ما خفي في القصف الإسرائيلي للدوحة
السوسنة
قصفت "إسرائيل" العاصمة القطرية الدوحة يوم أمس الثلاثاء، في سابقة تلجم العقول، مستهدفةً وفد حماس المفاوض (أثناء دراسته للمقترح الأمريكي حول صفقة تبادل الأسرى)، وقد تجاوزت في ذلك كل المحظورات الأمريكية بشأن أهم حلفائها خارج نطاق الناتو، إمارة قطر، التي تعتبر الوسيط الموضوعي المركزي في أكثر الملفات الأمريكية سخونة، والمقرب الأثير للقيادتين الأمريكيتين الجمهورية والديمقراطية، حيث أنيطت به مهام إقليمية معنية بالمصالح الأمريكية وخاصة ما يتعلق بالشأنين الإفغاني والفلسطيني.
نحن نتحدث عن قطر التي تستقبل قاعدة العيديد العسكرية على أراضيها، حيث استهدف القصف الذي وصفه الإسرائيليون ب"الدقيق الحذر" المبنى الذي كان من المفروض أن يجتمع فيه وفد حماس المفاوض.. ولولا عناية الله لخسرت القضية الفلسطينية أهم قادة المقاومة التي استعادت بصمودها ملف القضية الفلسطينية بعد أفول، إذ قُصِفَ المبنى المستهدف حيث كانت أجهزة الاستشعار الاستخبارية الإسرائيلية تتعقب هواتف القادة التي تُرِكَتْ عن قصد هناك، فيما اجتمعوا في المبنى المجاور تفادياً لتعرضهم للقصف المباشر. وقد أصاب حدسُهُمْ الأمنيّ وربما تحذيرات أمنية قطرية طارئة.. فنجوا بأنفسهم بينما ارتقى في الجريمة النكراء شهيدان، أحدهما ابن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس د. خليل الحية.
وعليه، قال مصدرٌ قياديٌّ في حماس (الجزيرة) إن الانفجارات التي دوت في العاصمة القطرية الدوحة يوم أمس الثلاثاء، ناجمة عن استهداف إسرائيلي لوفد الحركة المفاوض حين كان يناقش مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
فمن الملاحظ في هذه العملية وفق تصريح المتحدثة باسم الأبيض كارولين ليفات، في مؤتمرها الصحفي يوم أمس، بأن نتنياهو قام بإخبار ترامب عن العملية قبل تنفيذها. أي أنها حظيت بموافقته.. والذي بدوره قام بتوكيل مبعوثه للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف ليخبر أمير قطر بتفاصيل العملية. وهذا قد يفسر نجاة وفد حماس من عملية الاغتيال وكأن التحذير الأمريكي ومن خلال أجهزة الأمن القطرية تلاقت مع الحدس الأمني لقادة حماس الذين غادروا المبنى إلى الجوار تاركين هواتفهم للتمويه.
فكيف توافق أمريكا على قصف مقر حماس أثناء تدارس القادة المستهدفين، المقترح الأمريكي! فهل كان ذلك مجرد طعم لاصطيادهم! أم أن التحذير الأمريكي لقطر وإخبارها بالعملية قبل حدوثها سيبطل هذا التفسير باتجاه مفهوم الضغط الحقيقي على الطرف الأضعف في نظرهم من باب الإملاءات؟ وهنا يكمن سوء التقدير.
وخاصة أن ترامب أعلن عن نفادِ صبر أمريكا إزاء حماس.. فتلتقي بذلك الرؤية الأمريكية مع أهداف نتنياهو الذي كان منشغلاً بتدمير غزة توطئة لاحتلالها، وقد عصت عليه.. كون عملياتُ المقاومةِ المركبةِ تحت عنوان "عصا موسى"، حطمت باقتدار عجلاتِ "عربات جدعون 1-2" الإسرائيلية.
أيضاً لضيق الوقت أمام نتنياهو الذي تحاصره الأزمات المتفاقمة في العمق الإسرائيلي، حيث راح يحذر أهل غزة لمغادرتها توطئة لتهجيرهم من القطاع وبالتالي تطهيره عرقياً بالقتل أو التجويع الممنهج بمساعدة "مؤسسة غزة الإنسانية" الأمريكية سيئة الذكر.. في شراكة أمريكية إسرائيلية معلنة.. ولعل عملية قصف الدوحة تعتبر من أهم مخرجاتها التي أحبطت؛ لتختلط الأوراق عقبها في وجه هذا التحالف الشيطاني المقيت.
وتجدر الإشارة إلى أن فشل نتنياهو في تحقيق النصر التام قد أربك داعمه الأكبر ترامب الذي حذر قبل أيام بأن اللوبي الصهيوني بات في أشد حالاته ضعفاً فلم يعد مؤثراً كيفما يجب وإن "إسرائيل" باتت في غزلة، موحياً بأن على نتياهو حسم أموره بسرعة، وهو ما دفعه للهروب إلى الأمام باتجاه أحلامه التوسعية التي باركها ترامب نفسه، حيث بدأها عملياً بقضم أراضٍ لبنانية وسورية، وضم الضفة الغربية وقطاع غزة كنواة لما بات يعرف بشرق أوسط جديد يقوم على الاتفاقيات الإبراهيمية، توطئة لقيام "إسرائيل الكبرى) التي اعتبرها نتنياهو مهمة "روحية وتاريخية" أنيطت به" وهذه قمة الغطرسة وتقديس "الأنا" الملهمة، التي تسعى لتغيير قواعد الاستقرار بين حلفاء أمريكا الإقليميين في الشرق الأوسط.
وعليه! فقد بنى ترامب ذرائعه بمباركة محاولة اغتيال قادة حماس في الدوحة، على أن الحركة استنفدت وقتها وباتت تشكل العقبة الكأداء في طريق السلام الإبراهيمي فاستوجب اجتثاثها، كونها رفضت تسليم الأسرى جملة واحدة، ونزع سلاحها، ومن ثم الخروج من القطاع وتسليمه لحكومة تكنوقراط فلسطينية.. (في إشارة خفية منه إلى رجل الأعمال الفلسطيني المقترح لحكم قطاع غزة، سمير حليلة) وبالتالي تحقيق حلم ترامب العقاري بإنشاء رافيرا غزة خالية من أهلها الفلسطينيين.
دون أن يدرك المقامر البرتقالي والمطور العقاري ترامب بأن الغزّيين لن يفقدوا بوصلتهم مهما تقاذفتهم المنافي من جديد، حيث ستعيدهم الجداول إلى مجرى نهر العودة المحتوم.
(2)
*الوحشية الرأسمالية والتطوير العقاري في غزة
في تحركات ميكافللية لافتة جمعت ثلاثة من أشهر المطورين العقاريين وسماسرة الحروب في البيت الأبيض وعرّابي الاتفاقيات الإبراهيمية في الشرق الأوسط، بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الأربعاء 27 أوغسطس 2025، جملة من الأفكار والتصورات بشأن مستقبل قطاع غزة بعد تهجير أهلها, والتي يتشارك فيها كمطور عقاريّ مع سماسرة الموت وعرّابي الاتفاقيات الإبراهيمية، وهم:
- صهره ومستشاره السابق، المطور العقاري جاريد كوشنر.
- رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي ورط بلاده في حربي أفغانستان والعراق ، المبعوث الخاص للجنة الرباعية بشأن الشرق الأوسط حتى عام 2015) (المستشار في الإمارات) توني بلير.
- المبعوث للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف (مؤسس ورئيس مجموعة ويتكوف للتطوير العقاري).
ويبدو أن غاياتهم اجتمعت على تقاسم قطاع غزة لإقامة الرافيرا المنشودة (وقد خابت مساعيهم المتوحشة)، وذلك من منطلق كون قطاع غزة مجرد عقار يستمد أهميته من إطلالته الاستراتيجية على أكبر حقول الغاز قبالة سواحله، وهي: نوا، ماري بي، غزة مارين.
ناهيك عن كون القطاع محطة حيوية لمشروع الممر الاقتصادي الدولي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)!
وذلك بعد تطهير القطاع تماماً من الفلسطينيين ضمن خيارات القتل أو التجويع أو التهجير إلى المنافي في سابقة تاريخية قذرة مُعْلَنَةٌ على مرأى ومسمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومعظم حكومات العالم الذي ثبت تواطؤه (رغم تراجع كثيرين) إزاء مجزرة العصر التي تنفذها حكومة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو المطلوب من محكمة الجنايات الدولية بتهم جرائم إبادة.
هؤلاء السماسرة لم يأخذوا بعين الاعتبار استحالة قيام مشروعهم حيث يتعاملون مع ضحايا العدوان الإسرائيلي من الفلسطينيين كأرقام مجردة، رغم تعرض كيان الاحتلال الإسرائيلي لخسائر معنوية ومادية غير محتملة، حتى تحول جيش الاحتلال من جرائها إلى مليشيات متقهقرة لا تحسن استخدام أسلحتها الميدانية المتفوقة (إلا سلاح الجو)، في مجتمع منقسم على نفسه بين يمين متطرف وعلمانية حاقدة يائسة، دولة مارقة وكأنها من جمهوريات الموز، وذلك بفعل المقاومة الأسطورية الاستثنائية، وإرادتها القوية، وعبقريتها اللافتة في إدارة حرب بدأت منذ 705 يوم بأقل الموارد المتاحة وصمود أهل غزة وتمسكهم بأرضهم والتفافهم حول مقاومتهم التي تمثلت بأسطورة طائر الفينيق الكنعاني، الذي لا يخرج من بين الرماد إلا أشد قوة وعنفوان.
(3)
*ليسوا أرقاماً بل قصصاً مروعة
لم تكن أعداد ضحايا حرب الإبادة في غزة أرقاماً مجردة بل تمثل آلاف القصص التي تعبر بتفاصيلها المأساوية عن الوجع الفلسطيني المستمر منذ نكبة فلسطين الأولى عام ثمانية وأربعين... إنها جرائم ومآسي يندى لها جبين الإنسانية.
أرقام نابضة بالحياة ومؤثرة؛ لأنها تمثل الحقيقة التي تتوارى خلفها تفاصيل السردية الفلسطينية المشعة كأنها شمس النهار.
فحسب آخر إحصائيات المركز الوطني الفلسطيني للإحصاء فإن مجموع الشهداء في قطاع غزة بلغ 63371.. منهم 18592طفل.. و 12400 امرأة. ومن بينهم 238 صحفياً.. (يتفوق الرقم على عدد الصحفيين في الحربين العالميتين الأولى والثانية وفق تقارير عالمية)
فمن بين الشهداء الذين ارتقوا منذ السابع من أكتوبر 2023، في أتون حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، نتذكر بعض الحكايات المؤثرة التي ساهمت في ترسيخ السردية الفلسطينية في الوعي الجماهيري العالميّ، ولنبدأ بحكاية الجد الحنون " خالد نبهان " الذي كان يُقبّل حفيدته ريم من عينيها قبل استشهاده في نهاية ديسمبر 2024 بـقـصـف مـدفعـي على الـنصيـرات وسـط قـطـاع غـزة ملتحقاً بحفيدته والتي لقبها بـ "روح الروح" عند ارتقائها.. وتحولت إلى "ترند" عالمي رددها الشرفاء بكل اللغات.
أو الطفل الفلسطيني عبد الله أبو زرقة، تتذكرونه! الذي اشتهر بصرخته المؤثرة "أنا جوعان"، بعد صراع مع المرض والتجويع الناتج عن الحصار في غزة، ونقل للعلاج في تركيا، لكنه لم يتمكن من التعافي.. فأثارت وفاته حزنًا وغضبًا واسعين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث سلطت الضوء على الوضع الإنساني للأطفال في غزة والمعاناة التي يواجهونها.
وما كان يثير الامتعاض أكثر، هو مقارنة صورته البائسة بصور اللئام المنتشرة عبر الفضاء الرقمي، وهم يتناولون الطعام بشراهة في ولائم كانت مكتظة بتلال الأرز ولحم الضان لتمتلئ كروشهم المندلقة أمامهم وهم يلتقطون الصور والفيديوهات بأنفاسهم المزفرة للتباهي، في تعبير عاصف عن أبشع أيات الرأسمالية المتوحشة وهي تغض الطرف عن جرائم الاحتلال الغاشم في القطاع المحاصر من القريب والبعيد (إلا من رحم ربي).
لا بل كيف ننسى الطفلة الفلسطينية زينة سعيد الغول وقد أصبحت رمزًا للألم والبراءة التي سحقتها حرب إبادة شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة دون رادع،. فارتقت شهيدة في مدرسة أسماء بمخيم الشاطئ غرب غزة، أثناء انتظار دورها للحصول على قطعة من البسكويت، في مشهد مؤلم يعكس حجم المعاناة التي يعيشها الأطفال في قطاع غزة المنكوب.
لكن كلماتها الأخيرة التي تداولها الناس عبر الفضاء الرقمى دوّت بصوتها فأيقظت العالم، وهي تقول لوالدتها: "لما استشهد بدي أحكي لربنا يوقف الحرب" عبارة اخترقت القلوب، وعبّرت عن أمنية طفلة لم تتجاوز سنواتها الأولى، لكنها كانت شاهدة على الكارثة التي لم يشهد العالم لها نظيرا.
زينة كانت واحدة من آلاف الأطفال الذين فقدوا حياتهم في الحرب، وسط تحذيرات دولية من أن غزة تتحول إلى "مقبرة للأطفال"، كما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة.
ويبدو أن الله استجاب لندائها فانحشر كيان الاحتلال الإسرائيلي المارق في الزاوية وبات "دولة منبوذة" وملاحقة من قبل محكمتي الجنايات والعدل الدوليتين.
*مؤسسة هند رجب وفلم الأوسكار
لا بل أن شعوب العالم تبنت مطاردة هذا الكيان اللقيط لمحاسبته عبر المسيرات العارمة التي اجتاحت عواصم العالم، واستجابت لنداءات أطفال غزة الذين ارتقو في وضح النهار، وطاردوا القتلة من خلال مؤسسة "هند رجب" التي تحمل اسم تلك الطفلة التي حوصرت في السيارة مع أهلها، تستغيث العالم، لتقتل وأهلها على رؤوس الأشهاد، ليضع نشطاء عالميون اسمها على مؤسسة عالمية.
إنها "مؤسسة هند رجب" التي أنيطت بها مهمة اصطياد مجرمي الحرب الإسرائيليين في أوروبا لمقاضاتهم.. والتي حوصرت داخل سيارة مع أفراد عائلتها بعد أن استهدفهم جيش الاحتلال.. ورغم نداءاتها المؤثرة للنجدة، انقطع الاتصال بها، وعُثر لاحقًا على جثمانها بعد 12 يومًا من الحصار وقد اخترقتها أكثر من 300 رصاصة غادرة.. فأثارت قضيتها تعاطفًا عالميًا، وتحولت إلى فيلم وثائقي بعنوان "صوت هند رجب" الذي نال جائزة الأسد الفضي في مهرجان البندقية الأخير، ليخلّد صوتها كصرخة ضد الحرب.
ومنذ أيام انطلق من ميناء برشلونة أكبر أسطول بحري لكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة تحت شعار "أسطول الصمود العالمي" استجابة لنداء شهداء غزة؛ لذلك من العار أن يتعاطى السياسيون مع قضية غزة كأرقام مجردة بل كجزء حي لسردية فلسطينية بدأت منذ النكبة الأولى حتى وقتنا الراهن.
إرادة ملكية بتعيين 13 قاضيا شرعيا .. أسماء
بنك الإسكان الراعي البلاتيني لمنتدى التمويل الأخضر لعام 2025
لقاء رسمي يبحث سبل التصدي لظاهرة الكلاب الضالة
صيحة تجميلية تنتشر على تيك توك قد تُشوه الوجه
مذكرة تفاهم بين الأردن واليابان لتعزيز أمن الحدود
شيرين تحسم الجدل حول إقامة حفل مشترك مع فضل شاكر
340 الف زائر لتلفريك عجلون خلال العام
آيفون 17 برو يغيّر قواعد التصوير لصناع المحتوى
رسالة من قطر بشأن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة
مخزون القمح والشعير بالمملكة ضمن الحدود الآمنة
إصابة 11 شخصاً بحادث تصادم على طريق إربد – عمان
هل ستشهد المملكة أول منخفض جوي قريباً .. توضيح
المومني: الخطاب الأردني دائما متزن
تشكيلات أكاديمية في البلقاء التطبيقية .. أسماء
إغلاق جزئي لطريق إربد-عمان .. تفاصيل
التعليم النيابية تزور جامعتي التكنولوجيا وعجلون الوطنية
الطاقة النيابية تناقش استغلال النفايات لإنتاج الطاقة
الميثاق النيابية تزور محافظة الكرك
مشروع تمليك أراضٍ للمعلمين بخصومات حكومية كبيرة .. رابط
الصفدي يشارك باجتماع مجلس جامعة الدول العربية الخميس
الأردنيّة و نبراسكا – لنكولن تطلقان أوّل برنامج دكتوراه مشترك
الأردن يؤكد دعمه للسلطة الفلسطينية ورؤية عباس الإصلاحية
منصة موحدة لتحديث بيانات الولادة والوفاة
انعقاد امتحان المفاضلة لطلبة التوجيهي العربي اليوم