استحِ
كانت أمي، قبيل أفول الذاكرة وانطفاء الحكايا، امرأةً عجوزاً بحكمة الجبال وصبر التلال، تنظر إليَّ بعينٍ واحدةٍ تشعّ، والأخرى تمتلئ بالعتمة. ما إن أفعل فعلاً أرعن، أو أتفوّه بسخافةٍ ما، حتى تحمرّ عيناها، وتتقد قسمات وجهها الحنون بنارٍ مقدّسة، وتقولها كالصاعقة:
"استحِ."
لم تكن الكلمة كثيرةً في عدد حروفها، لكنها كانت تزلزلني، تجعلني أستعيد نفسي كأنني عدت من شفير هاوية. كانت "استحِ" في فم أمي ليست مجرد نهي، بل وصيّة، أخلاق، ذاكرة أجيال، سطرٌ من كتابٍ لم أكن أعرف وقتها من كاتبه، لكنها كانت تحفظه غيباً من حياةٍ صقلها الجوع والعوز، والخبز اليابس، والملح والكرامة.
لم أفهم يومها ما كانت تعنيه.. حسبتُها تغضب من ضحكي، أو سذاجة تصرّفي، أو قفزتي في منتصف الطريق. كنت طفلاً، مغمض القلب، لا يدري أن وراء كلمة "استحِ" جبلٌ من القيم، وسدٌّ من الستر، وسؤالٌ عميق عن معنى أن تكون إنساناً، لا بهيمياً في هيئة مخلوق ناطق.
لكنّي فهمت…
فهمت حين رأيت "عطاف"، المرأة الغزاوية التي طحنتها المجاعة في صمتٍ لم يلتفت إليه أحد. كانت تجلس على أرضٍ متشققة، عظمُها ظاهر، وعيناها غائرتان في يأسٍ لم يعد يطلب شيئاً من العالم.
كان المشهد صارخاً، يجلد الحياء من وجوهنا التي صارت تشاهد ولا تخجل، تمرّ دون أن تصمت أو تتأمل، أو تبكي، أو حتى تهمس: "اللهمّ ارحم الجائعين."
مرّ الناس كأن شيئاً لم يكن.
كأن عطاف، بلحمها العاري وكرامتها المنتهكة، لم تكن.
عندها فقط، شعرتُ أن أمي تصرخ في أذني من وراء الغياب:
"استحِ."
أدركت أنها لم تكن تعنيني وحدي. كانت تعني الكون كله، هذا الكون الذي نسي الحياء، فصار يرفع الجوع إلى شاشات الهواتف، لا إلى موائد الرحمة.
صرختها ليست رجع صدى عابر، بل آخر ما تبقى من وصايا النساء اللواتي كنّ إذا جعن، صبرن، وإذا رأين جوعاً، بكين، وإذا حكمن على أحد، سألن أولاً: "أين الحياء؟"
الآن، في صمتي الطويل، حين أقف أمام مرآة لا تعكس إلا خيبتي، أسمعها.
لم تعد الكلمات كثيرة، ولا الأشواق مرتبة، لكن "استحِ" بقيت مثل نشيد قديم، مثل جرسٍ صغير على عنق ذاكرة، إذا دقّ، تذكرت أنني لا أعيش وحدي في هذا العالم، وأن الإنسان، إن لم يخجل من رؤيته للجوع، فلا معنى لوجوده أصلاً.
فـ"استحِ" ليست دعوة لخفض الرأس…
بل لرفعه بشرف.
لرؤية الآخر بعيون لا تطفئها العادة.
ولتذكّر أن الكرامة لا تُشترى، وأن الشرف، في النهاية، ليس في الكلمات…
بل في أن نرى امرأةً مثل عطاف، فنمدّ يد الرحمة، لا كاميرا الهاتف.
أمي…
سامحيني.
فقد فهمتُ متأخراً.
حفل أصالة في العقبة يلفت الأنظار .. صور
تامر حسني يرد على عمرو دياب برسالة نارية .. صور
مرحلة جديدة في حياة نادين نجيم
زيت الحبة السوداء بين الفوائد التقليدية والتحذيرات الطبية
واتساب يختصر الطريق لصورتك الجديدة
في الجزائر: هل نعلن وفاة أغنية الراي
أهلي في السويداء… أهلي في سوريا
بنك الإسكان يحقق أرباحاً 80.1 مليون دينار في النصف الأول من العام
تهنئة بتخرج المهندس حسين الزينات
مجاعة غزة تلقي بظلالها على مهرجان جرش وحضور محدود
التربية تدعو هؤلاء لإجراء المقابلات الشخصية لوظيفة معلم/ـة
مكافحة الأوبئة يعلن عن وظائف شاغرة .. صورة
رئيس وزراء السودان يتعهد بإعمار الخرطوم
توضيح من الأرصاد بشأن حالة الطقس حتى الاثنين
تعديل نظام تدريسي جامعة البلقاء لاحتساب المؤهلات الجديدة
انخفاض أسعار المركبات في الأردن بعد التخفيضات
قرارات مرتقبة من الضمان الاجتماعي
مواعيد انطلاق امتحانات التعليم الإضافي .. رابط
مهم للمواطنين بشأن إغلاق طريق في عجلون
فصل التيار الكهربائي عن هذه المناطق الثلاثاء
الجيش يفتح باب التسجيل في المدارس العسكرية .. رابط