وقفة مع "الصديق" الأمريكي

mainThumb

22-09-2025 11:28 AM

لا شك أن الأمة العربية بأقطارها كافة تمر بأزمة وجودية غير مسبوقة في تاريخها الحديث. فمن المعروف والبديهي أن أي نظام سياسي يعجز عن حماية حدوده يفقد شرعيته. نحن هنا أمام 22 دولة عربية عاجزة عن فعل أي شيء لحماية حدودها الإقليمية وأمنها القومي، وخاصةً فلسطين وحرب الإبادة على غزة، رغم القمم التي شاركت فيها كل الدول الإسلامية ودول أخرى "صديقة"، وكانت النتيجة صفراً. وهنا، وبعيداً عن الشعارات والجمل المنمقة، نحن بحاجة إلى وقفة حقيقية مع "الصديق" الأمريكي، كما يسميه بعض العرب.

ترى من سيكون الهدف القادم بعد قطر التي تعرضت لعدوان صهيوني غادر؟ لولا أمريكا، ما تجرأ الكيان الصهيوني على تنفيذ تلك العملية التي استهدفت أقرب حلفاء أمريكا، والذي يضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة. كان الهدف من العملية اغتيال قادة من حماس وهم في الضيافة القطرية، وهو أمر وافقت عليه أمريكا ورضي عنه الصهاينة.

إذن، أمريكا ليس لها صديق. هذه حقيقة سياسية أكدها أحد أقرب أتباعها، الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، عندما ثار عليه الشعب المصري واستنجد بأمريكا لإنقاذه. لكن نصيحة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينها كانت أن يتنحى ويستجيب لإرادة شعبه. يومها قال حسني مبارك جملته المشهورة: "أمريكا ليس لها صاحب". وقبله، كاد السادات أن يقولها عندما لاحظ أن معاملة أمريكا له قد تغيرت بعد إبرام "كامب ديفيد".

والسؤال الذي يطرح نفسه على الشارع العربي: ألم يحن الوقت لأن تقف أمتنا موحدة في الهدف والمصير؟ فالأمريكي لم يعد صديقاً بعد كل تلك الجرائم التي ارتكبها "كلبه المدلل" بدعمه وإشرافه وحمايته، وليس آخرها العدوان على دولة قطر، والذي بالتأكيد لن يكون الأخير في القاموس الصهيوأمريكي.

إذا لم تتم وقفة حقيقية مع "الصديق" الأمريكي، فسنجد أنفسنا جميعاً، وفي المقدمة من يسمون أنفسهم أصدقاء أمريكا، نُساق كالأغنام إلى المقصلة الصهيوأمريكية في الغد القريب.

في وقت واحد، يقوم الكيان الصهيوني بالعدوان على سوريا (رغم المفاوضات واللقاءات السرية) ولبنان وقطر، وحتى تركيا، فقد دُمِّرت لها قاعدة في مدينة حلب التي تخضع لسيطرتها ونفوذها السياسي. ونتنياهو يفتخر بذلك أمام "قطيعه" المتعطش لسفك الدماء العربية. ولولا أمريكا وحمايتها، ما تجرأ هذا الكيان الصهيوني على فعل كل ذلك.

منذ إنشاء الكيان الصهيوني السرطاني في جسد أمتنا العربية، وأمريكا هي الداعم الأساسي له. وعندما سُئل الرئيس الأمريكي الراحل هاري ترومان لماذا كانت أمريكا أول من اعترف بالكيان الصهيوني بعد إعلان قيامه وصناعته، وهل سيؤثر ذلك على حلفائهم من العرب، أجاب ترومان: "العرب ليس لهم أصوات أو تأثير في الولايات المتحدة". وهذا يعني أن العرب لا شيء لدى صانع القرار الأمريكي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

والمأساة أن بعض المسؤولين العرب اليوم، إن لم يكن كلهم،  صدّقوا أن هداياهم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستكفيهم شره وهرطقاته. ونسي هؤلاء الحكام أن أموالهم أصبحت في الخزينة الأمريكية، وليس في جيب ترامب الذي لم يدخل جيبه دولار واحد. بل ذهبت تلك البلايين للخزينة الأمريكية التي دعمت الصهاينة، وبأموالنا يُقتَلون، كما صرّح أحد القادة الصهاينة. لذلك، لا بد من وحدة الموقف، سواء أراد البعض أم رفض، وأن نقف وقفة واحدة مع "الصديق" الأمريكي. وإلا، فسنجد أنفسنا على المقصلة الصهيوأمريكية، وسنتساءل، إذا بقينا على هذا الحال، على من الدور القادم بعد قطر؟ ولا عزاء للصامتين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد