الأردن قائم على المعرفة والقوة

mainThumb

13-08-2025 03:19 PM

الأمم التي تصنع مستقبلها لا تفعل ذلك بالقوة وحدها، ولا بالمعرفة وحدها، بل بمزيج متكامل من الفكر العميق والقرار الحاسم. والأردن، بتاريخ حضارته وعمق هويته، يمتلك أساسًا متينًا لبناء هذه المعادلة… لكن التحدي يكمن في الإرادة، والآلية، وجرأة التنفيذ.
المعرفة… من التخزين إلى الاستثمار
المعرفة ليست كتابًا على رف، ولا تقريرًا مؤرشفًا، بل هي أداة نفاذ إلى قلب صناعة القرار.
لدينا في الأردن طاقات بشرية وأكاديمية أثبتت تميزها في أرقى مؤسسات العالم، لكن كثيرًا ما تبقى هذه الطاقات خارج دائرة التأثير.
إن تحويل المعرفة إلى قوة يبدأ بإنشاء منظومة وطنية للسياسات المبنية على الأدلة، حيث تتحول نتائج البحث العلمي والدراسات الميدانية إلى خطط تنموية ذات أرقام وجداول زمنية، لا إلى ملفات مهملة.
القوة … قدرة التنفيذ ورشاقة التغيير
القوة ليست في التشدد الخطابي ولا في تكرار الشعارات، بل في القدرة على اتخاذ قرارات جريئة وتنفيذها بمرونة عالية.
القوة الإدارية تعني أن تُختصر الإجراءات، وتُبنى المؤسسات على الكفاءة لا على المجاملة، وأن تكون المساءلة فعلًا لا شعارًا.
أما القوة الاقتصادية، فهي في تنويع مصادر الدخل، والاستثمار في القطاعات التي تمنح الأردن ميزة تنافسية، من السياحة العلاجية، إلى الطاقة المتجددة، إلى الصناعات الإبداعية.
الخلل البنيوي… انفصال الفكر عن القرار
التاريخ أثبت أن الدول التي تفصل بين المعرفة والقوة تخسر توازنها سريعًا.
حين تُصنع القرارات بمعزل عن الخبراء، تصبح عاجلة وقصيرة المدى، وحين تبقى الدراسات بلا تنفيذ، تتحول إلى أوراق تبرير لا أدوات تغيير.
الحل هو بناء جسر مؤسسي دائم بين الباحث والمشرّع، بين صاحب الفكرة وصاحب القرار، بحيث تكون الأولوية لمصلحة الوطن قبل أي اعتبار آخر.
رؤية للمستقبل
• الأردن يحتاج اليوم إلى نهج يدمج الرؤية العلمية مع الإرادة السياسية.
• أن ننتقل من إدارة الأزمات إلى استباقها، ومن انتظار التغيير إلى صناعته.
• أن نضع الكفاءات الوطنية في الصفوف الأمامية، ونمنح الشباب مفاتيح المشاركة الحقيقية في الاقتصاد والإدارة والسياسة.
الخاتمة
الأردن، القائم على المعرفة والقوة، سيكون دولة لا تنتظر ما يفرضه العالم عليها، بل تحدد موقعها فيه.
إنها ليست مهمة حكومة أو مؤسسة واحدة، بل مشروع وطني شامل… مشروع يحتاج إلى قيادة واعية تعرف أين تضع الخطوة التالية، وتملك الشجاعة لوضعها في الوقت المناسب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد