الحروف المقطعة
الحروف المقطعة… بين سر الوحي ورمز المقاومة
في زمننا هذا، أصبحت الكلمات تُراقب كما تُراقب الحدود، بل وربما أشد. كلمة "فلسطين" قد تُحجب، و"حماس" قد تُحظر، و"المقاومة" قد تُصنّف جريمة، رغم أن العالم بأسره – في مبادئه المعلنة – يقرّ أن مقاومة الاحتلال حق مشروع، وواجب إنساني وأخلاقي وديني.
لذلك، لجأ الناشطون والكتّاب ورواد وسائل التواصل إلى كتابة الكلمات مقطّعة: "فـ لـ سـ طـ يـ ن"، "مـ ق ـا و مـة"، "حـ مـ ا س"... لعلها تفلت من شِباك الرقابة الإلكترونية التي نصبتها المنصات، في عالم صارت فيه الخوارزميات أداة قمع لا تقل عن سلاح المحتل.
وفي كل مرة أرى هذه الحروف المقطّعة في المنشورات أو على شاشات الفيديو، يقفز إلى ذهني مشهد أعمق وأقدس، مع الفارق العظيم في المقام والمكانة: الحروف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن الكريم. تلك الحروف التي كانت – ولا تزال – لغزًا يثير التساؤلات، ورسالة تسبق الرسالة، تحدٍّ لغوي وإيماني للمشركين أن يفهموا سرّها أو يأتوا بمثلها.
لا أقصد هنا – حاشا لله – أن أشبّه ما نكتبه نحن بكلام الله تعالى، فالقرآن كلام الخالق المعجز، محفوظ بحفظه، له قدسيته التي لا يرقى إليها شيء. لكنني أجد في المشهدين ملمحًا مشتركًا على مستوى الرمز: الحروف حين تُقطّع، تصبح أداة تحدٍّ وكسر للحصار الفكري. بالأمس كانت الحروف المقطّعة بابًا إلى معجزة البيان، واليوم أصبحت حروفنا المقطّعة بابًا إلى إيصال كلمة الحق رغم جدران الحظر.
ربما نحن لا ندرك أننا بهذا الفعل الصغير – تقطيع الكلمة – نُشارك في فعل مقاومة رقمية. ربما لا نملك أن نوقف القصف، لكننا نحاول أن نوقف التعتيم. نحن لا نحمل البندقية، لكننا نحمل الحرف، والحرف إذا اجتمع مع غيره صار كلمة، والكلمة إذا خرجت من القلب وصلت إلى القلوب.
الاحتلال يدرك خطورة الكلمة أكثر مما يظن البعض، ولهذا يحاربها. فهو يعرف أن المعركة ليست على الأرض وحدها، بل على الوعي. وحين يمنعك من قول "المقاومة" صراحة، فإنه يحاول أن يمنع الفكرة ذاتها من الوصول إلى عقول الناس. وعندما نكتبها "م ـقـ ا و م ـة"، فإننا نعلن أننا فهمنا اللعبة، وأننا سنجد دائمًا طريقًا لنعبر، ولو من بين ثقوب الجدار.
إن الحروف المقطّعة التي نكتبها اليوم ليست عبثًا، بل هي رمز. رمز لشعب لم يستسلم رغم الحصار، ورمز لكلمة لم تُسكت رغم الحظر. هي إشارة تقول: إذا منعتمونا من قول الحقيقة كاملة، فسوف ننثرها حرفًا حرفًا، حتى تكتمل في قلب من يقرأها.
ربما سيتذكر أحفادنا هذه الحروف كما نتذكر نحن الحروف المقطّعة في القرآن، ليس في قدسيتها، ولكن في وظيفتها كجسر بين المعنى والعقل، وبين الإرادة والقدرة، وبين الحاضر والمستقبل. وسيدركون أن الحرف كان سلاحًا، وأنه حين يُقطّع أحيانًا، فإنما يُقطّع ليحيا. كما تقطع بعض أغصان الشجرة لتقوى الشجرة كلها.
فلسطين، سواء كتبت منجمة و مفرقة، فمعناها واحد، لا يجزء: بلدًا عربيًا مسلمًا مقدسًا من بحره إلى نهره. لن يضره خذلان المتخاذلين ولا تواطؤ المتواطئين، كما لا يضره إجرام المجرمين. وكلنا يعلم من هم: المتخاذلون والمتواطئون والمجرمون.
وفي النهاية، وعلى عكس كثير من الآراء، أرى أن كل التآمر الذي ينصب على فلسطين اليوم، وكل الدماء التي ترتقي، وكل المأساة التي يعيشها أهلنا ونعيشها معهم، ليست إلا آخر فصول كتاب التحرير الكامل، وهي المرافعة في محكمة الله الذي سينتصر لهذا الشعب.
قطعوا حروفنا كما شئتم، فالتآمر أكبر من تآمر الخوارزميات، لكننا منتصرون لا محالة.
للأردنيين .. منح دراسية بريطانية ممولة بالكامل
مؤتمر صحفي للتربية بشأن نتائج التوجيهي بهذا الموعد
أسماء أوائـــل التوجيهـــي في الأردن
الكفاءة تنتصر .. تجديد الثقة بنذير عبيدات وخالد السالم ومساءلة لا تعرف المجاملة
مدعوون لإجـراء المقابلات الشخصية في أمانة عمان .. أسماء
أسماء مغادرة وحقائب باقية في التعديل الوزري الأربعاء
توضيح سبب تضاعُف قيمة فواتير الكهرباء خلال الفترة الحالية
الأمن العام يحذّر: هكذا يسرق المخترقون حساب واتسابك
تفعيل رابط نتائج التوجيهي عبر الموقع الرسمي
القبض على مسبب انقطاع الكهرباء يوم التوجيهي
إلى الأستاذ الدكتور إسلام المسّاد، رئيس جامعة اليرموك السابق
محافظ العقبة يوقف أخطر فارض أتاوات بالمدينة