أوهام الحل الخارجي لأزمة السودان
الحقيقة أن التدخلات الدولية لوقف الحروب وفرض السلام قضية معقدة، ونتائجها كانت فاشلة في أكثر الحالات، من التدخل الأميركي في الصومال عام 1993، إلى ليبيا واليمن أخيراً، ومع ذلك نرى من يدعو ويعلق آمالاً أو أوهاماً على مثل هذا التدخل. هذا على الرغم من أن هناك تجارب ماثلة توضح أن التدخلات الدولية يمكن أن تضر أكثر مما تنفع، وتؤدي أحياناً إلى إطالة أمد الصراعات، وزعزعة الاستقرار مثلما حدث في العراق وأفغانستان على سبيل المثال لا الحصر.
لتخفيف وقع دعوات التدخل الخارجي، يجادل البعض بأن المقصود ليس تدخلاً دولياً، بل أفريقياً في إطار شعار «حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية». في كل الأحوال، فإن أي تدخل عسكري دولي ليس وارداً أصلاً في ظل انشغال العالم، والغرب تحديداً، بحرب أوكرانيا، لذلك يبقى الحديث مركزاً بالضرورة على خيار قوات أفريقية ترسل إلى السودان ضمن ترتيبات لوقف الحرب وفرض السلام، أسوة بما حدث في الصومال في 2007، أو في دارفور في 2008، أو في جنوب السودان عام 2013، علماً بأنه في كل هذه الحالات لم يؤدِّ التدخل إلى إنهاء الصراعات وتحقيق الاستقرار.
والسؤال هو: في الحالة السودانية المعقدة، هل الهدف من التدخل الخارجي الذي نسمع البعض ينادي به لوقف الحرب، هو إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل اندلاعها، والوقوف في محطة «الاتفاق الإطاري» مرة أخرى؟
وإذا كان الأمر كذلك، فهل سيكون هذا حلاً أم إعادة إنتاج للأزمة ذاتها التي قادتنا إلى هذا الوضع المزري؟
لقد فرضت الحرب واقعاً جديداً وغيّرت الكثير من المعادلات سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وأي حلول سوف تتطلب معالجات جديدة، ورؤية توافقية لمواجهة متطلبات إعادة الإعمار، وتحقيق الاستقرار المطلوب لإخراج البلد من أسوأ محنة يمر بها منذ فترة طويلة.
محاولة القفز على الواقع الجديد الذي أفرزته الحرب سيقود السودان إلى دورة أخرى من عدم الاستقرار والحروب، ويجعله عرضة لمخططات الطامعين في أراضيه وخيراته، والساعين لتقسيمه لتحقيق مخططاتهم. فليس خافياً على أحد أن الانقسام الموجود وسط القوى السياسية إزاء استدعاء التدخل الدولي أو الأفريقي لفرض حلول عسكرية وسياسية، موجود أيضاً في الشارع السوداني. الأخطر من ذلك أن استدعاء قوات دولية أو أفريقية لن يعني فقط استمرار الصراع وعدم الاستقرار، بل قد يفتح الباب أمام احتمالات زحف الإرهاب إلى السودان، والأمثلة كثيرة من العراق وسوريا وأفغانستان، إلى الصومال واليمن.
اللافت أن الذين يتبنون شعار «لا للحرب» تراهم يركضون اليوم لاستدعاء التدخل الخارجي في السودان، وهو في تقديري اعتراف بفشل النخب في حل مشاكلها وتنحية خلافاتها جانباً، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الفئوية، وتقديم حلول تتجاوز الانقسام السياسي والآيديولوجي، ما يزيد أزمات البلد الذي يدفع اليوم أفدح الأثمان لهذا الفشل المتكرر.
لن تأتي الحلول من الخارج، وإن فرضت بقوات أو قرارات دولية فسوف تكون أوهن من بيت العنكبوت. الأزمة سودانية والحل سوداني، أو هكذا يجب أن يكون. وإذا عجز المتصدرون للمشهد عن تحقيق الحل فالأفضل أن يتنحوا ويتركوا الساحة لغيرهم، بدلاً من محاولة العودة على «ظهر» التدخل الخارجي. وإذا كانت القوى السياسية تقول إن الإسلاميين يستخدمون هذه الحرب للعودة إلى السلطة على ظهر الجيش، فإن استدعاء هذه القوى للتدخل الخارجي يضعها أيضاً في موقف الاتهام بأنها تريد تحقيق أجندتها على ظهر قوات أجنبية بحجة وقف الحرب وحقن الدماء.
بدلاً من البحث عن الحلول في الخارج، أو المجيء بوصاية دولية وقوات أفريقية، الأجدى للقوى السياسية أن تبحث عن حلول داخلية مهما تطلب ذلك من مثابرة، ومن نبذ للمصالح الشخصية والطموحات السياسية من أجل مصلحة البلد. وعلى هذه القوى العمل لكسب الشارع إلى جانب مشروعها للحل، أو تلمس نبضه وتعديل مواقفها تبعاً لذلك. لقد خسرت هذه القوى الكثير من رصيدها الشعبي بسبب العثرات والممارسات خلال السنوات الأربع الماضية، وبسبب تباين المواقف في ظل الحرب الراهنة.
السودان بعد هذه الحرب يحتاج إلى مشروع توافقي، وخريطة طريق واضحة للمسار الانتقالي، تبتعد فيها القوى السياسية عن صراعات السلطة وسباق المقاعد، لتفسح المجال لحكومة كفاءات مستقلة تماماً، كي تتفرغ هي لوضع مشروع متكامل لقضايا الحكم والتنمية والديمقراطية والتفاهم مع المكون العسكري بشأن الإصلاح المطلوب في القوات المسلحة وسد الثغرات التي كشفت عنها هذه الحرب، وبناء جيش قومي مهني يبتعد عن السياسة التي نخرت في جسده وأضعفته وخلقت فجوة بينه وبين غالبية الشعب. فهذا الإصلاح لن يتحقق بإرادة خارجية، ولن يفرضه المدنيون، بل يتطلب تفاهماً وتعاوناً بين المكونين العسكري والمدني لوضع التصورات والخطوط العريضة، بينما تترك الجوانب الفنية للمختصين العسكريين ممن هم في الخدمة أو من أهل الكفاءة من العاملين.
تبقى بعد ذلك مشكلة مستقبل «قوات الدعم السريع» وإمكانية دمجها في القوات المسلحة بعد كل هذا الذي جرى. فهناك مَن لا يزال يتحدث عن هذا الدمج باعتباره الوصفة لوقف الحرب، ولإعادة هيكلة القوات المسلحة، وبناء الجيش الوطني المهني الذي يبتعد عن السياسة. في تقديري أن مثل هذا الكلام يفرط في التفاؤل، ولا يستصحب الحقائق والمواجع التي أفرزتها هذه الحرب. لقد أثبتت الحرب للكثيرين أن «قوات الدعم السريع» بممارساتها التي رأوها في دارفور ثم في الخرطوم، وبارتباطها مع مخططات خارجية، لا تصلح للدمج في الجيش وإلا أفسدته ودمرت نظاميته ومهنيته. أضف إلى ذلك أن هذه الممارسات نفرت المزيد من المواطنين المدنيين ومن العسكريين منها، وعززت حجة حلها، وبالتالي فإن ربط إنهاء الأزمة الحالية بدمج «قوات الدعم السريع» قد يكون بمثابة وضع قنبلة موقوتة قرب برميل بارود، بما يعني نسف جهود أي حل يحقق الاستقرار ويبعد شبح الانقسامات والحروب.
الملك يؤكد ضرورة الالتزام بتنفيذ اتفاق إنهاء الحرب بغزة
بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع
فضيحة استخباراتية تسببت بمقتل أسير إسرائيلي بغزة ..  تفاصيل
شراكة أردنية – يمنية لتعزيز التصنيع الغذائي 
وفد من التعليم العالي يزور تركيا 
نقيب المعاصر يكشف سبب ارتفاع سعر الزيت وموعد انخفاضه
رئيس الوزراء يشارك اليوم بالقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية
محاولات للتوصل إلى اتفاق بشأن المناخ قبيل كوب30
غوغل تغيّر أيقونات الخرائط والصور بتصميم عصري
خبراء: كأس العرب محطة مهمة للنشامى قبل المونديال 
قطر تؤكد دعمها للوصاية الهاشمية وتعزيز التعاون مع الأردن
مركز الملكة رانيا: التحول الرقمي ضرورة للطالب والمعلم
وزير المياه يوجّه بزيادة صهاريج وتسريع محطة البربيطة
ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن  ..  تفاصيل
أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات  ..  فيديو
إحالات للتقاعد وإنهاء خدمات موظفين حكوميين ..  أسماء
الحكومة ترفع مخصصات الرواتب والتقاعد لعام 2026
مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية في وزارة التنمية ..  أسماء
تشكيلات إدارية في وزارة التربية… أسماء
أسرار الحصول على خبز هش وطري في المنزل
التربية: دوام المدارس المعدل  الأحد  ..  والخاصة مستثناة
تحذير من مصفاة البترول للأردنيين
مياه العقبة تحدد أسماء وموعد الامتحان التحريري
انخفاض الذهب في السوق المحلية السبت
مأساة سوبو ..  ظلم مُركّب في أميركا

