أين يقف الاقتصاد الأردني في مايو 2025

mainThumb

18-05-2025 11:30 PM

يواجه الاقتصاد الأردني تحديات متراكمة تُصعّب مهمة الاستقرار المالي وتحقيق النمو المستدام، فعلى الرغم من تحسن طفيف في معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي إلى 2.7%، إلا أن هذا النمو يظل دون المستوى الكافي لاستيعاب النمو السكاني أو لخلق فرص العمل الكافية.

معدل البطالة المرتفع عند 21.4% يُعد من بين الأعلى في المنطقة، ويعكس عمق الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، إضافة إلى ضعف النمو في القطاعات الإنتاجية، كما أن تركز الاستثمارات في قطاعات غير مولّدة للوظائف مثل العقار والخدمات يزيد من تعقيد الأزمة.

أما على صعيد المالية العامة، فيظهر العجز الحكومي واضحًا من خلال نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي التي بلغت 89.2% (من غير احتساب اموال صندوق الضمان)، وعجز في الموازنة بنسبة 5.3%-، وهي أرقام تُنذر بأن الاعتماد على الاقتراض بات استراتيجية مزمنة، بدلًا من أن يكون أداة مؤقتة لدعم النمو.

في المقابل، يشير الاستقرار النسبي لمعدل التضخم (1.83%) إلى فعالية السياسات النقدية في كبح جماح الأسعار، وهو أمر إيجابي يُحسب للبنك المركزي. إلا أن رفع سعر الفائدة إلى 6.5% كسياسة لمواجهة التضخم العالمي يضغط في الوقت ذاته على الاستثمار المحلي والاقتراض الإنتاجي.

ويعبر العجز التجاري الذي تجاوز 920 مليون دينار عن مشكلة هيكلية في الميزان التجاري، تتطلب إعادة النظر في سياسات الإنتاج والتصدير، وتحفيز القطاعات الصناعية والزراعية، وفي هذا الإطار يمكن الاستفادة من تجارب دول مشابهة مثل المغرب التي دعمت صناعاتها التحويلية ووسعت من شراكاتها الإفريقية لتقليل العجز.

من جهة أخرى، تشكّل نسب الضرائب الحالية (30% على الدخل و20% على الشركات) عبئًا على الطبقة المتوسطة وقطاع الأعمال الصغيرة، مما قد يحد من توسع الاقتصاد الرسمي، وبالتالي لا بد من إصلاح ضريبي يعيد توزيع العبء ويحفز النمو دون أن يُفرغ الخزينة من مواردها.

وبطبيعة الحال تنعكس هذه الأرقام بشكل مباشر على ثقة المواطن في الدولة وشعوره بالانتماء، إذ تُضعف البطالة والغلاء والبيروقراطية ثقة الشباب بمستقبلهم، مما يدفع بالكثيرين إلى الهجرة أو العزوف عن العمل السياسي والاجتماعي، إن التغوّل المؤسسي وعدم مساءلة النخب يفاقمان هذه الفجوة النفسية بين المواطن ومؤسسات الدولة.

الحل لا يكمن فقط في ضبط الأرقام، بل في تبني نهج شفاف في إدارة المال العام، ومأسسة الرقابة والمساءلة على الأداء العام كما تفعل بعض الدول التي نجحت في تقليص الفساد وتحقيق الشفافية، ويجب أن تكون هناك إرادة سياسية جادة لإصلاح بيئة الأعمال، وتفعيل دور ديوان المحاسبة، ودعم التحول نحو اقتصاد إنتاجي حقيقي يعيد الثقة ويعزز صمود الدولة أمام الأزمات.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد