«كأنّه» .. كانَ

mainThumb
(إ.ب.أ)

24-02-2024 02:45 PM


ذَكَر محمد حسنين هيكل، في أحدِ مقابلاتِهِ، التي أعادَ روّاد وسائل التواصل الاجتماعيّ مشاركتها على نطاقٍ واسعٍ، أنّ ثمّة مطعمًا، في «تل أبيب» (داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلة)، يسمّى مطعم «كأنُّهُ».. يقومُ على فلسفة أنّ الجوعَ شيءٌ نفسيّ، ويقدّم حلولًا لإنقاصِ الوزن من خلال هذا الأسلوب؛ إذْ يدخُلُ الإنسان إلى المطعم، فيحضُرُ له النادلُ طبقًا فارغًا، وطبقًا كبيرًا فارغًا أيضًا، فيغرِفُ من الفراغِ إلى الفراغِ، ثمّ يبدأ بتناوُلُ الفراغ، وشربِ مشروبه من الكأسِ الفارغِ أيضًا، متظاهرًا أنّه يأكُلُ. ثمّ يدفعُ حسابه ويخرُج.
مطعمُ «كأنّه» هذا، إنْ وجِدَ فعلًا، يقدّم صورةً طبقَ الأصل، توضّح لنا كيفَ يتمُّ صنعُ القرارِ السياسيّ، والتوجهاتِ العامّة السياسيّة، وهو أيضًا يعطينا جوابًا بسيطًا حولَ سؤال أشدّ بساطة: كيفَ يمكنُ أنْ يموتَ الناسُ في غزّة من الجوع، وأنْ يتساقطوا مثلَ ورق الشّجر والعالمُ ينظُرُ إليهم؟. ويطرحُ أسئلةً كثيرة.. منها.. كيفَ «نتنياهو» الذي يُطيل أمد الحرب، ويقوم ببعثرة الأوراق من خلال كتابة ما أُسميَ «تصوّرًا» لشكل اليوم التالي في قطاع غزّة، يقوم على الرجوع لنقطة الصّفر وافتراض قضايا قامَت بعضُ الدول برفضِها «علنًا»!.. ومنها الكثير.
يدخل العدوان يومه الـ 141، في عالمٍ يسير بشكلٍ طبيعي تمامًا، تحركه يد أمريكا الواضحة، التي توجّهها يدُ الاحتلال الإسرائيليّ، ويقف متفرجًا أو متجنبًا للفرجة، مبدعًا في لومِ الضّحايا أنّهم لم يستطيعوا الموتَ بشكلٍ أقلَّ ضجيجًا تحتَ «بساطير» الاحتلال. ويواصِلُ هذا العالمَ «كأنّ» شيئًا لم يكُن.. مع أنّه كانَ، وكأنّ حقوقَ الإنسان والقوانين والأنظمة وكياناتِ الدول وقرارتها المستقلّة هي كما هي. لا أعرفُ متى يفطَنُ العالمُ أنّ ما بعدَ أكتوبر ليسَ مثلَ ما قبله، وكُلُّ أحدٍ مرشّحٌ أنْ يكونَ مكانَ غزة مستقبلًا؛ فالحقُّ والقانون للقوي.. والقويّ، كما تقولُ الجداتُ الفلسطينيات.. «عايب».



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد