الثقة أساس كل العلاقات

mainThumb

11-10-2025 09:10 PM

في حياتنا، تمر بنا علاقات تشبه الجسور الممتدة بين قلوبنا وقلوب من نحب، جسر من المودة والثقة والاحترام، تبنى دعائمه على الصدق والإخلاص، وتقويه المواقف الصعبة قبل اللحظات السعيدة. تلك العلاقات القوية والمتينة لا تخلو من بعض الشوائب أو الغيوم العابرة، فالحياة بطبيعتها ليست صفاء دائمًا، بل مزيج من النور والظل، من الفرح والتعب، ومن الفهم وسوء الفهم.
أحيانا، تمر بنا ظروف تحدث شرخا صغيرا، ثقبا بالكاد يرى بين أطراف العلاقة. قد يكون كلمة لم تقل في وقتها، أو تصرف فهم خطأ، أو موقف بسيط كبّرته الصدفة. ومع ذلك، فإن هذا الثقب الصغير قد يتحول، إن لم ننتبه، إلى فجوة واسعة تسمح بدخول الغرباء أو الحاسدين أو أصحاب النوايا المريضة، ممن يحاولون بث الشك، وزرع التفرقة، وتشويه الصفاء بين المحبين. إنهم كالفيروس الذي يتسلل بصمت، فيتغذى على الضعف، وينمو كلما زادت المسافة بين القلوب.
لكن بعضنا تعلم، بعد التجارب والخيبات والمواقف الكثيرة، أن الثقة هي حجر الأساس في أي علاقة، وأن الخلافات لا تعني النهاية، بل فرصة للفهم والنضج وإعادة بناء الجسور بطريقة أقوى وأكثر صلابة. أدركنا أن العتاب الصادق خير من الصمت الطويل، وأن الحوار الصريح أنبل من الظنون، وأن من يحبك بصدق لن يسمح لريح أن تقتلع جذور العلاقة مهما اشتدّت.
بعد الكثير من المتاعب، تصقل العلاقة كما يصقل الذهب في النار. فالمواقف الصعبة تعلمنا من نحن، وتكشف لنا من يستحق البقاء ومن كان مجرد عابر طريق. ومع مرور الوقت، نكتشف أن الخير فينا لم يمت، وأننا ما زلنا قادرين على منح الثقة، ولكن بحذر ووعي أكبر. نتعلم أن الاحترام ليس مجرد كلمة، بل سلوك يومي يحمي العلاقات من الانهيار، وأن الصدق والنية الطيبة هما السور الذي يمنع أي غريب أو قريب من أن يزرع الشك أو يفسد الصفاء.
فلا تسمحوا لأحد أن يستغل ثقبا صغيرا ليهدم علاقة جميلة، أو يشعل نار الفتنة بين قلوب كانت صافية. لا تجعلوا كلام الناس أو همسات الغيرة تقتل المحبة بينكم. فالعلاقات التي بنيت على النقاء تستحق أن نحارب لأجلها، وأن نغفر من أجل بقائها، وأن نرممها كلما تصدعت، لأنها جزء منا ومن ذاكرتنا ومن أرواحنا.
لتكن قلوبكم كبيرة كفاية لتحتوي، وعاقلة كفاية لتفهم، وقوية كفاية لتسامح.
ولتدم السكينة في قلوبكم ما دمتم على صدق مع أنفسكم ومع من تحبون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد