زيت الحبة السوداء بين الفوائد التقليدية والتحذيرات الطبية

mainThumb
حبة البركة

27-07-2025 12:31 AM

السوسنة - يُستخرج زيت الحبة السوداء، المعروف أيضًا بزيت حبة البركة أو زيت الكمون الأسود، من بذور نبات النيجيلا ساتيفا (Nigella sativa)، وهو نبات عشبي استخدمته الثقافات العربية والشرقية منذ قرون في الطب الشعبي، بفضل ما نُسب إليه من قدرات علاجية وطبية. وتنوعت الاستخدامات التقليدية لهذا الزيت بين علاج حب الشباب، والتخفيف من نوبات الربو، وتسكين آلام المفاصل، والتعامل مع الحساسية الموسمية، وحتى المساهمة في التحكم بمستويات السكر لدى مرضى السكري.
ويُعتبر زيت الحبة السوداء آمنًا في العموم عند استخدامه باعتدال، إلا أن هناك بعض الأشخاص الذين قد يواجهون آثارًا جانبية متفاوتة عند استخدامه، خصوصًا إذا استُعمل موضعيًا بشكل مباشر على الجلد، أو تم تناوله بجرعات مرتفعة. وتشمل هذه الأعراض طفحًا جلديًا وتهيّجًا موضعيًا، وردود فعل تحسسية غير متوقعة، إلى جانب اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء، أو مشكلات في الجهاز الهضمي كالغثيان أو ألم المعدة أو الإسهال.
وحذّر تقرير نشره موقع Everyday Health من استخدام زيت الحبة السوداء من قبل بعض الفئات مثل النساء الحوامل، أو الذين يتناولون أدوية مميعة للدم، أو أولئك الذين يستعدون لإجراء عملية جراحية، مشيرًا إلى ضرورة الحذر والتواصل المسبق مع الطبيب المختص.
وتشير دراسات حديثة إلى أن زيت الحبة السوداء يحتوي على مركبات قوية مضادة للأكسدة، أبرزها مركب "الثيموكينون"، الذي يُعتقد أنه يلعب دورًا فعّالًا في تخفيف الالتهابات وتقليل تأثيرات الإجهاد التأكسدي داخل الجسم. وفي دراسة سريرية منشورة على موقع Everyday Health، تبيّن أن استخدام جل يحتوي على زيت الحبة السوداء مرتين يوميًا ولمدة 60 يومًا قد ساعد في تقليل البثور والرؤوس السوداء، مقارنةً بالأشخاص الذين استخدموا علاجًا وهميًا.
ولم تقف الفوائد المحتملة عند هذا الحد، بل أشارت أبحاث مخبرية منشورة على منصة PubMed Central إلى أن زيت الحبة السوداء – لاسيّما عند تحميصه في درجات حرارة تتراوح بين 50 و150 درجة مئوية – يُظهر تأثيرات مضادة للخلايا السرطانية، الأمر الذي يُعزَى إلى فعالية مركب الثيموكينون.
وفي ما يتعلق بالتأثيرات التنفسية، أظهرت بعض الدراسات أن تناول 500 ملغم من زيت الحبة السوداء مرتين يوميًا على مدى أربعة أسابيع قد يُساهم في تحسين السيطرة على نوبات الربو، رغم أن الباحثين شددوا على ضرورة عدم الاعتماد عليه كبديل للعلاجات التقليدية.
ويستخدم هذا الزيت أيضًا في مجال العناية بالشعر، حيث يُعتقد أن له القدرة على تعزيز نمو الشعر، وزيادة كثافته ولمعانه، سواء عند استعماله موضعيًا أو كمكمل غذائي، رغم أن الأدلة العلمية الداعمة لهذه الفوائد لا تزال محدودة. وفي السياق نفسه، يُرجّح أن خواصه المضادة للالتهاب تُساهم في تخفيف آلام المفاصل، خاصةً لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي، إلا أن الأبحاث لم تُثبت فعاليته بشكل قاطع كخيار علاجي أساسي.
كما كشفت عدة دراسات عن دور محتمل لزيت الحبة السوداء في تحسين المؤشرات الصحية لمرضى السكري، بما في ذلك خفض مستوى السكر الصائم وتعزيز حساسية الجسم للإنسولين، خصوصًا عند استخدامه جنبًا إلى جنب مع العلاجات الطبية المعتمدة. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن مراجعة منهجية نُشرت على PubMed Central، شملت 19 دراسة علمية، أشارت إلى أن زيت الحبة السوداء قد يُسهم في تقليل الشهية والمساعدة على فقدان الوزن، عند تناوله بجرعة يومية تتراوح بين 1 و3 غرامات، مع التذكير بأنه لا يمكن اعتباره بديلًا عن النظام الغذائي المتوازن أو نمط الحياة الصحي.
ورغم كل ما ذُكر من مزايا، ينبغي التنبّه إلى المحاذير المرتبطة باستخدام زيت الحبة السوداء، خاصةً لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية خافضة للضغط أو مضادة للسكري، نظرًا إلى إمكانية خفضه لمستوى ضغط الدم أو السكر بشكل مفرط، مما قد يُسبب مضاعفات غير مرغوب بها. كما أن خواصه المثبطة لتخثر الدم تجعله خيارًا غير آمن قبيل الخضوع للعمليات الجراحية، أو في حال تناول أدوية مميعة للدم، إضافة إلى التحذير من استخدامه خلال الحمل دون إشراف طبي مباشر، تجنبًا لأي تأثير محتمل على الرحم أو التوازن الهرموني.
في نهاية المطاف، يُوصى باعتبار زيت الحبة السوداء مكملًا غذائيًا داعمًا، لا بديلاً عن أي علاج طبي، مع التأكيد على أهمية استشارة الطبيب المختص قبل البدء في استخدامه، خصوصًا عند وجود أمراض مزمنة أو تناول أدوية منتظمة.

اقرأ ايضاً:

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد