التعليم العالي وصناعة المستقبل
يشهد التعليم العالي اليوم تحديًا غير مسبوق يتمثل في ضرورة مواكبة التحولات المتسارعة في سوق العمل العالمي، حيث لم يعد التخطيط للتخصصات الأكاديمية أمرًا داخليًا أو محليًا بحتًا، بل أصبح مرتبطًا بقدرة الجامعات على استشراف اتجاهات العالم ومقارنتها بالاحتياجات الإقليمية والمحلية. فالعالم يشهد ثورة صناعية رابعة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والرقمنة والاقتصاد الأخضر، ومن يتخلف عن هذا الركب سيجد نفسه ينتج خريجين لا مكان لهم في سوق العمل الجديد.
عندما ننظر إلى الصورة العالمية، نجد أن الذكاء الاصطناعي وحده يتوقع أن يخلق أكثر من ٩٧ مليون وظيفة جديدة بحلول عام ٢٠٣٠ وفق تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي، في حين أن الأمن السيبراني يحتاج إلى ما يقارب ٣.٥ مليون مختص إضافي عالميًا بحلول ٢٠٢٥. هذه الأرقام تكشف أن التخصصات الجامعية يجب أن تتحرك سريعًا نحو هذه المسارات إذا أرادت أن تواكب الواقع.
لكن التحدي لا يقتصر على قراءة الاتجاهات العالمية، بل يمتد إلى فهم احتياجات الإقليم. ففي المنطقة العربية مثلًا، يُقدَّر أن حجم سوق التكنولوجيا المالية سيصل إلى نحو ١٠٨ مليارات دولار بحلول ٢٠٢٥، مما يفتح الباب أمام تخصصات تجمع بين الاقتصاد والبرمجة. وفي السياق ذاته، فإن ملف الأمن الغذائي يفرض نفسه بقوة مع التغير المناخي وندرة المياه، الأمر الذي يجعل الزراعة الذكية والطاقة المتجددة ليست مجرد تخصصات أكاديمية بل قضايا وجودية.
أما على المستوى المحلي في الأردن، فإن الواقع يفرض نفسه بشكل أكثر وضوحًا. فمعدلات البطالة بلغت أكثر من ٢١%، بينما تصل بين الشباب إلى حوالي ٤٠%، ما يعني أن أي تخصص لا يُترجم إلى فرصة عمل ملموسة سيضاعف المشكلة بدل أن يساهم في حلها. وفي المقابل، تخرج الجامعات الأردنية سنويًا ما يقارب 70 ألف خريج من مختلف التخصصات، وهو عدد كبير مقارنة بفرص العمل المتاحة فعليًا في السوق المحلي . لذلك على الجامعات الأردنية أن تركز على القطاعات التي يُظهر السوق المحلي والإقليمي طلبًا متناميًا عليها، مثل تكنولوجيا المعلومات، والتمريض، والهندسة الطبية، والطاقة الشمسية.
لقد أثبت الأردن بالفعل أن لديه ميزات نسبية في بعض هذه القطاعات. فمشروع شمس معان للطاقة الشمسية مثال حي على إمكانية أن يصبح الأردن مركزًا إقليميًا للطاقة المتجددة. كما أن قطاع البرمجة وتكنولوجيا المعلومات يصدر سنويًا مئات الكفاءات إلى أسواق الخليج ووادي السيليكون، مما يدل على أن الاستثمار في هذه التخصصات يمكن أن يدر عوائد اقتصادية ويخلق سمعة تعليمية عالمية.
ومع ذلك، لا يكفي الاعتماد على النجاحات الجزئية، بل ينبغي للجامعات أن تُجري دراسات سوق دورية تُحدّث برامجها الأكاديمية كل ثلاث سنوات على الأقل. فالعالم يتغير بسرعة، والتخصصات المطلوبة اليوم قد تفقد بريقها بعد عقد واحد. وتجربة ماليزيا في إعادة هيكلة برامجها الجامعية لتتلاءم مع خطة التحول الرقمي الوطنية تُظهر أن الجامعات قادرة على التكيف إذا ما تبنّت عقلية ديناميكية.
الأمر الآخر الذي يستحق الانتباه هو الحاجة إلى تخصصات بينية تدمج أكثر من مجال، مثل القانون الرقمي، أو الهندسة الطبية الذكية، أو الصحة الرقمية. هذه البرامج لا تلبي فقط احتياجات السوق، بل تخلق مرونة لدى الخريجين وتجعلهم قادرين على العمل في بيئات متنوعة. ولنا في تجربة جامعة خليفة في الإمارات مثال واضح على نجاح الاستثمار في التخصصات البينية التي تجمع بين التكنولوجيا والهندسة والطب.
كما أن الجامعات لا بد أن تعزز ارتباطها بالقطاع الخاص من خلال برامج تدريبية ومراكز ابتكار مشتركة، لأن الشركات هي الأقدر على تحديد المهارات التي تحتاجها فعلًا. وقد أظهرت دراسة للبنك الدولي أن نحو ٥٣% من خريجي الجامعات العربية يفتقرون إلى المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل، وهو ما يفسر الفجوة الكبيرة بين التعليم وفرص التوظيف.
ولا يقل عن ذلك أهمية الاستثمار في المهارات الناعمة مثل التفكير النقدي، والقيادة، وريادة الأعمال. فقد بينت دراسة لمنظمة اليونسكو أن ٦٠% من وظائف المستقبل لم تُخلق بعد، وهذا يعني أن امتلاك الخريج لقدرة على التكيف والتعلم المستمر سيكون أهم من إتقانه لمهارة تقنية واحدة معرضة للتقادم السريع.
في الختام، الجامعة التي تُبقي برامجها أسيرة التخصصات التقليدية ستنتج جيوشًا من العاطلين عن العمل، أما الجامعة التي تقرأ التوجهات العالمية، وتحلل احتياجات الإقليم، وتفهم واقع سوقها المحلي، فستُبحر بسفينة التعليم إلى آفاق المستقبل بثبات وثقة، لتصبح منارات نور تقود وطنها نحو اقتصاد حقيقي مستدام.
التحول الى الإعلام الرقمي المستقل
الشهيد أنس الشريف شاهدٌ على الانحطاط العربي
الترخيص المتنقل في الأزرق بهذا الموعد
تصريحات المجرم نتنياهو ومأزق الكيان الإرهابي
تأهيل وإزالة مخالفات بشوارع في إربد وعجلون
3860 ميجا واط الحمل الكهربائي الأقصى المسجل السبت
أطفال غزة بخطر إذا لم يتلقوا العلاج فورا
حب ووفاء للأستاذ عبده محمد شوقي رحمه الله
التعليم العالي وصناعة المستقبل
سيتي يهزم ولفرهامبتون في بداية الدوري الإنجليزي
اختتام فعاليات مهرجان الخالدية للشعر الشعبي والنبطي
الملك يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة
الضمان يوضح آلية زيادة الإعالة التقاعدية
دير علا تسجل أعلى درجة حرارة بالمملكة الاثنين .. كم بلغت
وزارة التربية تؤكد مواعيد الدوام المدرسي .. تفاصيل
الجيش يفتح باب التجنيد للذكور .. تفاصيل
ما هو الحد الأدنى لمعدل القبول في الجامعات الرسمية
تعيين 450 معلمًا ومعلمة في مسار التعليم التقني المهني BTEC
مدعوون للإمتحان التنافسي .. أسماء
بيان من المحامية أسماء ابنه النائب صالح العرموطي
ما هي الحدود الدنيا لمعدلات التنافس لمرحلة البكالوريوس
حقيقة صرخة جيسيكا الأخيرة: حوت الأوركا لم يرحمها
عطل فني يتسبب بوقف ضخ المياه عن هذه المناطق
مدينة تسجل أعلى درجة حرارة في المملكة بـ 46 درجة
وزير الأشغال يتفقد طريق ستاد كرة القدم الجديد
المملكة تسجل ثلاثة أرقام قياسية بحرارة الطقس
أسماء الدفعة الأولى من مرشحي دبلوم إعداد المعلمين المنتهي بالتعيين