طمع هميل وعوني

mainThumb

09-10-2022 12:16 PM

قال تعالى يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله ان كنتم إياه تعبدون ( البقرة- 172 )
خرج عوني محترف النشل منذ سن السابعة عشرة من البيت ضحى متجها الى السوق الرئيس في المدينة حيث الزحام في ذاك الوقت من النهار يوم استلام الرواتب من البنوك – خاصة رواتب المتقاعدين . طاف بخياله صوت المرأة العجوز التي خطف منها راتبها التقاعدي وهي تصرخ :"اعد لي النقود أنا عندي أيتام "، وواصلت تدعو عليه : الله يقطع ايديك يا ابن الحرام! " لقد مضى عليه عشرون عاما لم يدخل في جوفه لقمة من طعام حلال فكم فقير ومحتاج حرمه من حقه وكم يتيم تضور جوعا بسببه ،فقال في نفسه: لا تبال ولا تجعل العواطف تطغوا عليك وصدق المثل الذي يقول:" وين ما شفت الاعمى طبه ما انت اشفق من ربه" ، فقد دأب كل آخر شهر على نشل محافظ النقود من اللذين يصرفون رواتبهم من الصراف الالي!
قال لنفسه في ذاك الصباح: إن النشل لا يغني و لا يسمن من جوع فهو الآن قد شارف عل نهاية العقد الرابع من عمره فهو في الثامنة والثلاثين ولم يكسب شيئا من النشل سوى الحرام : دنانير قليلة يسرقها من جيوب الناس! فيحرمهم من قوتهم اليومي . قال اليوم يجب ان يعود ظافرا بمبلغ وافر يكفي لإقامة مشروع يعتاش منه !
اتجه الى فرع بنك امامه ثلاث صرافات: الزحام شديد والطوابير شديدة !
رأى ثلاثة نفر قد اطلقوا لحاهم الكثة ولبسوا ثيابا عربية بيضاء اللون ومشالح ذهبية اللون ، لبسوا لباس المشايخ مع انهم قد يكونوا رفاقا خالصين لا يدينون بأي دين ، كان كل واحد منهم يحمل شنطة سامو نايت !
ظن الطماع عوني ان حقائب المشايخ مليئة بالدنانير فوقف خلفهم :انه ينتظر دوره كي يصرف راتبه!
لكن الثلاثة نفر صرفوا النقود وابتعدوا مسرعين في سيارتهم! ومما أثار دهشة عوني هو ان ثالث المشايخ قد ترك حقيبة السامسونايت ، فالتقطها مسرعا كانه يجري خلف سيارتهم ينادي توقفوا نسيتوا الشنطة !
اسرعت السيارة واختفت في احدى الشوارع الضيقة: سر عوني سرورا كبيرا فقد ظفر بغنيمة : الشنطة ثقيلة فاختفى بين الناس بعيدا عن البنك وانتظر سيارة اجرة ...
اقلته سيارة اجرة فوصل البيت . حاول ان يفتح الشنطة لكنها لم تفتح فقد كانت مغلقة رقميا. فقرر ان يأخذ الشنطة الى طرف الغابة المحاذي لموقع مقلع حجارة وكسارة !
جلس محاولا فتح الشنطة رقميا فادار الأرقام عشوائيا ، وعندما فشل في فتحها قرر ان يستعمل ازميلا ومطرقة كي يفتحها!
اخذ يطرق الشنطة وأثناء انشغاله بالطرق فوجي بشخص يحمل بندقية صيد فوق راسه . كان صديقه في الكار النشال " هميل:" فحياه تحية اللص للص! واجلسه بجانبه . قال هميل: أهذا غنيمة اليوم ! لِم تصحبني معك !
فقال عوني: افتح الشنطة ولك نصيب فقال لا حل الا بتدمير القفل الرقمي امسك الشنطة بيديك من طرفيها وان سأضع فوهة بندقتي ‘على القفل لكن قبل ذلك اقسم لي بالله ان تعطيني نصيبي منها: فقال : أنا وانت أيضا لا نؤمن بالله فلو كنا نؤمن بالله لما كانت الشنطة بين أيدينا لكن بشرف الصداقة الا اعطيك!
امسك عوني الشنطة محملقا فيها فوضع هميل فوهة البندقية على القفل الرقمي وضغط على الزناد : دوى انفجار هائل أطار براسيي عوني وهميل وسقطا في بركة ماء آسن في قاع الوادي بينما تناثرت اشلاؤهما فمنها نصيب لأسد السماء ومنها نصيب لِأُسْد الثرى ، لقد ضر الطمع وما نفع!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد