قادة دولة الكيان: خلوا الأبواب مواربة

mainThumb

17-04-2024 04:04 PM

لقد خلقنا الله نحن بني آدم درجات في كل شيء في المواصفات الخلقية والعقلية والذكاء والفطنة والاستيعاب والفهم والجمال والوسامة والقدرة على التحمل والقدرات والإمكانات والعلم والمال و الجاه … الخ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأنعام: 165))، وذلك ليمتحنا في تميز بعضنا على بعض واستغلاله فيما يرضي الله أو يغضبه.

ولهذا السبب نحتاج إلى التروي والتمعن في تعاملنا وعلاقاتنا مع الآخرين واستيعابنا لتصرفاتهم ذكرانا كانوا أو اناثا صغارا او كبارا متعلمين أو أميين … ووفقا لمستوى كل فرد منهم مما ذكرنا من المواصفات كما قال الله في كتابه العزيز (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (النحل: 125)).

وقال الله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ (البقرة: 83)).

وقال تعالى أيضا (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (الإسراء:53)).

وأن نأخذ بعين الإعتبار أن الإنسان بحاجة لأخيه الإنسان ولا يعلم ماذا يخبيء الدهر لكل منا ولا يبقى على ما هو إلا الله سبحانه وتعالى. وبناء على ما تقدم فعلينا إذا كنا عقلاء ومنطقيين وننظر للمستقبل أن نترك الباب موارباً (أي لا نغلق باب علاقاتنا وتعاملنا مع أي إنسان كاملا بالمفتاح ونلقي المفتاح في البحر) بيننا وبين من اختلفنا معه في اي نقاش او قضية خلافية فنحن بشر ولسنا معصومين من الخطأ. ونترك بيننا وبين من اختلفنا "شعرة معاوية" التي يضرب بها المثل في التعامل مع الناس ومداراتهم وأخذهم بالحكمة والحنكة وفق المقولة: لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إذا شدوها أرخيتها، وإذا أرخوها شددتها.

وهذا ليس ضعفا ولا خوفا من تقلبات الحياة لكنه حباً وتقديراً لكل من بيننا وبينهم علاقات إنسانية، وتحاشيا في التسبب في آلام للآخرين ولا نكون جبارين. يقول جبران خليل جبران: هناك من يتذمر بأن للورد شوكاً، وهناك من يتفاءل لأن فوق الشوك وردة.. ابتسموا للحياة، ترونها أجمل إن شاء الله. للأسف هناك من يغلق الأبواب ويضيّع المفاتيح ولا يترك طريقا للرجعة ويوصد الباب ولا يتركه مواربا، هؤلاء البشر حين تهدأ نفوسهم وتستقر يشعرون بالندم على ضياعهم للمفاتيح التي اختفت في زحمة الحياة. الحياة ألوانها كثيرة زاهية أو داكنة أو حتى سوداء وذلك حسب تقلبات الظروف التي يمر بها ويعيشها الإنسان، الحياة وردة وألوانها تُضفي السّرور، لا تدع الحزن يقتل جمال روحك واترك الباب موارباً. حين تغلق الباب لن تجد من يطرقه وستمضي الحياة وتعود وحيدًا في عالم الوحدة والليل دائما أسودا قال الشاعر: ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَهُ … عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الهُمُوْمِ لِيَبْتَلِي،لمن لم يترك الباب موارباً ويشيح بوجهه ويري الناس من حوله بصور قاتمة ويسأل ماذا فعلت ليشيح الناس بنظرهم، إنها السخرية والاستهزاء والغوص في عالم المجهول. همسة لأولئك المواربين أبوابهم اتركوا باب التسامح والمحبة يرفرف مع نسمات المساء والصباح العليل، ما زرعتموه لن تذروه الرياح بل هي رائحة الورد والياسمين من أولئك الذين أضاعوا الطريق وعادوا حين أظلمت الدنيا في عيونهم. نقول لأبناء عمنا قادة دولة الكيان الصهيوني وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو لا تقسوا كثيرا على من تختلفون معهم في أي قضية وتعايشوا مع الأبواب المواربة فالعمر قصير والسمعة الحسنة هي التي تُخلد ذكر الإنسان بعد أن يصبح تحت الثرى ويشهد على ذلك تاريخه. بعض الناس للأسف لا يتحمسون لإبداء تجاوب أو تقديم مجاملة تجاه ما يظهره الآخرون من تودد وتأسف على زلة من زلات الحياة نحن بشر نخطيء ونصيب فلا نغلق باب الصفح، من الأجدى والأفضل أن يترك الباب مواربا فالحياة تتغير من حال إلى حال وما تقدم اليوم من خير تجده غدًا وفي أي صورة بمشيئة الله. وما ينفع الندم بعد فوات الأوان فلا تترك الندم يتسلل إلى داخلك، الإنسان ذو الحصافة والرؤية البعيدة هو من يقرر متى يغلق الباب ومتى يفتحه ومتى يجعله مواربا. ما أحوجنا ونحن نتعامل بصفة يومية مع بعضنا البعض ومع غيرنا ممن يخالفنا الرأي أن نجعل عقولنا وقلوبنا مفتوحة وليست مواربة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد