حديث الفلك

mainThumb

20-05-2024 04:28 PM

الكاتبة العربية السورية كوليت بهنا والتي قدمت الى الادب العربي والعالمي الكثير خاصة في مجال القصص والرواية، وقدمت سيناريوهات رصينة جدا وهادفة للدراما، ترجمت الكثير من اعمالها الى لغات اجنبية مثل الألمانية والاسبانية والفرنسية، وقد لا تكون كوليت معروفة في دولنا العربية كما هي معروفة في الغرب حالها حال كثير من كتابنا ومفكرينا الذين يقدمون لأمة أقرأ الكثير مما لا يقرؤونه مع كل أسف.
منذ يوم أمس تدور في رأسي احداث لوحة فنية كتبتها كوليت وقدمها الفنان الكبير ياسر العظمة، تدور أحداث اللوحة حول شخصية عالمية تزور دولة عربية بشكل مفاجئ مما يستدعي "استنفار" الأجهزة الأمنية والإعلامية، تظهر اللوحة التي كان عنوانها حديث الفلك، شخصية متنبأ عالمي مشهور جدا يظهر علية الثراء الفاحش وتظهر مقدمتها مدى دقة تنبؤات المتنبئ العالمي، ومدى شغف الجمهور العربي والعالمي بتنبؤاته التي لا تخطئ
وفي خضم استعداد أمنى قوي لحماية الشخصية الهامة وتسابق وسائل الاعلام لتغطية الحدث، يظهر مسؤول أمني وهو يوجه عناصره لضرورة مراقبة جميع تحركات الضيف خاصة وانه من المتوقع ان يتصل به كبار رجال الدولة. تحط طائرته الخاصة في المطار ويكون في استقباله عدد كبير من الجمهور المتشوق لتنبؤاته المثيرة و الدقيقة وعدد من الإعلاميين و المسؤولين ، ويتوجه بموكب كبير الى مقر اقامته بالفندق الفخم ، ويظهر بعد ذلك وحيدا في غرفته الخاصة يتكلم عبر الهاتف بلغة اظنها اسبانية متوترا مضطربا وكأنه يطلب من محادثة في الطرف الاخر من الاتصال شيئا مهما ، لا يكاد ان ينهي المكالمة حتى تظهر علية ملامح الاطمئنان ، تدخل سكرتيرته لتخبره بان عدد كبيرا جدا من المواعيد بانتظاره بعد المؤتمر الصحفي الذي سيعقده في الفندق ليتكلم بشكل عام عن تنبؤاته السابقة وكم كانت دقيقة وصادقة وليعلن في نهايته عن موعد اللقاء المقبل الذي سيقول فيه تنبؤاته للعام الجديد ،خلال اللقاء يظهر علية من جديد ملامح التوتر ويكون الجزء الأول من اللقاء عاما يعيد فيه سرد إنجازاته بطريقة ساخرة ويخرج بعدها عن الهواء خلال فاصل ليتصل بشخص ما يطلبه الإسراع في القدوم ويطمئنه المتحدث وهو يتكلم الإنجليزية بانه قد وصل ويظهر هذا الشخص بسيارة دبلوماسية على باب الفندق وسط ذهول المسؤول الأمني عندما يعلم باللقاء بين الدبلوماسي الأجنبي و المتنبئ خلال الفاصل الإعلاني .
تظهر المفاجئة في الجزء الأخير من اللوحة عندما يسلم الدبلوماسي للمتنبئ ملفا يحتوي على التنبؤات التي سيعلنها في الجزء المتبقي من اللقاء الصحفي ويلمح خلال تسليم الملف بان التنبؤات قد وصلته للتو من الولايات المتحدة وما ان ينتهي اللقاء التلفزيوني الذي يعرض خلاله احداث هامة يتوقع حدوثها في العام المقبل والتي يتطرق فيها لمختلف النواحي الرياضية والسياسية والجغرافية حتى يشير الفنان الكبير بطريقته الساخرة الى ان كل الاحداث الهامة في العالم لا تتم عن طريق المصادفة وانما بترتيب مسبق من الولايات المتحدة.
ربما ذكرني الحدث الأمني أمس والذي راح ضحيته الرئيس الإيراني ووزير خارجيته وعدد من معاونيه بتلك اللوحة الفنية التي كتبتها كوليت خاصة بعدما تصدرت تنبؤات "المتنبئة ليلي عبد اللطيف" مواقع التواصل الاجتماعي وكثير من القنوات والصحف حيث يستذكرون تنبؤها في بداية العام الجاري حيث قالت " هناك طائرة ستشغل العالم ولن ينجو منها أحد في الأشهر الأولى من هذه السنة، والعالم سيبقى مع الإعلام تحت الصدمة لمعرفة ظروف وأسباب سقوط هذه الطائرة"
كلنا نعلم بان النجوم لا تنبئ أحدا وأن الاتصال بعوالم أخرى ينبئون بالمستقبل مجرد هراء وكلنا على يقين بأن الغيب لا يعلمه الا الله، والشيء الوحيد برأيي الذي قد يفسر صدق تنبؤات بعض المنجمين لن يعدوا عما انتجه خيال الكاتبة كوليت بهنا ونفذة الفنان الكبير ياسر العظمة.
ولن أكون متفاجئا إذا ما ثبت ذلك ذات يوم فهذه الدولة التي تتدخل في كل شيء في هذا العالم وتديره لصالحها بكل خبث ووقاحة قادرة على انتاج ما هو أكبر من خيال بهنا وبأداء أفضل من أداء العظمة، أمريكا التي وصفها الراحل الكبير محمود درويش في قصيدته الشهيرة مديح الظل العالي بأنها الطاعون وبأنها التي تقف وراء كل مصائبنا وتتدخل في كل شيء حتى في علبة السردين التالفة التي تصل لشعوبنا مع المساعدات بقولة : يا هيروشيما العاشق العربي امريكا هي الطاعـون.. والطاعـون أمريكا .. نعسـنـا. ايقظتـنا الـطـائـرات وصـوت امريـكا
وامريـكا لأمريكا..وهـذا الافق اسـمـنـت لـوحــش الجو .. نفتح عـلبة الـسـرديـن تقصـفهـا الـمـدافـع... تحتمي بستارة الشبـاك تهتـز البنايـة.. تقفـز الابـواب امريكـا وراء الباب أمريكا.
لست في معرض الدفاع عن إيران ومسؤوليها ولست من المعجبين بها، ولست أعاني من نظريات المؤامرة ولكن ظاهرة التنبؤات الفلكية تلك أثارت انتباهي ولم أجد لها تفسيرا غير الذي قدمته كوليت وياسر. وهنا أوجه السؤال لكم. أي الامرين أكثر منطقية؟ نتاج خيال كوليت أم صدق تنبؤات ليلي عبد اللطيف؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد