حرب بلا إعلام وطني!
تنفرد الحرب في السودان بظواهر جديدة وفريدة تجعلها تختلف عن كثير من الحروب الأهلية/ الداخلية، وتحتاج لدراسات عميقة ونوعية تشرح عوامل ومسببات التفرد والاختلاف.
واحدة من هذه الظواهر هي الغياب الكامل لمؤسسات الإعلام الوطني عن ساحة المعركة، واعتماد الطرفين وجمهور المتلقين على وسائل الإعلام العربية والأجنبية، ووسائل التواصل الاجتماعي، بكل ما يعنيه ذلك من غياب الرؤية الوطنية، وغياب سيادة مفاهيم المصلحة العامة والحساسية العالية التي قد تكون قيداً مقبولاً على الإعلام الوطني أثناء الحرب.
منذ اندلاع المعارك يوم السبت، الخامس عشر من أبريل (نيسان)، استطاعت قوات «الدعم السريع» السيطرة على مباني الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بأمدرمان، والتي تضم عدداً من القنوات العامة والمتخصصة، بالإضافة إلى محطتي الإذاعة والتلفزيون الرئيسيتين، وعدد أيضاً من المحطات العامة والمتخصصة، وكذلك مباني هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني التي تمد محطات الإذاعة والتلفزيون الخاصة بالموجات والترددات التي تبث عليها. ولأسباب فنية، ولغياب الخبرة المتخصصة، لم تستطع قوات «الدعم السريع» الاستفادة من ميزة سيطرتها على المباني والأجهزة؛ إذ لم تستطع تشغيلها والاستفادة منها، إلا من بث ضعيف ومتقطع لإذاعة أمدرمان.
وللأسباب نفسها غابت محطات التلفزة الخاصة، وعشرات من محطات الـ«إف إم» الخاصة، لارتباطها بهيئة البث من ناحية، ولوجود مبانيها ومكاتبها في مناطق الحرب. وبعد أسابيع من الحرب بدأ تلفزيون السودان البث عبر إحدى المحطات الإقليمية؛ لكن انحصرت البرمجة في مواد التعبئة والحشد العسكري.
وكانت الصحف المطبوعة تعاني من الأوضاع الاقتصادية المتردية، والتي أثرت على مدخلات إنتاج الصحف وارتفاع تكلفتها، مع ضعف حركة الطباعة والتوزيع، وتوقف كثير منها طواعية، بينما ظلت قلة قليلة تكافح للبقاء على قيد الحياة، ثم جاءت الحرب لتقضي على فرص بقائها بشكل تام، ومع الأسباب نفسها لتوقف محطات الإذاعة والتلفزيون، لوجود مكاتب الصحف والمطابع في قلب الخرطوم التي لا تزال منطقة حرب لا يمكن الاقتراب منها.
ومنذ سنوات بدأت الصحف الإلكترونية في الظهور؛ لكنها لا تزال بعد هذه السنوات تتعثر وتعجز عن أن تحجز لها مكاناً عند القراء، أو تغطي تكلفتها من الإعلانات والاشتراكات، أو أيٍّ كان. معظم الصحف التي تحمل اسم «صحافة إلكترونية» هي مشروع شخصي لأفراد يحملون عبء مطاردة الأخبار وصياغة التقارير، ثم نشر مقالات رأي لكُتاب بعضهم غير معروف، بجانب إعادة نشر مواد من صحف ومواقع عربية وأجنبية، من دون الحصول على إذن واحترام حقوق الملكية الفردية. وغاب السلوك المؤسسي المهني في مراجعة الأخبار قبل نشرها ومراجعة معلوماتها ومصادرها، ثم إعادة صياغتها على أسس مهنية وسياسية وقانونية سليمة.
هكذا غاب الإعلام المؤسسي، إن صحت التسمية، والمقصود إعلام مؤسسات؛ سواء كانت حكومية أو خاصة، ودخل سوق الإعلام أفراد وناشطون صاروا هم مصادر الأخبار وصانعيها ومروجيها، دون بذل أي جهود للتحقق من صحتها، أو معرفة طريقة كتابتها.
يصحو السودانيون من النوم فيبدأون في مراجعة ما كُتب في وسائل التواصل الاجتماعي في المنصات المختلفة، مثل «فيسبوك»، وهو الأكثر انتشاراً بالسودان، ثم «تويتر»، وأخيراً بعض الصفحات الخاصة لبعض الشخصيات الشهيرة التي تقدم بثاً حياً على صفحاتها لا يقتصر على الأخبار والمعلومات، بغض النظر عن مدى صحتها؛ بل يتعداه للتحليل والتفسير وتقديم الرأي، وأحياناً حتى التعليمات حول كيفية التصرف في المواقف المختلفة. وتزداد أهمية هذه الصفحات بمدى قرب صاحب الصفحة أو المنصة من المتنفذين من أطراف وقيادات الأطراف المختلفة.
ومع اقتراب الأمسيات يتم التركيز على الفضائيات العربية المختلفة التي تفرد حيزاً كبيراً لأخبار السودان، وتستضيف كتاباً وقيادات سياسية وخبراء مزعومين لشرح وتفسير الأحداث على هواهم، وصار مسمى «خبير استراتيجي» مصدراً للسخرية في وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن صار يطلق في هذه الفضائيات على أي منسوب سابق للقوات النظامية.
ويمارس السودانيون هوايتهم في التصنيف، حتى للفضائيات العربية، ودمغها بالانحياز لطرف أو تشويه صورة طرف آخر؛ لكنها رغم ذلك تحظى بدرجة مشاهدة عالية.
مصدر الخطورة في غياب الإعلام المؤسسي هو أن هناك عوامل إثنية وجهوية وقبلية وسياسية في هذه الحرب، تحتاج حساسية عالية في التعامل معها. وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي التي تتسيد الساحة الإعلامية دوراً كبيراً في التحشيد الإثني والقبلي والمناطقي، وبث خطاب الكراهية المتبادل بين الأطراف، بالإضافة للأخبار الكاذبة والمضللة التي تربك الساحة، وتخلق توتراً كبيراً، وتؤدي أحياناً إلى تصعيد خطير بنشر خطاب الحرب على قواعد شعبية، على أسس إثنية ومناطقية. وهكذا نجد أن الإعلام المهني واحد من أكبر ضحايا الحرب، ويشكل غيابه في الوقت نفسه عاملاً مهماً في التصعيد وزيادة التوتر وإطالة عمر الحرب.
المستقلة للانتخاب تنشر جداول الناخبين المحدثة .. رابط
الوجه الآخر للعالم الرقمي، عالم مُضلل
تزويغ المفردات بين الأوهام والتداعيات
إرادة ملكية بتعيين ريم أبو دلبوح عضوا في مجلس الأعيان
إقبال متزايد على السياحة البيئية في البترا
اختتام فعاليات النسخة السادسة من مسابقة لِنبتكر
نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي يزوران حائط البراق
ملاحة الأردن: نمو ملحوظ في أداء ميناء العقبة
الصفدي يشارك باجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية الإسلامية
بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع
منصة زين ونوكيا تطلقان معسكر الذكاء الاصطناعي التدريبي
تربية الرمثا تفتتح ورشة تدريبية لمديري المدارس
مدير المعهد المروري: هذه المخالفة تستوجب العقوبة القانونية
وظائف شاغرة وامتحانات تنافسية .. أسماء
ارتفاع جديد في أسعار الذهب محلياً اليوم
خبر سار للمكلفين المترتبة عليهم التزامات مالية للضريبة
أسرار حجز تذاكر طيران بأسعار مخفضة
عمل إربد تعلن عن وظائف وإجراء مقابلات بشركة اتصال
الخضير أمينا عاما للسياحة واللواما للمجلس الطبي وسمارة لرئاسة الوزراء
سعر الذهب عيار 21 في الأردن اليوم
قيادات حماس التي استهدفتها إسرائيل في الدوحة .. أسماء
الصفدي يلتقي وزير خارجية كرواتيا في عمّان اليوم
الأعيان يوقع اتفاقية لمصنع الأدوية النووية
هل مشاهدة خسوف القمر مضر للعين