حياة جديرة بالاهتمام

mainThumb

12-04-2023 03:55 PM

نادتها أمها ، وهي على فراش المرض ، ثم قالت لها بصوت واهن وعينان ذابلتان :
ـــ أنا سأموت ... ولقد كتبتُ البيت، والسيارة،والمستودع باسمك..أنا ذاهبة إلى الله ... أرجوك لا تبكي ولا تصرخي ! وإنما بعد أن تدفنني... اذهبي إلى أهلك الحقيقيين.... أمك.. أبوك...
أشارت بيدها بأن لا تقول شيئا....
ـــ أرجوك ... لا تقولي شيئا ...لأن أي شيء تتفوهين به لن يُفيدك... إنك لا تعرفين أما غيري.. لكن بإمكانك أن تعيشي مع أمك الحقيقية ... وإخوتك.. أبوك..
العنوان مُدون على ورقة صغيرة ، تجدينها في الخزانة البنية الصغيرة ...
لا يصدقونك ... أنا متأكدّة أن أمك ستحس بك ... وإن أحستْ بالتشويش أخبريها باليوم الذّي كانت ترتدي فيه فستانا أزرقا ، وجاكتة سوداء ، وزوجها يلبسُ معطفا بُنيا ...
كنتِ تبلغين من العمر سبعة أشهر أو أقل، وقد كُنتِ مصابة بالحمى... كان الفصل شتاءَ ، الأسبوع الأول من شهر جانفي ....
غافلتهم جميعا... أمك، أبوك، الطبيب وثلاث ممرضات، وخطفتك... كنتُ عاقر، وحياة المرأة بدون أولاد صحراء قاحلة، بل جحيم، وزّوجي لم يُعارض وإنما فرح لأن ذلك يحمى علاقتنا الزوجية، كما كان دائم التفكير في الشيخوخة!
لقد تعمدتُ أن أحتفظ في ذاكرتي بكل ما يخصك ويخص عائلتك، فكنتُ أنصتُ باهتمام إلى والدك وهو يجيب على أسئلة الممرضات، لأني كنتُ متيقنة بأن هذا اليوم سيأتي....
وانتقلنا من تلك المدينة إلى هذه المدينة ..
أذهبي وعيشي معهم ... وستُخطبين من عندهم ... أما أنا فأطلب منك فقط أن تسامحيني، وبين الحين والأخر تزورين المدينة وتذهبين إلى المقبرة تترحمين علي وتقرئين بعض الآيات من القرآن الكريم عند لحدي...
حياتنا كانت جديرة بالاهتمام ، وأنا ووالدك لم نبخل عليك بشيء ... ولا نعرف ماذا كان سيحدث لنا لو لم تكوني معنا ...
لا تبكي أرجوك ...
افرحي لأنك ستعودين إلى حضن أمك ...
نظرت إليها طويلاَ ... جرت دمعات من عينيها ... ثم أغمضتهما .. وتوقفت أنفاسها ....


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد