الفجوة الاستراتيجية

mainThumb

20-03-2023 11:16 AM

بحكم عملي كخبير تخطيط استراتيجي ومؤشرات اداء ما اتاح لي الاطلاع على العديد من الخطط الاستراتيجية للعديد من المؤسسات في القطاعين العام والخاص وغيرها من المؤسسات غير الربحية كالجمعيات والاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها، تبين لي ان العديد من الخطط عند اخضاعها للتقييم واثناء التنفيذ على ارض الواقع بأنها تعاني من فجوتين اساسيتين: الاول بالفكر الاستراتيجي وما نتج عنه بالتالي من انعكاسات سلبية على بنية الخطة الاسترايجية ما جعل الخطة تعامي من نظرة ضيقة لا تشير لا من قريب ولا من بعيد الى ابعاد ومحاور استراتيجية تستحق السعي من اجلها، فعملية التخطيط الاستراتيجي تحتاج الى فكر شمولي يضع بعين الاعتبار جميع الابعاد بانعكاستها الايجابية والسلبية ومن ثم يتم رسم جميع السيناريوهات المتفائلة والمتشائمة لكل بعد لبناء نظرة استراتيجية شمولية.
الفجوة الثانية بعملية التحليل الاستراتيجي التي تعتمد على التحليل الرباعي (SWOT Analysis) والتي تعد من اولى وأهم خطوات التخطيط الاستراتيجي، اذ تقوم العديد من المؤسسات بعملية التحليل ولكنها للاسف لا تسقطها على واقع الاهداف الاستراتيجية، وبالتالي فان الاهداف الاستراتيجية تكون بجهة والتحليل الاستراتيجية بجهة اخرى!!. فتظهر الفجوة بشكل واضح بين مخرجات التحليل والاهداف الاستراتيجية وبالتالي تفقد عملية الترابط بينها.
قياس الفجوة الاستراتيجية فن وعلم يبحث عن الفجوات الاستراتيجية في بناء المؤسسة الاستراتيجي والذي قد يؤثر على جميع المفردات التنظيمية والتي تشكل عائقا للوصول الى اهداف المؤسسة وغاياتها الاستراتجية وبالتالي الى محدودية الاسهامبالتقدم والنهضة والحضارة للبلد. فمنظومة الاداء المؤسساتي على مستوى الدولة مليئة بالفجوات التي تنتظر أن تُملأ، وهي انعكاس لاسقاطات الفكر الاستراتيجي، فغياب العقل الاستراتيجي الذي ينتج الفكر الاستراتيجي يؤدي الى المزيد من الفجوات المتعددة والمتنوعة وتعميقها.
فالفكر الاستراتيجي يشير الى الوعي الكافي بالمشكلة المدروسة وتحديد جميع ابعادها ويربطها بتاريخ النشوء والجهاز المؤسسي المسؤول عنها كما ويربطها بالواقع السياسي والاقتصادي والتقني والاجتماعي المحيط ويحاول ان يرسم مساراتها وانعكاساتها المستقبلية.والفكر الإستراتيجي هو الطاقة العقلية التي تنعكس على الخطة الاستراتيجية باهدافها ووسائلها وتحيقيق الملاءمة والتوازن بينها وتجنب المخاطر.
نحن الان احوج ما نكون الى الفكر الإستراتيجي فهو أحد ابرز الإحتياجات المصيرية وأحد الفجوات والفراغات القاتلة لدى العديد من الادارات العليا، فالفكر الاستراتيجي هو الاقدر على خلق المستقبل الأفضل.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد