دروس ابن خلدون على قارعة الطريق
انتشرت أمس أخبار حول احتفال سفارة الولايات المتحدة الأميركية لدى تونس بذكرى ميلاد العلامة التونسي عبد الرحمن بن خلدون الذي ولد في سنة 1332م وتوفي عام 1406م. ولقد نشرت السفارة على صفحتها نصاً تناول مناقب ابن خلدون واصفة إياه بأنه من العقول التونسيّة العظيمة وكيف أنه ساهم في إرساء الفكر الاقتصادي والسياسي العالمي من خلال نظرياته الثاقبة، التي كان الرئيس رونالد ريغان يستشهد بها في نقاشاته وكلماته السياسية.
في الحقيقة احتفال سفارة بذكرى ميلاد مفكر وخصوصاً مفكراً عربياً يعد أمراً إيجابياً ولافتاً. ويمكن لنا إدراج مثل هذه الأنشطة النادرة جداً -إلى درجة أن حدوثها يثير الانتباه- في إطار الأثر الفكري والمعرفي للعرب في العالم، وهي مسألة مهمة جداً لأنها على الأقل في زحمة كل هذه الأحداث والإحباط الهائل تدفعنا كي نتذكر أن لنا تراثاً وأعلاماً وحضارة وفكراً ومفكرين وأنه بإمكاننا إعادة ترتيب حضورنا وفعلنا في العالم بالعودة إلى كنوز الأفكار والنظريات التي وضعتها عقول عربية عدة كانت سابقة لعصرها وبليغة الفكر.
هذا النشاط الفريد في نوعه لسفارة الولايات المتحدة لدى تونس قادنا إلى التفكير في واقع العلاقة بين النخب السياسية في الفضاء العربي من ناحية علاقتها بفكر ابن خلدون.
في الحقيقة ما نلاحظه هو وجود نوع من القطيعة بين النخب السياسية في بلداننا وابن خلدون. فالرجل جمع بين اختصاصات عدة جعلت منه علامة؛ فهو عالم الاجتماع والمؤرخ ورجل الاقتصاد والعمران وحتى الأدب واللغة.
صحيح أن ابن خلدون كان ناقداً لاذعاً لأهله، ولكن أكثر شيء نحتاج إليه اليوم نحن الشعوب العربية هو النقد؛ ذلك أن التشريح المعمق لبنية العقل العربي الذي قام به من الدقة ما جعل منه أساس مشاريع فكرية مهمة في الفكر العربي المعاصر. وهنا نذكر الفيلسوف المفكر محمد عابد الجابري الذي استلهم الفكر الخلدوني واشتغل على المحددات التي التقطها ابن خلدون، وهي محددات العقيدة والعصبية والغنيمة. كما أنه لم يكن بإمكان أي عمل فكري نقدي عربي أن يغض الطرف عن مدونة ابن خلدون التي لم تترك مجالاً إلا وأحاطت به من مختلف جوانبه، الأمر الذي أنتج فكراً خلدونياً ثرياً بالدروس والمعطيات والنظريات.
ولم يبخل ابن خلدون في أن يقدم لنا نظريات جاهزة في مجالات مختلفة أهمها الدولة، متوقفاً عند أسباب قوتها وضعفها ومسارها.
من يقرأ فكر ابن خلدون يرَه معاصراً جداً ويتساءل كيف لنخب سياسية عربية تسعى لمعالجة مشكلات بلدانها ألّا تستلهم من أفكار ابن خلدون ونظرياته الكثيرة. فالعرب أولى بالاستفادة من أفكار ابن خلدون من غيرهم الذين قرأوا جيداً نظرياته ودرّسوها لطلبتهم وعملوا بها في مخططاتهم التنمويّة.
إنّ أفكار ابن خلدون حول الدولة وما يرتبط بها تعد كنزاً حقيقياً لا يجوز إهماله ولا يكفي أن يدرّس ابن خلدون في جامعاتنا وفي أقسام علم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد بشكل خاص، بل من المهم أن تكون هناك علاقة قوية بين النخب السياسية وفكر ابن خلدون.
من الضروري أن تكون نظرية ابن خلدون حول الجباية مثلاً، أي الضرائب، مستوعبة جداً لدى المسؤولين في المالية العمومية حتى لا يقعوا في خطأ إثقال كاهل المواطنين بالضرائب، الأمر الذي ينعكس سلباً على روح العمل والأداء. لذلك، فإن مقولة ابن خلدون التي يؤكد فيها أنه «إذا كثرت الجباية أشرفت الدولة على النهاية» هي بمثابة درس وتوصية معاً.
طبعاً لا شك في أنه في بلدان أوروبية وغربية عدة، الضرائب مرتفعة كما هو الحال في فنلندا واليابان والدنمارك والسويد وغيرها، ولكن لا ننسى أن الرواتب عالية في هذه البلدان والخدمات ذات جودة والبنية التحتية حافظة لممتلكات المواطنين من سيارات وغيرها... في حين أنه باستثناء بعض دولنا، فإن الضرائب تعد قاسمة لظهر المواطنين؛ لأن الرواتب منخفضة وحال البنية التحتية بين التدهور والتواضع.
إنَّ إدراك معنى نظرية الجباية عند ابن خلدون ومضار الترفيع فيها، إنما يصب في مصلحة الدولة واستمرار حكم النخبة الحاكمة.
تتميز نظريات ابن خلدون بكونها معاصرة وقابلة للاستفادة منها جداً، فهي ليست فقط صالحة لبلورة مشروع ثقافي عربي نقدي بدأ ثم توقف خلال العقدين الأخيرين بل أيضاً هي في منتهى الأهمية لاعتمادها في صياغة مشروع الفعل السياسي والاقتصادي الناجح حيث تناول ابن خلدون مواضيع الرفاه والانكماش الاقتصاديين وكيفية ترشيد النفقات والتصرف في المال العام وغيرها من المواضيع الكثيرة المهمة.
ختاماً نوجه دعوة لجامعة الدول العربية حتى تطلق سلسلة من الدورات التدريبية حول الفكر الخلدوني، وعقد مؤتمرات تستحضر النظريات التي تحتاج إليها الدول العربية اليوم...
ونشير إلى أنه لو أن ابن خلدون لم يكتب إلا ما قاله في الظلم وأثره في خراب العمران لكان ذلك كافياً؛ لأن الأفكار التي تبدو بسيطة هي ثمينة وخلاصة خبرات غير محدودة في التاريخ أزمنةً وأمكنةً.
إدانة غير مسبوقة في نيوزيلندا لجندي بمحاولة التجسس
وزارة المياه تعيد ضخ مياه الديسي
عجلون تبحث حلولاً للحد من الازدحام المروري
معجون أسنان بيولوجي يوقف التسوس
تحديث مرتقب لأندرويد يعزز النسخ الاحتياطي
وسام قطب وسارة سامي يحتفلان بزفافهما .. فيديو
استراليا تمنع دخول كنيست متطرف يدعم الاحتلال
راغب علامة يرقص مع معجبة بعد أزمة مصر
دوري المحترفين: 3 مباريات حاسمة غداً
الشامي على كرسي ذا فويس كيدز للمرة الأولى .. صور
غوغل تُطلق ميزة الحذف للجميع في تطبيق الرسائل
دير علا تسجل أعلى درجة حرارة بالمملكة الاثنين .. كم بلغت
وزارة التربية تؤكد مواعيد الدوام المدرسي .. تفاصيل
ما هو الحد الأدنى لمعدل القبول في الجامعات الرسمية
تعيين 450 معلمًا ومعلمة في مسار التعليم التقني المهني BTEC
مدعوون للإمتحان التنافسي .. أسماء
فرض عقوبات على من يعمل بالتطبيقات الذكية دون ترخيص
بيان من المحامية أسماء ابنه النائب صالح العرموطي
من هو عمر الكيكي خطيب هيا كرزون
عطل فني يتسبب بوقف ضخ المياه عن هذه المناطق
وزير الأشغال يتفقد طريق ستاد كرة القدم الجديد
استحداث 34 تخصصًا أكاديميًا جديدًا في مختلف الجامعات الرسمية
أسماء الدفعة الأولى من مرشحي دبلوم إعداد المعلمين المنتهي بالتعيين
المملكة تسجل ثلاثة أرقام قياسية بحرارة الطقس