ميناءُ غزّة المؤقت .. بوابةُ التهجير وتنفيذ المُخطط

mainThumb
صورة الأقمار الاصطناعية تظهر ميناء غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023. رويترز

13-03-2024 02:33 AM

جو بايدن رئيسُ الولاياتِ المتحدة الأميركية، الذي يعاني من اضطراباتِ الدماغ التي أضعفت ذاكرته، إضافة الى وهن العظام الذي عرضه للسقوط أمام الكاميرات كثيرًا، لم يمنعه ذلك قبل أشهر قليلة من الذهاب إلى فلسطين المحتلة، للقاء قادة الاحتلال الصهيوني؛ ليتأكد بنفسه من حيازتهم للأسلحة بما يكفي لقصف قطاع غزة وإبادته، وإبداء تضامنه مع الشعب اليهودي، يعلنُ عن قراره بناءَ ميناء في غزة عنوانه اغاثة شعبها المنكوب وتقديم المساعدات له، بعد قتله بالقنابل والصواريخ الأميركية..!!.

الإعلانُ عن بناء الميناء «المؤقت» يأتي بعد قصفٍ متواصل بدأ في 7 أكتوبر 2023 إلى يومنا هذا، لم يبقِ حجرًا على حجر في القطاع، كما قال رئيس وزراء الكيان المحتل نتنياهو في بداية الحرب، الذي أجاز هو وحكومته قصفَ المساكِنِ المدنية والمستشفيات والمدارس، وقتلَ الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وشاهدنا ما وثقته الكاميرات، قيامَ جنودِ الاحتلال المجرّدين من القيم الإنسانية، وهم يعبِّرون عن سعادتهم وفرحهم في ارتكاب المجازر بحقّ الشعب الفلسطيني.

قطاعً غزةَ منكوبٌ اليوم، وشعبه محرومٌ من أدنى الحقوق الانسانية، سواءً تأمين المسكن أو المأكل والمشرب أو الدواء، ومهددٌ بالقتل على مدار الساعة، وشبح الجوع بدأ يفتك به، كما فتكت به طائرات الاحتلال ودباباته، فالاحتلالُ يستخدم سلاح التجويع، بعد ارتكابه جرائم الإبادة الجماعية؛ لتحقيق أهدافه من الحرب.

مع بدء الشهر السادس للحرب، ارتفعت حصيلة العدوان إلى أكثر من 31 ألف شهيد وأكثر من 72 ألف جريح، علمًا أنّ 72 % من ضحايا العدوان هم من الأطفال والنساء وفق إحصائيةٍ لوزارة الصحة في القطاع، فيما تقوم قوات الاحتلال بالاضافة الى ارتكاب المجازر والقصف الجوي والمدفعي والاحزمة النارية بنسف أحياء سكنية كاملة خاصة في خان يونس، وتتأهب لاجتياح منطقة رفح التي يتواجد فيها أعداد هائلة من النازحين من شمال القطاع ووسطه، وهو ما يهدد بارتكاب مجازر واسعة.

في ظلِّ هذا المشهدِ الدمويِّ والمأساوي، يعبِّرُ بايدن عن حزنه «الزائِفِ»، ويقرر بناء الميناء «المؤقت»، مدعياً تقديم المساعدات، وبمباركة قتلة الشعب الفلسطيني، ويرسل بارجةً عسكرية للقيام بمهمة البناء و«إغاثة سكان غزة»...!!.

ما نودُّ قوله، أنّ في المعادلاتِ السياسية، وفي هذه القضيةِ تحديداً، لا يوجدُ في قاموسها أيُّ بعدٍ إنسانيّ ولا أخلاقي، فقد استباحتْ قواتُ الاحتلال بمباركةٍ أميركية كل القيم الإنسانية في غزة، وقتلت كلّ شيء، وسمعنا تصريحات قادة هذا الكيان المصطنع، وهم يدعون إلى قتل كلّ سكان غزة، سواءً بالقنابل النووية أو القصف أو التجويع، فهم كما قال الله تعالى عنهم:» ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ?مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74: البقرة)، كما يقول تعالي:» فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (البقرة: 24)، وهنا واضح أن هؤلاء الفئة من البشر هم وقودُ جَهَنَّم، امتازوا بـ «القسوة الشديدة» التي فاقت قسوةَ الحجارة.

إذن، الميناء الذي أعلن أنه «مؤقت»، هو في عقلية المحتل «دائمٌ»؛ لا سيّما أنه موازٍ للمنطقة التي تسيطر عليها قوات الاحتلال، وللطريق المستحدث المسماةِ بـ» 749» التي تفصِلُ شمال القطاع عن جنوبه، وسيدعم السيطرة الصهيونية على المنطقة، ويمهد للولايات المتحدة بموطئ قدم للاستيلاء على الغاز في بحر غزة، التي تقول الدراسات إنه يوجد بكميات كبيرة جدًا، حددتها شركة بريطانية بحوالي 1.4 تريليون قدم مكعب، أي ما يكفي قطاع غزة والضفة الغربية لمدة 15 عامًا.

ومن أهدافِ الميناء أيضًا، هي تحقيق حلم «اسرائيل» في تفريغ فلسطين ما تبقى من سكانها، بعد أن نفذت المجازر وجوعت السكان وروعت كلّ إنسان، وأعدمت مقومات الحياة، وصار كل إنسان بفطرته الآدمية يبحث عن مخرج لأزمته، وهناكَ، وفق تقارير صحفية، حوالي 100 ألف فلسطيني غادروا القطاع، في حين أنّ الفقراء ينتظرون بصيص الأمل للبقاء على الحياة والاستمرار في العيش.

أمام هذا الواقع الموحِلِ في البؤس، يطلُّ بايدن بالحل الإنساني الكبير لإغاثة سكان غزة، وبكل تأكيد كما قال «قتلة الأطفال» أمثال غالانت وغانتس وسموتريش أنه يجب عليهم تشجيع الفلسطينيين على «الهجرة»، وعندما تأتي السفن، وتتكشف الخطط وتقدم الإغراءات للجوعى والجرحى والبؤساء بحياة آمنة لهم ولأبنائهم، سيتحقق التهجير القسري لا الطوعيّ، فإنّ من أوصل شعبًا كاملًا إلى هذه المرحلة ويدفعه للتشبث بالبقاءِ بالحياة، فلا خيار أمامه إلا المحافظة على أنفاسه وأنفاس أطفاله من هذا الطغيان والتخاذل العالميّ.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد