آاه ياعيد هلي ما أحلاك

mainThumb

20-08-2023 08:34 PM


أذكر أنه وفي بحر السبعينيات من القرن المنصرم ...وعندما كانت تهب علينا نفحات قرب العيد كانت هناك استعدادات غير مسبوقة لهذه المناسبة العزيزة علينا جميعا.
فتجد الوالد وقبل أذان الفجر بساعة أو ساعتين قد نهض من فراشه نشيطا وأشعل الابريموس المخصص للطهي وعمد إلى المحماسة المركونة في زاوية المنزل ( وقد كنا في ذلك الوقت قد اشترينا منزلا في كفرنجة وكان بيتا من الطين وكنا فرحين به اشد الفرح وكأنه فيلا في منطقة عبدون ) ويضع والدي رحمه الله المحماسة على الابريموس الى ان تكون جاهزة لتحميص البن الأخضر الذي يكون قد احترس عليه وخبأه لهذا اليوم المبارك ..وتبدأ رائحة القهوة عند تحميصها بالانتشار في أركان البيت وخارجه برائحة طيبة منعشة معلنة بدأ فعاليات العيد ويتم تجهيزها وغليها على النار حتى يكتمل نضوجها وتعبأ في دلة القهوة التي تم إحضارها من الحجاز والتي كانت الهدية المفضلة من الحجاج آنذاك.
وفي الانتهاء من صنع القهوة السادة يكون أذان الفجر قد حان وقته فيقوم والدي بإيقاظنا إلى صلاة الفجر والعيد ونكون أصلا بين النوم والاستيقاض حتى نستمتع بكامل فعاليات العيد , فنلبس ملابس العيد التي تكون بالعادة بدلة من القماش الكاكي ونكون قد ركناها تحت فراش النوم لنجدها صباح العيد وعليها ملامح الكوي وصفاء المنظر .
أما والدي فيرتدي( مزنوكا) وهو ثوبا مفتوحا بشكل طولي لا يحتوي على ازّره ولا يضمه على الجسم إلا خيطا طويلا مثبتا من خلف( المزنوك),وسروالا ابيضا واسعا على هيئة بنطال واعتقد انه يتسع لشوال من القمح لكثرة كمية القماش التي استهلكها.
ويتم أيضا ارتداء (الشورة )والعقال والتي تكون في الغالب بيضاء اللون ويتم الذهاب إلى المسجد الذي تعلو فيه بعد صلاة الفجر تكبيرات العيد الجماعية التي تطرب الأذن .
أما والدتي فتقوم أيضا باكرا لتخبز أقراص العيد بعد أن تحمل معها (العجنة )وبعضا من الحطب إلى فرن الحارة والذي يكون بالعادة أمام بيت إحدى الجارات وتعود إلى البيت بعد الخبيز ورائحة القصماط قد أبهرت أنفس المارة ممن اشتمها.
وتعود والدتي رحمها الله إلى المنزل وتقوم باكرا بارتداء شرش العيد (دلق ) والذي يكون مرتبا بالعادة ولا يتم لبسه إلا للمناسبات الكبيرة كالعيد وحفلات الزواج ..وترتدي أيضا (الحطة) والتي كانت مشهورة في ذلك الوقت وتلف على الرأس بشكل جميل وتكون مصنوعة من الحرير وتلبس فوق الحطة ( العّرجه ) وهي أشبه بقلادة من الذهب على شكل ( رباع ) ذهبية مصفوفة على العرجة وظاهرة للمشاهد وبشكل جمالي أنيق.
أما عن حلويات العيد فيتم تجهيزها قبل يوم من العيد وتخبأ بشكل جيد حتى لا نختلسها نحن الأطفال ونقضمها قضما حيث نكون بعد سرقتها تحت طائلة المسؤولية التي يعاقبنا عليها والدينا انذاك .
اما مكونات حلوى العيد فهو ملبس بألوان زاهية وكمية من توفي ( ناشد إخوان ) وبعضا من باكيتات الراحة أو الحلقوم المنتشرة آنذاك.
وقد كان يؤم البيت في ذلك الوقت بمناسبة العيد الأقارب والجيران والأصدقاء وبشكل دوري تتبادل الناس التهاني بالعيد بقلوب فرحة وبصفاء نية .
أما اليوم فيتم تحضير افخر أنواع الحلويات ومع كثرة الناس والجيران والأصدقاء فيتم تبادل التهاني على التلفونات ولا يتم التزاور بين الناس وتجد المنزل لا يدخله مهنئين بالعيد إلا اقل من أصابع اليد الواحدة ويبقى حلو العيد على حاله ولا يستهلكه إلا أصحاب البيت أنفسهم
هذه أعيادنا سابقا والتي امتازت بالتواصل والتزاور وتبادل التهاني بين أهالي البلدة ...كانت الناس فرحة ومبسوطة تعيش المناسبة وتعطيها حقها الديني والاجتماعي
رحم الله والدينا ووالديكم وكل عام وانتم بألف خير



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد