الحلس وواردات المي

mainThumb

06-10-2022 05:12 PM

حملت هدى جرة الماء عصرا واتجهت نحو عين أم الودع لكنها عادت بعد ربع ساعة منفعلة واخذت تبكي فسألها أبوها الشيخ "رباح" عن سبب بكائها فقالت لأبيها إنها لن ترد عين الماء ابدا طالما استمر طامي و ظامي ثقيلي الدم يضايقان ورادات الماء بسيرهما على طريق واردات العين، وقالت لأبيها انهما في عصر ذاك اليوم قد ارتديا طقمين عربين من قماش واحد ولون واحد، وهما يتعمدان المشي في طريق الماء لمضايقة البنات بحركات غريبة وتعليقات سخيفة وهما لا يرتدعان فكثير من البنات يوبخنهما لكن لا حياة لمن تنادي ، فهما مستمران في غيهما وكانا في عصر ذاك اليوم يتبختران متباهيين بلباسهما , قال لها ابوها لقد نبّه المختار أهاليهما اكثر من مرة ولم يرتدعا بعد ؛لكن أنا عندي الدواء.
وضع الحاج رباح -والد هدى- قربتي ماء على حماره وانطلق الى عين الماء. سار بحماره على طريق العين فشاهد الشابين يتمايلان تيها وفخرا ويمشيان في الارض مرحا كأنهما خرقا الأرض وبلغا الجبال طولا!
لم يكلمهما وتجاهلهما تجاهلا تاما ، وصل عين الماء وملأ الروايا بالماء وعاد الى البيت .
وقال لابنته انه وجد حلا نهائيا لمشكلة هذين الشابين لكن لابد من الصبر يوما او يومين !
وفي صباح اليوم التالي قصد مركز اللواء. دخل محل أقمشة واشترى نوعا معينا من القماش كي يخيط منه طقما عربيا له لكنه قصد الحّلاس وطلب منه ان يصنع حلسا لحماره ويكسوه بالقماش الذي اشتراه فقال الحلاس: هذا القماش فاخر لا يلبسه الا الأثرياء وقد طرح حديثا في الأسواق فاصر الحاج على ان يكسو حلس حماره بالقماش .
عاد الحاج رباح الى قريته " ام الودع" عند الظهيرة ومعه الحلس الجديد لحماره ، وقبيل الغروب بساعة عندما مالت الشمس للغروب وانخفضت درجة الحرارة وضع الحاج رباح قربتي ماء فارغتين على حماره كي يورد الماء. امتطى حماره , كانت الطريق عامرة بقاصدات العين من فتيات القرية ، سار الحاج رباح بحماره خلف مجموعة كبيرة من البنات يسرن ببطء خلف الشابين اللذين سارا ببطء امام البنات ، وجد الشيخ رباح فسحة في الطريق فلكز حماره فاندفع الحمار امام البنات اللواتي انفجرن ضحكا وضج المكان بالضحك والتعليقات الساخرة ، فانتبه الشابان فالتفتا الى البنات اللواتي كن في حالة هستيرية من الضحك : وقد صرخت احداهن قائلة : يا متباهي بلباسك لباسك ملبوس الحمير !
صدم الشابان لأنهما شاهدا حلس حمار الحاج رباح المكسو بقماش هو نفس قماش لباسهما ، فهربا يلفهما الخزي والانكسار ... وخلت الطريق بعد ذلك لواردات العين، فقد هجر الشابان تلك القرية وساحا في بلاد الله الواسعة


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد