عفواً دولتك: ليس أقوى ولا أضعف

mainThumb

07-11-2025 11:21 AM

في حديثٍ مثير للجدل، وجد رئيس الوزراء السابق نفسه محاصراً بسؤال تصيّد فيه مقارنة غير مجدية بين منصبين سياديين، ليجيب بأن مدير المخابرات هو "الأقوى بالقطع".

هذا التصريح، رغم أنه قد ينبع من تجربة شخصية ولا أعتقدها تعميما ، يُسقط في حبائل إعلامية لا تعكس حقيقة الدولة الأردنية التي نعرفها.

الخلل الأساسي ليس في الإجابة، بل في السؤال نفسه. فطرح سؤال "أيهما أقوى؟ " ينطلق من فرضية خاطئة مفادها أن هناك صراعاً على النفوذ بين المناصب السيادية في الأردن , وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة.

الأردن دولة مؤسسات وقانون، تُدار بمنطق التكامل والتعاون وليس التنافر والتنافس , كل منصب فيه واجباته ومسؤولياته، و"القوة" الحقيقية تكمن في أداء هذه الواجبات على أكمل وجه، وليس في التناطح على النفوذ.

رئيس الوزراء ومدير المخابرات منصبان سياديان مهمان في بناء الدولة وأمنها فرئيس الوزراء يقود السلطة التنفيذية ويسهر على تلبية احتياجات المواطن اليومية وتنمية البلاد, بينما مدير المخابرات يحمي الأمن القومي ويحافظ على استقرار الوطن.

أيهما أهم؟ كليهما مهم , فكيف نقارن بين مَن يبني المستشفى ويطور التعليم، وبين من يحرس حدود الوطن ويحميه من الأخطار؟! إنها مقارنة لا معنى لها في دولةٍ يتكامل فيها الجميع كالبنيان المرصوص.

الحديث عن "خط مباشر" مع القيادة كمصدر للقوة هو أيضاً فهمٌ مشوّه , فهذا الخط ليس امتيازاً شخصياً، بل هو أداة عمل ضرورية لطبيعة المهام الأمنية الحساسة التي تتطلب تنسيقاً فورياً ومستمراً, كما أن لرئيس الوزراء قنوات اتصال منتظمة ومؤطرة مع القيادة, الفارق هو في طبيعة العمل، وليس في مستوى الثقة أو القرب.

لقد أوقع الدكتور الخصاونة نفسه، وهو رجل دولة كرئيس وزراء سابق ، في فخ المقارنة التي تكرّس صورة سلبية عن الدولة نتيجة فخ اعلامي محبوك .

الصورة الحقيقية للأردن هي صورة الفريق الواحد , فريق تعمل فيه كل المؤسسات بتناغم تحت قيادة واحدة، بهدف واحد هو مصلحة الأردن وأهله,لا مكان في هذا الفريق لـ"أقوى" أو "أضعف"، بل هناك مكان فقط لقيادة هذه السفينة على مبدأ التكامل لا التنافس.

قوة الأردن تكمن في مؤسسيته، وفي احترام كل مسؤول لحدود منصبه، وإدراكه أن دوره مكمل لأدوار الآخرين. هذا هو السبيل لقيادة أي مرحلة بتفوق ونزاهة، وهذا هو الأردن الذي نرفعه جميعاً



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد