إيران تبحث بدأب عن نسختها من غورباتشوف
من جهته، وصف كاتب المقال بزشكيان بأنه رجل يحظى بثقة النظام، مما يجعله قادراً على إدخال إصلاحات لم يسمِّها الكاتب، لإنقاذ إيران من مخاطر لم يسمِّها هي الأخرى. وهذه ليست المرة الأولى التي تدعو فيها عناصر مطّلعة من الداخل إلى إقرار تعديلات في مساره.
في الواقع، كان أول من فعل ذلك، هو الخميني، الذي أصدر بياناً إصلاحياً من ثماني نقاط، والذي لو كان قد تم تنفيذه ربما كان ليجعل إيران دولة ديمقراطية على الطراز الاسكندنافي من دون نظام ملكي. وغنيٌّ عن القول، بطبيعة الحال، إن هذا لم يحدث.
بدلاً عن ذلك، عايشت الأمة الإيرانية عمليات إعدام جماعية، والمضي قدماً في حرب ضد العراق بدا واضحاً أنه من المتعذر الانتصار فيها، ناهيك بتفشي الفساد على نطاق هائل. وبعد عقد، جاء دور الرئيس هاشمي رفسنجاني ليتنكر في هيئة بطل الإصلاح.
ومع ذلك، فإنه نظراً لأنه بحلول ذلك الوقت لم يحرز برنامج ميخائيل غورباتشوف الإصلاحي وسياسة البيريسترويكا التي تبناها أي نتائج إيجابية ملموسة، أطلق رفسنجاني على نفسه لقب «جنرال إعادة الإعمار»، متخذاً من الحاكم الفعلي للصين آنذاك، دينغ شياو بينغ نموذجاً له. وكانت الرسالة: لا حريات سياسية، بل نمو اقتصادي وتوزيع للدخل بوتيرة أسرع.
ومثلما كان متوقعاً، سرعان ما اتضح أن نموذج دينغ لن ينجح في إيران، بخاصة أن الجمهورية الإيرانية كانت مختلفة عن الجمهورية الشعبية.
في العقد التالي، جاء دور محمد خاتمي ليرتدي عباءة الإصلاح في أثناء توليه الرئاسة. وكان لدى خاتمي طموح أكبر: تصحيح أخطاء النهضة الأوروبية، وتحويل إيران إلى نموذج يُحتذى به للبشرية بأسرها. إلا أن ما حدث كان مختلفاً. فقد شهدت إيران موجة جديدة من الإعدامات، وسلسلة من أعمال القتل والاختفاء بحق معارضين حقيقيين أو متخيَّلين، بالتزامن مع تردي الأوضاع الاقتصادية.
في المقابل، اتسم خليفته محمود أحمدي نجاد بقدر كافٍ من الحكمة دفعه للالتزام بالتراتيل الخمينية عبر الدعوة إلى تدمير إسرائيل، والوعد «بطرد» «الشيطان الأكبر» الأميركي من الشرق الأوسط. بعد ذلك، جاء دور حسن روحاني في الرئاسة، لإحياء فكرة غورباتشوف عبر قبول وضع الجمهورية الإيرانية تحت وصاية ما تسمى مجموعة 5+1 بقيادة الولايات المتحدة. وبعد ثماني سنوات، ودّع منصبه، تاركاً إيران أكثر عزلة وفقراً، وأكثر تضرراً من الفساد والعنف.
من جهته، كان لينين أول مصلح في الاتحاد السوفياتي. عام 1921 كتب في رسالة إلى عضو المكتب السياسي ليف كامينيف: «لقد أسسنا ديكتاتورية البروليتاريا، لكنّ هناك عدداً قليلاً من العمال في الحزب. ولإنعاش الاقتصاد، نحتاج إلى تعاون قطاعات من البرجوازية». بعد ذلك، قدم برنامجه للبيريسترويكا، تحت عنوان السياسة الاقتصادية الجديدة. وبموجب هذه السياسة، سيحافظ الحزب على ديكتاتورية البروليتاريا من دون البروليتاريا ويسمح للبرجوازية بإصلاح الاقتصاد. كما يميل الناس إلى نسيان أن ستالين، بعد أن تسبب في وفاة عشرات الملايين جراء سياسته للتنظيم الجماعي، حاول هو الآخر إنشاء نسخته من لعبة غورباتشوف. وبالمثل، وبعد أن فاز بالسلطة بعد صراع دام سبعة أشهر ضد الستالينيين المتشددين، أمضى نيكيتا خروشوف ثلاث سنوات في تعزيز وضعه، قبل أن يطلق مبادرة على غرار غورباتشوف في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي عام 1956. وندد بعبادة شخصية ستالين، لكنه سرعان ما اكتشف أن النظام السوفياتي، لا يمكنه أن يتجاوز المسافة المسموح بها بعيداً عن المقود الآيديولوجي.
إن أولئك الذين يخدعون أنفسهم بالاعتقاد بأن النظام الآيديولوجي يمكن إصلاحه يبحثون دوماً عن شخص ليس لديه ملف آيديولوجي واضح، وسيرة ذاتية مفتوحة على تأويلات مختلفة. وجدير بالذكر أنه عام 1921 لم يكن لينين معروفاً بعد بأنه المستبد الوحشي الذي كان عليه. ولم يتضح المدى الحقيقي لجرائمه حتى عام 1956. وكان يجري النظر إلى ستالين بوصفه «أبو الأمم» أو «العم جو» المحبوب.
من ناحيته، كانت للخميني سيرة سياسية هزيلة تتألف من خطابين مكتوبين بصياغة رديئة، وعشرات المقابلات التي أجراها مراسلون متجولون في باريس. وعام 1981، لم تكن الطبيعة الحقيقية لنظامه واضحة كما أصبحت بعد عقد. وبالمثل، كانت سيرة غورباتشوف هزيلة بوصفه عضواً داخل الحزب الذي صعد درجاته عبر الوقوف ساكناً وعدم فعل أي شيء، ومن خلال كونه لا شيء. وعندما جاء إلى لندن للترقية لمقابلة مارغريت تاتشر، حمل سيرة ذاتية لا تتجاوز عشرة أسطر، تشير إليه بوصفه المسؤول الزراعي الأول داخل اللجنة المركزية، والذي صعد ليصبح رئيس الحزب، ثم رئيس الاتحاد السوفياتي.
باختصار، بدا غورباتشوف وجهاً فارغاً يمكن للمرء أن يرسم عليه الوجه المثالي للزعيم السوفياتي.
اليوم، يقدم الرئيس الإيراني المنتخب بزشكيان هذا النوع من الوجه الفارغ. وبالفعل، تبدو سيرته الذاتية الهزيلة منفتحة على مجموعة متنوعة من الصور الخيالية. عام 1978 عندما اندلعت انتفاضة الملالي، كان صغيراً للغاية لدرجة لا تجعله مدركاً حتى لما كان يحدث. وبعد عام واحد، نجحت «الثورة» في غضون أربعة أشهر فقط من المظاهرات، جرى في أثنائها حرق دور السينما والمقاهي، وغير ذلك من الحيل، معظمها داخل طهران -وهي فترة ليست كافية لأي شخص لبناء سيرة ذاتية ثورية. على أي حال، كان بزشكيان بعيداً في تبريز، حيث لم تكن هناك خلايا ثورية سرية تقاتل عند المتاريس، أو حتى ترفع عَلم بني هاشم. كان بزشكيان واحداً من آلاف أصبحوا ثوريين بعد نجاح الثورة.
وعلى النقيض من أسلافه، فقد استمر بقاؤه على هامش النظام، وبالتالي ظل وجهاً فارغاً يمكن أن نرسم عليه وجهاً يشبه غورباتشوف أو باراك أوباما. والحقيقة أنه لم يفعل شيئاً، ولا يستطيع أن يزعم أنه شخص مميز، وربما يساعده كذلك في الفوز بجائزة نوبل للسلام كما حدث مع أوباما، أو حتى غورباتشوف.
مستوطنون يحرقون منزلًا فلسطينيًا جنوب الخليل .. صور
"البوتاس العربية" تستعرض تحولها النوعي بالأرقام وتطرح رؤيتها لعقد صناعي جديد
الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
فلس الريف يزوّد 238 موقعاً ومنزلا بالكهرباء في حزيران
فرنسا تعزّز تعاونها الأمني مع المغرب
جاهزون لاستقبالكم في مجالس الفقراء
استمرار دوام أسواق المؤسسة المدنية غداً
أبو علي ينعى وفاة اثنين من موظفي الضريبة
غارتنر: إلغاء 40% من مشاريع الذكاء الاصطناعي الوكيل مع نهاية 2027
ترامب: سيكون هناك أخبار جيدة بشأن غزة
بحث آفاق التعاون بين المكتبة الوطنية واتحاد الناشرين الأردنيين
نظام جديد يمنع إغلاق الأجواء الأردنية .. تعّرف
أردنيون يتلقون رسائل تحذيرية على هواتفهم من الجبهة الإسرائيلية
إذا ضُرب ديمونا .. كيف سيتأثر الأردن
الأمن يكشف تفاصيل جديدة حول حادثة الشاب الطعمات
إحالات للتقاعد وإنهاء خدمات 240 موظفاً في التربية .. أسماء
ساكب تُفجَع بوفاة الشاب محمد أبو ستة في أميركا .. تفاصيل
تفاوتت آراء طلبة التوجيهي حول امتحان اللغة العربية
مطلوبون لتسليم أنفسهم أو وضع أموالهم تحت إدارة الحكومة .. أسماء
انخفاض طفيف بأسعار الذهب في الأردن اليوم
النتائج في آب وتغليظ العقوبات: التربية تكشف تفاصيل التوجيهي 2025
كم بلغ سعر الذهب في السوق المحلي السبت
أسماء شركات الطيران التي علّقت رحلاتها إلى وجهات في الشرق الأوسط
أمين عام وزارة التربية يعلق على روقة إمتحان الإنجليزي المزيفة