يا ولدي

mainThumb

02-02-2024 02:01 PM

تحية الشوق والمحبة لك وللأوفياء في حي الأزهري،
قد تفزعك صورتي؛ لكنك استمع بعقلك وقلبك لرسالتي هذه.

لقد قرأت رسالتك يا ولدي والتي تذكرني بها عن أيام طفولتي ودفاتر أحلامي في حي الأزهري؛ وتذكرني بإطلالة نافذتي على المسجد من جهة وعلى قبر سمية من الجهة الأخرى؛ وتذكرني بأطفال الحي الذين يكركرون صباح مساء بألعابهم؛ وتذكرني بأشجار العنب والزيتون.
يا ولدي
تذكر دائماً أنني لم أرحل من حي الأزهري إلا لأرسم لك ولأخواتك ولأولادك عالما آخر خالياً من الفساد والنفاق وقلة الدين والحسد؛ مبررا لك ذلك بأمور قد تقنعك وإن لم تقتنع ممكن أن تقنع ممن يخافون الله تعالى ويخافون لقاءه:
أولاً تذكرني بطفولتي التي نشأت وترعرعت في حي الأزهري؛ وأي طفولة تعرفها يا أبا عامر؛ الحرمان والفقر ؛ وإعاقة لازمتني منذ طفولتي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ثانياً: تذكرني بإطلالة نافذتي على المسجد؛ أرض الله كلها مساجد؛ وأي مسجد تذكرني ؛مسجد أبا دجانة الأنصاري رضي الله عنه ؛ الذي عزّ عليه رحيل جاره؛ وأي جار تذكرني به يا أبا عامر؛تحس أنك تعيش في حي من أحياء لندن؛وأي إطلالة تذكرني بها يا أبا عامر؛ يرفعون الآذان ويأمون بالمصلين؛ وياكلون مال الحرام ويفرقون الأخ عن أخيه؛ خدعنا بحي الأزهري بمبطنين أزهريين ؛ ألم تسمع قول شوقي يقول:
برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا
ثالثاً: تذكرني يا أبا عامر بإطلالة نافذتي على قبر سمية رحمها الله؛ أرض الله واسعة يا ولدي؛ وسمية طير من طيور الجنة؛ وهي عند الله لا خوف ولا حزن عليها؛ ويمكن أن تسمي طفلة لك باسم سمية فنقول عاشت الأسماء؛ ومن خلف لم يمت يا ولدي. وإنني أوصيتك يوما إن أخذ الله أمانته فاجعل قبري في صرة لعلي أشم أريجها بعد العناء.
ثالثاً: تذكرني بأشجار الزيتون والعنب؛ غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون؛ ولقد زرعت في صرة مئات من أشجار الزيتون والعنب وغيرها؛ فسبحان الله يا ولدي حتى أشجار حي الأزهري بكت لرحيلنا؛ فشح زيتها.
رابعاً: تذكرني بالذكريات الجميلة والجلسات المباركة؛ ممن كانوا يجلسون معنا يا ولدي لقد رحلوا: فمن بقي في الحي غير قاطع شجر وهادم بناء؛ لقد اشتريت لك ولإخواتك وأولادك يا ولدي عشرات الدنمات بدل الصراع على أمتار مع أبناء جلدتنا من الإخوة والأخوات وغيرهم.
خامسا: أي وفاء في حي الأزهري يا ولدي؛هل سألك أزهري عني يوماً؟ هل زارك أزهري يوما: لا تنخدع بالكلمات الرنانة البراقة؛ في صرة الوفاء يا ولدي؛ ألا تعرف أبا إبراهيم المساعيد؛ كان أول المهنئين لي بمنزلنا الجديد؛ ونعم الجار؛ النار تخلف رماد يا ولدي؛فماذا بقي في الحي بعد رحيل أبا قاسم والمختار وأبناء الخال والعم؛ لا تجرك العواطف يا ولدي؛ فاتركها وكن كوالدك ذو الإرادة الحديديه ؛ لم يستسلم يوما إلا لإرادة الله تعالى.
خامساً: في صرة يا ولدي فضاء رحب؛ فلا حسد ولا نفاق؛ ولا صوت ولا مزمار ، لا عبد ولا أمة ولا أرقاء في ثياب أحرار.
وللحديث بقية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد