بينَ رسالة دانيال ورسالة الاحتلال

mainThumb

27-11-2023 10:36 PM

بناءً على اتّفاق الهدنة الذي انطلق قبلَ أربعة أيام، والذي تمّ تمديده، الإثنين، يومينِ إضافيين، أفرجت كتائب القسام عن عدد غيرِ قليل من أسرى "الاحتلال الإسرائيليّ" لديها، مقابل إفراج الاحتلال عن عدد من الأسيرات الفلسطينيات والأسرى الأشبال من سجونِهِ التي لا فرقَ بينها وبينَ "المسالِخ" حيثُ دم الأسرى مُسالٌ على أرضياتِها.
المراقبُ لعمليّة الإفراج سينتبه لعدّة أمور، ولعلَّ أبرزها هو ما ينقله أسرى الاحتلال المفرج عنهم من سجون المقاومة الفلسطينيّة، فلم نجد لغاية الآن، أسيرًا واحدًا فقط تحدّث عن سوءِ معاملة، أو إهانة، أو تعذيب، بل رأينا مشاهد بدَت صادمة للعلاقة بينَ السّجين والسّجان، رأينا تلويح الأسرى لعناصِر القسام، ورأينا وداعهم لهم، ورأيناهم يحملونَ في أيديهم ما يأكلون، ورأيناهم بصحة جيّدة، ولباس جيّد، وأكثر من ذلك.. رأينا اليوم رسالة الأسيرة وابنتها "دانيال وإيميليا" التي تركتها بخطِّ يدها للمقاومين.. والتي قالت فيها: "ليتَ العالم يقدّر أن نكونَ أصدقاء". هذه الأمنية البسيطة التي ختمت بها رسالتها حولَ حسن التعامل معها ومع ابنتها.
مقابل ذلك كلّه، نجدُ عائلاتِ نحو "عشرة آلافٍ أسيرٍ فلسطينيّ" يقفون على قلوبهم في انتظارَ الأسرى المفرج عنهم ليطمئنوا منهم، ولو قليلًا، على أبنائهم الذينَ انقطع الاتصال بهم منذُ خمسينَ يومًا، ولا يجدونَ طمأنينةً.. بل يجدون ما يسلبُ النوم من أعينهم، فما قاله الأسرى المفرج عنهم عن وضع السّجون، والحرمان والعقاب الجماعيّ والضرب المبرح، وما لاقوه فترة السّجن وأيضًا فترة الإفراج عنهم وحتّى خلال الطريق، هو توحّش وجنون لا يمكن تخيّله.
من الجيّد في هذا السياق أيضًا أن نفكّر في سؤال: "لماذا تقوم شرطة الاحتلال بهذه الاقتحامات العنيفة لمنازل الأسيرات المفرج عنهنّ؟".. وتبدو خيارات الإجابة كثيرة، فهذا "احتلال" وهذا المتوقع منه، لكن أضِف إلى المتوقع أنّ هذا من الممكن أن يعكس مِقدار الانقسام داخل دولة الاحتلال.. حيثُ أنّ المتطرف "بن غفير" وزير ما يسمى الأمن الداخليّ، والذي يعارض هو وحزبه الصفقة، هو المسؤول عن "الشّرطة" في مدينة القدس، وهو الذي يعطي التعليمات المباشرة بهذه الاقتحامات والتّضييقات.. وربما (من الممكن) القول إنّ المؤسسة الرسميّة في دولة الاحتلال قد تفقد السيطرة على "بن غفير" في وقتٍ ما.
أمامَ هذا.. نفرِّقُ بين المُقاوم صاحبِ الحقّ والمنتصِرِ به.. الذي لم تستطع كلُّ الممارسات الوحشيّة للاحتلال أن تفقده إنسانيّته، ... وبينَ هذا "الاحتلال" المهزوم معنويًا وإنسانيًا ونفسيًا وواقعيًا وأخلاقيًا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد