الفلسطيني في مواجهة «ابتذال الموت»
الأشياء عندما تكثر وتتعدى حتى منطق العقل تصبح غير مثيرة للانتباه، ويتعامل معها الناس كما لو كانت أحداثاً عادية؛ لا تثير انتباههم ولا حتى إنسانيتهم كما في اللحظات الأولى. أن يقتل أمام الملأ عشرة، مائة، ألف، أربعون ألفاً، مائة ألف… نفس الشيء، وكأن الأمر لا يستلزم أي ردة فعل، وننسى فجأة أن في كل امرأة تسقط أو طفل يستشهد أو صحافي يتمزق وهو يقوم بمهمته الإعلامية، وفي كل بناية تسقط على أهاليها، وأرواح تزهق وأصوات تغيب إلى الأبد، وبيوت تنتهي أصواتها كلياً بذهاب عائلة بكاملة… لا مشكلة؟ فغدا تأتي إسرائيل وتطبق على أراضيها وما تبقى واقفاً من بيوتها قانون الغائبين وتضمها إلى منهوباتها التاريخية. من يحاسب الذي تخطى عتبات المحتمل دون أي عقوبة ولا حتى تعزير، مع أنه يفترض أن تتكاتف الإنسانية كلها ضد العمل الإجرامي وتنتفض جماعياً من خلال مؤسساتها الدولية من أجل وضع المجرم أمام مسؤولياته الإنسانية، وإلا فلا معنى لكلام مثل حقوق الإنسان، والعيش المشترك، ومجلس الأمن، ومجلس العدل الذي يفترض أن يكون صوت الذين لا صوت لهم.
منذ قرابة السنة وآلة المحو لا تتوقف بكل وسائل الإفناء الأشد فتكاً وخطورة، والبشرية تتفرج في مشهدية إبادية تراجيدية غير مسبوقة. عمليات تقتيل يومي على مرأى عالم إما أعمى كلياً وبلا ذاكرة، وإما مهزوم لا سلطان له بعد هزائمه الداخلية المتكررة. ردود الفعل الرافضة من مجازر غزة بدأت قوية وحادة وجريئة، لكن تحت التهديدات الأمريكية ضد كل من طالب بعقوبات ضد إسرائيل، تراجع الجميع باستثناءات قليلة، ولم يذهبوا إلى منتهى ما بدأوا به.
دولة حماية الحق؟ أمريكا، أصبحت صغيرة في أفقها، ليس فقط متواطئة مع جرائم إسرائيل، بل تهدد الأجهزة الأممية المدافعة عن الإنسان أو ما تبقى منه كقيمة، بشكل يثير الاشمئزاز، لدرجة أن هذه الأجهزة عجزت عن إصدار مذكرة القبض على نتنياهو ووزير دفاعه، على الرغم من التهم الثقيلة الموجهة لهما، ولم تقل كلمة واحدة عن جريمة موصوفة عن اغتيال رجل مدني كان يحاورهم للوصول إلى حل. وكأن هنية لم يكن، وكأن موت قائد سياسي لا يعنيهم أبداً؛ ما يفتح العدوانية على مصراعيها ويصبح الحق الإنساني أمراً ثانوياً.
نحن داخل منطق الإمبراطوريات، حيث اللاعقاب هو المتسيد ويصبح ما كان مجرد انزلاقات كلامية أو أخطاء في التقدير، مثل نعت الفلسطيني بالحيوان الذي يجب محوه، والتي ترددت على ألسن كثيرة في دولة الاحتلال وفي الدياسبورة. حتى الجملة الخطيرة لترامب والتي مرت عادية والتي تزكي التمدد الاحتلالي «إسرائيل دولة صغيرة تحتاج إلى أن تتوسع أكثر» لم تثر انتباه أحد. حقيقة عدوانية كانت مضمرة فأصبحت ظاهرة، لهذا لا غرابة إذا اقتطعت غداً جزءاً من الأردن والعراق وسوريا وغيرها، فهذا يدخل في منطق الفكر الإمبراطوري الذي لا قوة توقفه إلا بسقوط الحامي الإمبراطوري.
في زمن قريب، كانت مثل هذه الأفكار لا تمر بلا عقاب دولي. أما اليوم فلا عقاب سوى منطق القوة والجبروت كما في أزمنة الإمبراطوريات الغابرة، حيث لا قيمة للفرد والجماعة إلا وفق ولائه للنظام الديني السياسي الإمبراطوري القائم حتى لو كان كاذباً.
الناس يموتون ولا حشرجة تسمع، دماء الأطفال والنساء تسفك يومياً على مرأى الجميع، الذين اعتادوا صور الدم على مدار السنة، لدرجة أن ماتت حواسهم ولم تعد تستجيب لأي نداء إنساني معلن، وكأن الميت أقل قيمة من حيوان في سلم الاهتمام. ضرب سياج على المعلومة والعمل على تشويهها كلياً شكل عنصراً مهماً لإخفاء الجريمة أو لابتذالها بالمعلومات المغلوطة. محو مربع بكامله وارتقاء أكثر من 150 إنساناً بين النساء والأطفال والمسنين، في ظرف ساعات قلائل، سببه -وفق دعايات الاحتلال- أن المقاومين أطلقوا الصواريخ من هناك. حتى لو افترضنا أن ذلك صحيح؟ ألا يوجد قانون يحمي العزل؟ لقد قضى الاحتلال زمناً طويلاً في مأسسة جرائم «الهولوكوست» زمناً طويلاً في خطاباته السياسية والتاريخية حتى لا تمر جريمة كبيرة بلا عقاب ولا تاريخ، ولكنه استكثر على الشعب الفلسطيني وفاءه لأرضه وشهدائه.
عمق الاحتلال فكرة عقدة الذنب الأوروبية، وبدل أن يحارب النازية والتطرف بعدم إعادة إنتاجهما وفضح أحفاد النازية الجدد الذين يحكمون ألمانيا اليوم، وخوض حرب ضروس ضد أحفاد فيشي الذين يعتبرون الهولوكوست مجرد تفصيل تاريخي، راح يتحالف معهم للقضاء على بذرة اسمها فلسطين، وكأن الفلسطيني هو المتسبب في الهولوكوست.
لا قانون في دولة الهمجية غير المسبوقة. إسرائيل عدوة اليهودي الفلسطيني قبل الفلسطيني العربي. وها هي تعيد إنتاج الهولوكوست بكل تفاصيله وأكثر، إذ تطورت وسائل الإبادة الجماعية واتسعت أكثر. الرغبة في المحو والتوسع الإجرامي والتفوق العرقي واعتماد القوة، لم تعد هي اللغة المتسيدة فقط، ولكن الآلة المحمية من شبيه لها في الجوهر، وأكثر حجماً منها دون اختلاف في المرامي والأهداف.
(القدس العربي)
المالية النيابية تناقش موازنات الاقتصاد الرقمي والبريد الاردني
قانونية النواب تقر التنفيذ الشرعي
إجلاء الدفعة 18 من أطفال غزة المرضى للعلاج بالأردن
حسّان يلتقي ممثّلين عن مجموعة ماج القابضة
التيارات الدينية : مشروع أخلاقي ام مشروع سياسي
شراكة استراتيجية تجمع زين كاش وبترا رايد
تمرين إخلاء وهمي في هيئة الطاقة والمعادن
تعليمات جديدة لتنظيم نقل الركاب بالتطبيقات الذكية
أسئلة نيابية وردود حكومية .. تفاصيل الجلسة الرقابية
الأردن يشارك في اجتماع المجلس الدولي للتمور
مذكرة نيابية تطالب بتأجيل عطلة المدارس لتتزامن مع رمضان
مدعوون لاستكمال إجراءات التعيين .. أسماء
الحكومة تدعو مئات المرشحين لحضور الامتحان التنافسي .. أسماء
الأردن يستورد زيت زيتون لسد النقص المحلي
شغل الأردنيين .. معلومات عن الروبوت الذي شارك بمداهمات الرمثا
رقابة إلكترونية على إنتاج وتوزيع الدخان
ألفابت تنافس إنفيديا وأبل ومايكروسوفت في سباق القيم السوقية العملاقة
ترامب يطلق مبادرة جينيسيس ميشن لتسريع الأبحاث بالذكاء الاصطناعي
بيان تفصيلي حول عملية المداهمة في الرمثا .. قتلى واصابات
زين تتفوق في تبني قيمة البيانات المؤسسية
تواصل الهطولات المطرية خلال الساعات القادمة بهذه المناطق
العقبة للتكنولوجيا تستضيف وفد هيئة الاعتماد وضمان الجودة خلال زيارة ميدانية
الجزائر .. 122 فناناً يشاركون بالمهرجان الدولي للفن التشكيلي
البلقاء التطبيقية تبحث التعاون الأكاديمي والتقني مع بيرسون العالمية



