الدولة التي تعيش على القروض وتتغذى على الفساد

mainThumb

29-10-2025 10:52 PM

هل يمكن لدولة أن تستمر في الحياة وهي تعتمد على القروض، ويُنخر جسدها بالفساد، ويغذيها اقتصاد خفي لا تراه العيون؟
الجواب: نعم، يمكنها أن تعيش لكن على أجهزة الإنعاش.
في مثل هذه الدول، يصبح القرض شريان الحياة، لا وسيلة للتنمية. المواطن يعيش على الدين، والمؤسسات تموّل بالعجز، والإنفاق العام يتحرك على إيقاع “المساعدة الخارجية” لا على نبض الإنتاج الوطني فيبدو المشهد ظاهريًا مستقرًا، لكن كل شيء في العمق مؤجل، هش، ومعلّق على الخيط الأخير.
أما الفساد المالي والإداري، فهو لم يعد مجرد خلل، بل أصبح نظامًا بحد ذاته تُوزَّع المناصب وفق الولاء، وتُمنح الامتيازات على أساس العلاقات، وتُدار بعض المشاريع كما لو كانت مسرحيات مؤقتة لتبرير الإنفاق. وفي المقابل، يختبئ المواطن خلف القروض الصغيرة، يسدّد اليوم ليقترض غدًا، يعيش في دوامة بلا نهاية.
وفي الظل، يعمل اقتصاد خفي يشكّل الرئة التي يتنفس منها المجتمع:
تجارة نقدية لا تمر عبر النظام المصرفي، أعمال غير مرخصة، تحويلات غير مراقبة، ونشاطات “رمادية” تخلق توازنًا مؤقتًا، لكنها تسرق من الدولة ما تبقّى من قدرتها على التخطيط والمساءلة.

هكذا تولد معادلة غريبة:

القروض تُبقي الدولة واقفة،
الفساد يُبقي المتنفذين مطمئنين،
والاقتصاد الخفي يُبقي الناس أحياء.
لكن الحقيقة المرّة أن هذا ليس اقتصادًا منتجًا، بل اقتصاد بقاء مؤقت.
اقتصاد يستهلك أكثر مما يصنع، ويستدين أكثر مما يوفّر، ويُرحّل الأزمات بدل حلّها.
إنه اقتصاد يعيش على الحافة، لا يتقدّم ولا ينهار، فقط يتنفّس ببطء في انتظار الصدمة الكبرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد