليل الخبرة فهو سياسي مخضرم من الطراز الرفيع وعلى دراية تامة بتفاصيل الحياة السياسية العراقية، وسيكون الحوار سيد الموقف.
العراق اليوم لا خيار امامه الا الحوار السياسي الجاد الذي ينبع من مصلحة الوطن لا مصلحة الدول الإقليمية او الغربية، فكيمياء الشعب العراقي ترفض ان يكون تابعاً لاحد، فالشعب العراقي من القدم شعب حر يرفض الخنوع والتبعية وسيأتي اليوم الذي يحكم بارادة الشعب والوطن لا بإرادة قوى الخارج.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد