غزّة تتهم
على غير العادة، وربما لأنّ الشريط أكثر من عادي في ناظر المنظمين، أعلن «منتدى الفيلم» في مدينة نيويورك ابتداء عروض «ضابط وجاسوس»، العنوان الإنكليزي لفيلم رومان بولانسكي «إني أتهم»، 2019؛ للمرّة الأولى، حيث كانت إشكاليات قضائية وقانونية، تخصّ المخرج وليس الفيلم، قد أعاقت عرضه. وبعد 11 سنة من الغياب القسري، هذه العروض هي الأولى في الولايات المتحدة بعد شريط «فينوس في الفراء»، لمخرج لامع ربيب هوليود وصناعة السينما الأمريكية والأوروبية، لكنه مدان باغتصاب قاصر.
بيد أنّ الأمجاد والجوائز لم تقاطع بولانسكي، والسنوات الستّ، التي انقضت وشريط «إني أتهم» مستبعد من شاشات الولايات المتحدة، شهدت حيازة «إني أتهم» على اثنتين من أرفع جوائز السيزار الفرنسية، نظيرة جوائز الأوسكار الأمريكية. كما حصل شريطه اللاحق «عازف البيانو»، 2022، على السعفة الذهبية في مهرجان كان تلك السنة، وثلاث أوسكارات لأفضل مخرج (بولانسكي)، وأفضل اقتباس سينمائي (رونالد هاروود)، وأفضل ممثل (أدريان برودي)؛ فضلاً عن جائزتَيْ بافتا لأفضل فيلم وأفضل مخرج، و7 جوائز سيزار لأفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثل…
كلّ هذه الحيثيات، أو سواها كثير متشعب، وُضعت في جانب، بارز أو هامشي طبقاً للمنبر والجهة والتأويل؛ حين ابتدأت عروض «ضابط وجاسوس» في نيويورك، وتوجّب على الفور إقصاء خصائص السينمائية المختلفة، وهي بدورها كثيرة متشعبة، لصالح امتياز أوّل أو شبه أوحد: عزف الأنغام ذاتها، العتيقة المتكررة المستهلَكة المجترّة، حول… العداء للسامية. وكيف لا، في هذه الأزمنة تحديداً، حين ينشطر الوجدان الجَمْعي الأمريكي بصدد حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة؛ وحين يتصارع وضوح الحقّ مع تجميل الباطل، وتتقاطع مشاهد جرائم الحرب والتجويع والتشريد ووفيات الأطفال جوعاً وعطشاً ونقص حليب ودواء، مع استمرار الولايات المتحدة في ضخّ المليارات واشدّ الأسلحة فتكاً إلى دولة الاحتلال.
ليست هذه السطور معنية بشريط «إني أتهم»/ «ضابط وجاسوس» خصوصاً، ولا بسينما بولانسكي عموماً، من زوايا التحليل الفني حتى في الحدود الدنيا؛ ويستوي، بالتالي، أن يكون الفيلم تحفة أو عادياً أو حتى انتكاسة أو تراجعاً بالقياس إلى أعمال أخرى من المخرج ذاته. ذلك، ببساطة، لأنّ الملابسات السياسية والأخلاقية، السياقية الراهنة على وجه التحديد، هي التي تسيّج عروضه في الولايات المتحدة، وتستدعي هذه الزاوية المحددة من النظر إليه: أهو مجدداً استئناف لمناخات التوظيف ذاتها، المصطنَعة المتكلّفة المزيفة غالباً، التي اقترنت بعروضه العالمية خارج الولايات المتحدة، ابتداء من 2019، حين هيمن التعاطف مع ضحايا الهولوكوست على كلّ، وأيّ، سجال آخر يخصّ الفيلم؟
ومنذ آذار (مارس) 1977 حين انكشفت وقائع فضيحته الكبرى في تخدير قاصر عمرها 13 سنة والاعتداء عليها جنسياً، لم يتوقف بولانسكي عن احتلال مانشيتات الصحف العالمية؛ ليس بسبب أفلامه وما تنال عادة من إطراء وتكريم، بل لأنّ تلك الجناية أخذت تجرّ عليه عاقبة تلو أخرى، كما أماطت اللثام عن فضائح أخرى مماثلة، تتصل جميعها بهوس الرجل في استدراج القاصرات. ورغم إقراره بالذنب، ثمّ فراره من الولايات المتحدة إلى فرنسا، وتوقيفه في مطار زوريخ بعد سنوات طويلة استناداً إلى مذكرة رسمية صادرة عن القضاء الأمريكي؛ فإنّ حملات التضامن الغربية مع بولانسكي تسارعت وتعاقبت.
ولقد اتخذت أوّلاً صفة إنسانية، لأنه «في السادسة والسبعين» من العمر؛ ثمّ ثقافية، بوصفه أحد كبار مخرجي الفنّ السابع الأحياء؛ وكانت ثالثة الأثافي المطالبة برفع الملاحقة عنه لأنه… «ضحية شهدت الكثير من العذابات»، وهو أحد الناجين من الهولوكوست! ولأنه يحمل الجنسية الفرنسية، من أصل بولندي، فقد قفز إلى صفة التضامن الأخيرة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، ثمّ وزير الخارجية برنار كوشنر، فوزير الثقافة فردريك ميتيران، وهذا الأخير ألمح إلى أنّ صلة بولانسكي بالهولوكوست تكفيه عذاباً، وتعفيه بالتالي من المزيد، في قضية اعتبر الوزير العتيد أنها «قديمة، لا معنى لها على الإطلاق».
ويومذاك تابع العالم أيضاً عريضة غير مألوفة القصد والنبرة، تطالب السلطات السويسرية بالإفراج الفوري عن بولانسكي؛ حملت تواقيع جمهرة من مشاهير العاملين والعاملات في صناعة السينما؛ أمثال وودي آلن، مارتن سكورسيزي، برناردو برتولوشي، دافيد لينش، أمير كوستوريكا، ماركو بيلوكيو، جوزيبي تورناتوري، فاتح أكين، توني غاتليف، برتران تافرنييه، جيل جاكوب، جان مورو، فاني أردانت، كوستا غافراس، بيدرو ألمادوفار، فيم فندرز، مايكل مان، سام منديس، مونيكا بيلوشي، وكلود لانزمان. كذلك ضمّت اللائحة شخصيات أدبية مثل ميلان كونديرا وسلمان رشدي، فضلاً عن المتفلسف الفرنسي اليهودي برنار ـ هنري ليفي.
وليست مناخات عرض شريط بولانسكي في نيويورك هذه الأيام شبيهة، بل هي على العكس: النقيض الصارخ، بتلك التي أشاعها الروائي الفرنسي إميل زولا، يوم 13 كانون الثاني (يناير) 1898، حين نشر نداءه الشهير «إني أتهم»، دفاعاً عن النقيب اليهودي ألفريد دريفوس، المتهم بالتجسس لصالح الجيش الألماني. وتلك الوثيقة الشجاعة كانت وراء معظم الضغط الأدبي الواسع الذي تشكّل بعدئذ، حتى انتهى إلى إعادة محاكمة دريفوس، وتبرئة ساحته، وردّ الاعتبار إليه؛ وهذه حال يفتقر إليها مدنيو غزّة المجوّعون المُبادون المهجّرون؛ في نيويورك إياها، التي تشاهد حكاية ضحية انقلب أحفادها إلى جلادين وقتلة ومجرمي حرب.
أرقام مقلقة .. 15 مدينة عراقية تحتل صدارة أعلى حرارة بالعالم
وصية الصحفي أنس الشريف الأخيرة تهز القلوب .. نص
مجلس الأمن يناقش خطط احتلال قطاع غزة
لقاء يجمع ثقافة الأعيان بممثلي مبادرة مجلس الشباب الأردني
إعادة فتح الطريق الصحراوي بالاتجاهين بعد انحسار الغبار
ما هو مشروع قانون الغاز الذي أقرته الحكومة الأحد
فتح باب التقدم للطلبة الأردنيين المصابين بالسرطان في الجامعات الرسمية
للأردنيين .. منح دراسية بريطانية ممولة بالكامل
مؤتمر صحفي للتربية بشأن نتائج التوجيهي بهذا الموعد
أسماء أوائـــل التوجيهـــي في الأردن
الكفاءة تنتصر .. تجديد الثقة بنذير عبيدات وخالد السالم ومساءلة لا تعرف المجاملة
مدعوون لإجـراء المقابلات الشخصية في أمانة عمان .. أسماء
أسماء مغادرة وحقائب باقية في التعديل الوزري الأربعاء
توضيح سبب تضاعُف قيمة فواتير الكهرباء خلال الفترة الحالية
الأمن العام يحذّر: هكذا يسرق المخترقون حساب واتسابك
تفعيل رابط نتائج التوجيهي عبر الموقع الرسمي
القبض على مسبب انقطاع الكهرباء يوم التوجيهي
إلى الأستاذ الدكتور إسلام المسّاد، رئيس جامعة اليرموك السابق
محافظ العقبة يوقف أخطر فارض أتاوات بالمدينة