الأسرى .. الدم الفلسطيني الذي لا يُباع
في زنازين السجون الإسرائيلية، تتحول بعض الأسماء من مجرد أسرى إلى رموز تحمل في طياتها قصصاً تثير المشاعر وتحرك الضمائر.
ما إن تبدأ مفاوضات تبادل الأسرى حتى تطفو على السطح أسماء محددة ترفض إسرائيل الافراج عنها، ليس لأنها مجرد اسرى عاديين ، بل لأنها تمثل إشكاليات عميقة تمس جوهر قضية التحرر وتعيد رسم خريطة القوى في المنطقة.
شخصيات مثل مروان البرغوثي لا يمكن اختزالها في أسير عادي، فهو ذلك السياسي المخضرم الذي تتعالى شعبيته من خلف القضبان، حيث يحظى باعتراف كل الأطياف الفلسطينية , إسرائيل تدرك أن خروجه من الأسر يعني فتح صفحة جديدة من في القضية الفلسطينية ، حيث سيجسد بوجوده حلم الوحدة الفلسطينية التي طالما عملت على تفكيكها.
الغريب أن قيادات السلطة الفلسطينية في رام الله، عالقة في مأزقها الخاص، ترى في البرغوثي منافساً خطيراً قد يقلب موازين القوى الداخلية, فهم يعيشون في عالم منفصل عن معاناة الشعب والقضية برمتها ، محاصرون بين مطرقة الاحتلال وسندان الشارع، عاجزون عن إيقاف الاستيطان أو تحقيق أدنى طموحات شعبهم.
أما عبد الله البرغوثي، فهو العقل المفكر الذي تهابه إسرائيل، فخبرته التقنية جعلته كابوساً للأجهزة الأمنية , حكم المؤبد الذي يقضيه ليس مجرد عقاب لشخصية جاهدت للانعتاق من لاحتلال ، بل هو محاولة لطمس معرفة يخشون أن تنتقل إلى أجيال جديدة , في الجهة المقابلة، تقف فصائل المقاومة مصممة على تحويل هذا الملف إلى اختبار حقيقي لشرعيتها، وفرصة تاريخية لتثبت أن طريق المقاومة هو الأكثر جدوى وفعالية.
لا يقل أحمد السعادات أهمية، فهو في الذاكرة الإسرائيلية قائد عملية اختطاف تاريخية، رمز للمقاومة المنظمة القادرة على المفاوضة من موقع القوة.
لكن المفارقة أن هذا الرمز، وغيره من الرموز، أصبحوا أوراقاً في لعبة إقليمية معقدة، حيث تفضل دول عربية التعامل مع قيادات يمكن التنبؤ بتحركاتها، وتضع "الاستقرار" مهما كان نوعه وطبيعته فوق كل اعتبار.
في خلفية هذه المعركة، تبرز أدوار إقليمية ودولية متباينة تجعل من قضية الأسرى ساحة لتصفية الحسابات وتأكيد النفوذ, فمصر بوصفها وسيطاً تقليدياً، تضع أمنها القومي فوق كل اعتبار، حريصة على ألا يؤدي إطلاق سراح أي من هؤلاء الأسرى إلى إثارة المشاعر أو تعطيل حساباتها مع واشنطن وتل أبيب , تتعامل مع الملف بحذر البائع الذي يخشى على بضاعته، فتبقى في منطقة وسطى لا تزعج فيها إسرائيل أكثر من اللازم، ولا تخيب آمال الفلسطينيين بشكل كامل.
تركيا، فتلعب لعبة مختلفة، تستخدم فيها قضية الأسرى ورقة لتعزيز نفوذها الإقليمي، وتقديم نفسها كمدافعة عن القضية الفلسطينية في مواجهة خصومها, لكن خطابها الحماسي يبقى محسوباً، لا يتجاوز حدود العلاقة مع إسرائيل إلى القطيعة، ولا يصل إلى درجة التضحية بالمصالح في سبيل المبادئ.
وفي القمة تقف الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، التي لا ترى في الأسرى سوى "إرهابيين" أو على أفضل تقدير أوراق ضغط يجب عدم التفريط بها, الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل يجعل من قضية الأسرى مجرد نقطة في جدول أعمال دبلوماسي لا يضع حرية الإنسان في سلم أولوياته.
هذه المعركة التي تدور رحاها حول تبادل الأسرى ليست مجرد مفاوضات عابرة، بل هي مرآة تعكس تناقضات المشهد الفلسطيني بأكمله وتصارعات الإقليم, فقيادات السلطة، التي كانت يوماً رمزاً للنضال، أصبحت اليوم أسيرة شرعية منهكة، عالقة في دوامة التنسيق الأمني مع الاحتلال، مرتهنة للتمويل الدولي المشروط، عاجزة عن التحرك خارج الصندوق الذي صنعه اتفاق أوسلو.
المقاومة تحاول تحويل القضية إلى شهادة ميلاد جديدة لشرعيتها، بينما القوى الإقليمية تتسابق على اقتسام الكعكة دون اكتراث بحقيقة أنهم يتاجرون بدماء وأنفاس بشر.
إنها مأساة حقيقية أن يتحول الأسرى، وهم رموز الصمود الوطني، إلى رهانات في صراع على الشرعية بين قيادات متقادمة في رام الله وبين قوى إقليمية تتصارع على النفوذ.
من يقبعون في مكاتب رام الله المكيفة، وغرف العمليات، وقصور القرار الإقليمي، يناقشون تفاصيل الصفقات، ربما نسوا أن خلف كل رقم من أرقام الأسرى قصة إنسان، وحكاية صمود، ورسالة حرية.
تبقى قضية الأسرى شاهدة على أن الصراع الفلسطيني تحول من مواجهة مع الاحتلال إلى صراع متعدد الأبعاد، حيث تتداخل المصالح وتتصادم الرؤى.
الأغرب أن الجميع يتحدث باسم الشعب الفلسطيني، لكن قلة قليلة تذكر أن هذا الشعب يدفع الثمن من دمائه وأحلامه وآماله.
السجون قد تحبس الأجساد، لكنها لا تقتل الإرادة، والقيود قد تكبل الأيدي، لكنها لا تقيد العزيمة. والقادم، رغم كل التناقضات والاختناقات، سيكون مختلفاً، لأن شعوباً بهذه الإرادة لا يمكن أن تبقى أسيرة للأبد.
الأردن يشارك في قمة السلام بمصر الاثنين
التعادل السلبي بين الوحدات وشباب الأردن بدرع الاتحاد
عصف ذهني في منزل الشريف فواز شرف
مشاركة 20 دولة بقمة شرم الشيخ للسلام
القبض على شخص ظهر بفيديو متداول .. تفاصيل
الأسرى .. الدم الفلسطيني الذي لا يُباع
الإمارات تفوز على عُمان بتصفيات المونديال
ترجيحات ببدء الإفراج عن المحتجزين من غزة الأحد
يوم طبي مجاني في مغير السرحان الأحد
تغيير العادات والتقاليد مبادرة رسمية ومجتمعية
النرويج تكتسح إسرائيل بخماسية في تصفيات المونديال
تعادل الحسين والبقعة في بطولة الدرع
إقرار نظام مكاتب وشركات السياحة والسفر
مزيج الموز والفلفل الأسود يثير اهتماماً صحياً واسعاً
مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية لوظيفة معلم .. رابط
موجة إدمان جديدة تهدد جيل الشباب حول العالم
افتتاح دورة الذكاء الاصطناعي بالكلية الجامعية العربية للتكنولوجيا
الإفراج عن متهمين بقضية الدرونز .. أسماء
التَعلُّم ومراحل التعليم في الأردنّ!
وسيم الحدَّاد مديراً عامَّاً لبنك تنمية المدن والقرى
جامعات تنظم برامج علمية وثقافية متنوعة
الجمارك: تطبق التحول الالكتروني الشامل لكافة الطلبات والمعاملات