المستشفى الميدانيّ الأردنيّ في نابلس .. تبديدُ المخاوف

mainThumb

21-11-2023 01:22 AM

أثارت سرعةُ تجهيزِ المستشفى الميدانيّ الأردنيّ في مدينة نابلس بالضفة الغربيّة، تساؤلات كثيرة وجدلاً واسعاً لدى الكثير من المتابعين للشأن الفلسطينيّ، لا سيّما في خضمِّ العدوان الدمويّ على قطاع غزة، وتهديدات المتطرفين الإسرائيليين والمستوطنين لسكان الضّفة الغربيّة بنكبة جديدةٍ بعد "الانتهاءِ" من قطاعِ غزة .
بدايةً، وقبل الخوض في المقاصِدِ من إنشاء المستشفى الميدانيّ الأردني، علينا أن نُذكِّرَ الجميعَ، أنّنا نتعامل مع كيانٍ صهيونيّ عدوانيّ وتَوَسُّعي، يسيطر على حكمِهِ الآنَ قيادات فاشية نازية، وصل بعضُها إلى حدِّ الدعوة لإبادة الفلسطينيين، إذْ دعا "وزيرُ" التراث الإسرائيلي "عميحاي إلياهو" لإلقاء قنبلة نوويّة على غزة، فيما دعا النائب في الكنسيت الصهيونيّ "نسيم فاتوري" إلى حرق قطاع غزّة بالكامل، فيما دعت عضوة الكنيست عن حزب الليكود تالي جوتليب لاستعمالِ "سلاحِ يوم القيامة"، والأسلحة النوويّة قبل فواتِ الأوان للقضاء على حماس في قطاع غزة ، ولم يتوانَ وزير الدفاع الصهيونيِّ "يوآف غالانت" عن وصف الفلسطينيين، أكثر من مرّة، بأنهم "حيوانات على شكلِ بشر".
وجميعُنا يتابع المجازر الدمويّة التي وصل بعضها إلى ألف ضحية في اليوم، دون أن يرفَّ لحكومات الغربِ جفنٌ، والتي تدعم الكيان الصهيونيَّ وتصف هذه العملية البشعة بأنّها "حق.. وواجِبُ اسرائيل في الدفاع عن النفس"، فيما يؤكِّد رئيس وزراء الكيان المحتل "بنيامن نتنياهو" رفضَهُ التوقُّفَ... (...) وهو مستمرٌ في المجازر ضد المدنيين دون رحمة، في صورة بشعة لن ينساها العالم أبدًا، وثّقتها وسائل الإعلام عبر التقنيات التكنولوجية الحديثة سريعة الانتشار، ما جعل سكان الأرض يتابعون بشاعة هذا الكيان في بثٍ مباشر .
هذه الصورة المؤلمة التي تعيشها فلسطين، في مقارعةِ محتلٍ مكوّن من خليط بشريّ لفظته أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية لشدّةِ بشاعَته، يجعلنا في حالةِ شكٍ في التعامل معه، ومن مصداقيته في أيِّ اتفاقٍ أو عهودٍ توقَّع معه، ولا بُدَّ من الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في هذه الظروف العصيبة، وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي، وأعتقدُ أنَّ الموقف الأردني في التعامل مع الحدث ذهب أبعد مما توقَّعَهُ المراقبون، لصالح القضية الفلسطينية، إلى حدِّ وصفِ معاهدة السّلام بأنّها على "الرَّفِّ للغُبار".
وعليه، فإنّ إقامة مستشفى ميدانيّ أردنيّ في نابلس، هو أقل ما يمكن أنْ يقدِّمه الأردن لأشقائِهِ الفلسطينيين في ظل العدوان على غزة؛ لأنّ الكُلّ الفلسطينيّ بحاجةٍ لمساعدة وإسناد، وهو يأتي جنبًا إلى جنب مع محطّتين جراحيّتين للأردن في رام الله وجنين، إضافة للمستشفى الميدانيّ في غزّة، ولا يأتي ترجمةً لمعلوماتٍ حول حدوث عمليات تهجير لسكان الضفة الغربية إلى الأردن، مع التأكيد دائمًا أنّ هذا الكيان لا يتوانى عن أيّ جريمة، والمجازر المفتوحة في غزة شاهدة على ذلك .والأردن، أراد أن يكون هذا المستشفى في قطاع غزة؛ لتقديم الرعاية الفورية للأهل هناك، إلا أن طبيعة الظروف الحالية التي يشهدها القطاع، حالت دون ذلك .
وإنّ اختيار مكان المستشفى في نابلس، جاء برغبةٍ أردنية ولأسباب أمنيّة، بعيداً عن نقاط التماس مع قوات الاحتلال، وليتمكن الفريقُ الطبيّ من تقديم الخدمات اللازمة للشعب الفلسطيني، خاصة لسكان غزة بعد توقف العدوان على القطاع .ولِمَن يقول إنّ المستشفى جاءَ سريعاً، نوضح هنا، أنَّ الأردن بفضل الله والقيادة الحكيمة، يملك خبرة واسعة في القطاع الطبيّ، وهو متقدم في هذا المجال، ويملك وفرةً في المستشفيات الميدانية التي أنشأها خلال فترة سنوات وباء كورونا، ويستطيع أنْ يُرسِلَ المزيدَ في عدة أيام .
المستشفى الأردنيّ في نابلس ليس الأوّل، ولنْ يكونَ الأخير، فالأردن سيبقى الرّئة التي يتنفس من خلالها الفلسطينيون، ولن يتخلّى عن دورِه العروبيّ والقوميّ إزاء الأشقاء في كلّ الظروف، وإنّ جهده الطبيّ والإغاثي يأتي متزامنًا ومتّسقًا مع جهده السياسيّ والدبلوماسيّ، ورفضه المطلق والدائم لمحاولاتِ إنهاء القضيّة الفلسطينيّة أو تهجير الفلسطينيين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد