الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية

mainThumb

18-06-2023 03:43 AM

ساهمت العولمة خلال العقود الماضية بزيادة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر نحو الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية، وقد أدى ذلك إلى تنمية الاقتصادات نحو الابتكار وتعزيز الانتاج، وفي ظل المنافسة الشديدة، حاولت الدول العربية جاهدة على جذب الاستثمار من خلال تقليل القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي المباشر، بتوفير العديد من الحوافز الضريبية والإعانات، وتبني سياسات مشجعة وحالت استخدام الموارد المحلية بالشكل الأمثل.
.
ولكن بالنظر الى حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية، نجد أنه ما زال قليل نسبيًا مقارنةً مع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، كما أن درجة عدم الاستقرار المرتبط بمخاطر الاستثمار الأجنبي المباشر مرتفعة في الدول العربية مقارنة بالدول المتقدمة، مما أدى الى الانخفاض في معدلات النمو.
.
وعلى مستوى المنطقة العربية، نلاحظ أن هناك تذبذب وتباين كبير في الاستثمار الأجنبي المباشر بين الدول العربية خلال العقد الماضي، فعلى سبيل المثال، أربعة دول عربية حققت ارتفاع في الاستثمار الأجنبي المباشر وهي الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر عٌمان، بينما باقي الدول العربية تعاني من انخفاض في الاستثمار الأجنبي المباشر.
.
وعلى مستوى عام 2021، فقد حصدت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغ قيمة 20 مليار دولار امريكي وبنسبة 40٪ من مجموع الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى الدول العربية، تليهما المملكة العربية السعودية بقيمة 19 مليار دولار وبنسبة 37٪، ومن ثم مصر بقيمة 5 مليار دولار وبنسبة 10%، ثم عٌمان بقيمة 4 مليار دولار وبنسبة 8٪ والمغرب بقيمة 2 مليار دولار وبنسبة 4%، وكان الاستثمار الأجنبي المباشر قليل جدا بقيمة أقل من نصف مليار دولار وبنسبة تراوحت بين 3% و0% مثل والبحرين والجزائر والاردن وتونس وقطر واليمن والكويت والعراق.
.
وبالنسبة للأردن، فقد كان التقلب كبير في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، وتناقص بشكل واضح خلال العشرة سنوات الماضية، حيث بلغ قيمة الاستثمار الاجنبي في عام 2012 تقريبا 1.5 مليار دولار، ثم بعد ذلك بدأ يتزايد الى أن وصل الى القمة في عام 2017 وتجاوز قيمته 2 مليار دولار، ولكن بعد ذلك بدا يتراجع بشكل متسارع الى أن وصل في قيمته الى نصف مليار دولار امريكي في عام 2021.
.
هذا التقلب والتراجع في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في معظم الدول العربية انعكست آثاره السلبية على اقتصاداتها المحلية والوطنية بشكل عام، حيث أنه أدى الى انخفاض فرص النمو الاقتصادي، وانخفاض الإنتاجية، وأثر بشكل سلبي على سوق العمل، بتقليل فرص العمل، ما زاد من معدلات البطالة في السنوات الأخيرة، كما أنه أضعف القدرة التنافسية لدى الشركات المحلية في الأسواق العالمية، وأثر بشكل سلبي ومباشر على سوق العمل.
.
إضافة الى أنه أثر على إيرادات الحكومة، حيث أن الانخفاض في الاستثمار الأجنبي أدى الى تخفيض التدفق النقدي من الشركات الأجنبية والضرائب المحلية التي يتم تحصيلها على الأرباح الناتجة عن هذه الاستثمارات الأجنبية، ما أدى إلى زيادة العجز في الميزانيات الحكومية وتقييد قدرتها على تنفيذ الإنفاق العام وتوفير الخدمات العامة، وأخيرا أدى انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في معظم الدول العربية الى انخفاض التحويلات النقدية الواردة من الشركات الأجنبية، مثل الأرباح والعوائد على الاستثمارات، وهذا قد أثر على قوة العملة المحلية وزاد من ضغوط النقد الأجنبي.
.
يبقى التساؤل الآن، لماذا لم يتجاوز الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية بأفضل حالاته عن 55 مليار دولار امريكي خلال السنوات الماضية، وما هي الأسباب التي أدت الى تقلب وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في معظم الدول العربية؟ هذا ما سيتم التطرق اليه في المقال القادم ان شاء الله.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد