السلام المستحيل مع أعداء السلام

mainThumb

08-09-2025 12:04 AM

لا شك أن السلام والأمن خطان متساويان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، وإذا فقد أحدهما سقط الآخر، وهما مطلب كل الأمم والشعوب منذ الأزل. ولذلك، ومن أجل تلك القيم: الأمن والسلام، قامت الثورات الإنسانية لتحقيقهما، وكان الثمن غاليًا. ولذلك، للأمن والسلام الحقيقي القائم على العدل، وأخذ كل ذي حق حقه، شروط أبرزها أن تحاور أو تفاوض من يؤمن بتلك القيم، وليس كيانًا استيطانيًّا سرطانيًّا قام بأمر من الخارج (ما سمي بقرار التقسيم 147 لعام 1947 م)، وشعبٌ جُلب من الخارج بحجة أرض الميعاد، ودعم استعماري عسكري ومادي بلا حدود من الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

شروط السلام ومتطلباته هي أبعد ما تكون عن العقلية الصهيونية التلمودية القائمة على خرافات ما أنزل الله بها من سلطان. وللأسف، هذا الكيان الاستيطاني السرطاني المجرم كلما هرول المهرولون زادت غطرسته وإرهابه وطمعه بالمزيد من التوسع. لذلك، لا جديد في إعلان المجرم القاتل نتنياهو بأنه مبعوث العناية الإلهية لتوسيع أرض إسرائيل. ألم يقل ديفيد بن غوريون مؤسس هذا السرطان الاستيطاني الاستعماري: "نحن جئنا من أمم وشعوب مختلفة من كل دول العالم، ولا يوحدنا إلا عدو خارجي، وهذا العدو هو العرب." وعن السلام، قال بن غوريون بصدق وهو الكاذب: "لو كنت عربيًا لرفضت السلام"، وأكد أن حدود كيانه المسمى بإسرائيل هي المكان الذي يضع فيه الجندي الصهيوني حذاءه العسكري.

وموشى ديان، المحسوب على اليسار الصهيوني وأحد رموز كامب ديفيد، صرح منتشيًا كطاوؤس بعد حرب 67: "إذا كنا شعب الله المختار، يجب أن نحرر أرض التوراة"، وهي بالعرف الصهيوني ما يشير إليه علم الكيان السرطاني. دعونا لا نذهب بعيدًا، فمنذ كامب ديفيد وملحقاتها في أوسلو ووادي عربة، أو قبل ذلك بفض الاشتباك ومفاوضات (101) كم بين مصر والكيان الصهيوني، اتفق الجانبان على نقطتين: حرب أكتوبر آخر الحروب، والحل بالتفاوض.

وفي أول انتخابات صهيونية، وصل للحكم أحد أعمدة التطرف والإرهاب المجرم، حتى باعتراف بريطانيا، مناحيم بيغن، الذي صرح بكل وقاحة وبحاجة معروفة به، أمام أنور السادات بعد زيارته المشؤومة لفلسطين وما تلاها من تفاوض وزيارات متبادلة. وإذا ببيغن يصرح لكل وسائل الإعلام أنه زار الأهرامات التي بناها أجداده، ولم يجرؤ مضيفه أنور السادات على فتح فمه. لم ينسحب من سيناء إلا بعد موافقة الجانب المصري على تقسيم سيناء لثلاث مناطق منزوعة السلاح، والاتفاق على وحدات أشبه بحرس الحدود بأسلحة خفيفة.

وما الغريب اليوم بتصريحات نتنياهو؟ وهل هذا الإرهابي القاتل جاء بجديد وهو يتحدث عن أنه مبعوث العناية الإلهية لقتل الأطفال والشيوخ والنساء وإبادة البشر والشجر والحجر في غزة والضفة الغربية لأجل ما أسماه تحرير أرض إسرائيل؟ فهل مثل هذه النفايات البشرية القاتلة، التي تدينها القتل والإرهاب، تؤمن بالسلام؟ وأي إله هذا الذي يؤمن به هؤلاء القتلة، وحاشا الله أن يكون بهذه العنصرية التي يسوقونها باسمه الكريم، وحاشا الله عما يقولون.

ونحن هنا بالأردن، بعين العاصفة وقلب الخطر، والمستهدف الثاني بعد فلسطين، فماذا أعددنا لهذا الخطر الصهيوني الذي يهدد حتى كل دول المنطقة، حتى غير العربية؟ والأردن المستهدف الأول، وتصريحات نتنياهو حتى ضد باكستان وتركيا (والأخيرة عضو بحلف الناتو) وإيران المستهدفة الأولى، ونفذ العنوان الصهيوأمريكي عليها للأسف، ونحن نتفرج، بل وبعض الخونة صفقوا لذلك العدوان الإجرامي على إيران.

ونحن بالأردن، ماذا أعددنا؟ أعتقد الجواب كما أرى: لا شيء، لا شيء إلا الاعتماد على الولايات المتحدة الشريرة التي هي الوجه الآخر للكيان الصهيوني. ولولا أمريكا، التي يقف على رأس الحكم بها متطرف قادم من أرض النازية الألمانية ليقيم نازية أخرى صهيونية في العالم، تقودها أمريكا ووجهها الآخر الكيان الصهيوني، يقود الشرق الأوسط.

ونفس هذا النازي الأمريكي صرح أن الأراضي التي عليها القواعد الأمريكية هي أراضٍ أمريكية. إذًا، نحن نواجه احتلالين صهيوأمريكي بوجه واحد. أعتقد أننا بحاجة إلى إعداد جيد وقراءة الواقع على الأرض، والخطر الصهيوني قادم لا محالة. وأهم شيء هو إعداد الإنسان. وماذا قدمت الحكومة في هذا الشأن؟ بتأكيد: لا، لا شيء.

أتمنى أن لا تفاجئنا الأحداث، ونبقى كالنعام نضع رؤوسنا في الأرض، وأجسادنا مكشوفة. نحن أمام عدو لا يخفي أطباعه بنا، فهل نبقى متفرجين؟ وماذا بعد غزة؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد