الأردنيّة تحتضن أوّل مؤتمر إقليميّ حول الطّاقة الخضراء

الأردنيّة تحتضن أوّل مؤتمر إقليميّ حول الطّاقة الخضراء

02-12-2025 08:10 PM

السوسنة - انطلقت في كلّيّة الهندسة في الجامعة الأردنيّة اليوم، وبرعاية رئيس الجامعة الدّكتور نذير عبيدات، أعمال المؤتمر الأوّل حول "الطّاقة الخضراء في منطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا: الطاقة الشّمسيّة، والهيدروجين الأخضر، والزّراعيّة الذّكيّة" (GE-MENA 2025) تتويجًا لمسيرة ممتدة من الجهود البحثيّة والتّعاون الدَّوليّ الذي اضطلعت به الجامعة عبر مجموعة واسعة من المشاريع الإقليميّة والدَّوليّة المدعومة من الاتّحاد الأوروبيّ خلال السّنوات الماضية.

وقال عبيدات في كلمته الافتتاحيّة إنَّ الانتقال إلى الطّاقة الخضراء لم يعد خيارًا ثانويًّا، بل ضرورة عالميّة تفرضها التّحديات البيئيّة والاقتصاديّة، مؤكّدًا أنَّ الجامعة تنظر إلى الطّاقة النّظيفة بوصفها "استثمارًا تاريخيًّا قادرًا على إعادة تشكيل وجه المنطقة وتأمين مستقبل الأجيال القادمة"، ودعا إلى تحويل التّعاون الدَّوليّ، لا سيما مع الاتّحاد الأوروبيّ وبرنامج إيراسموس+، إلى مشاريع عمليّة داخل الحرم الجامعيّ، وإلى ابتكار حلول وتقنيات تحمل بصمة طلبة الجامعة وباحثيها، مشدّدًا على أنَّ المستقبل يُصنع هنا في مؤسّسات التّعليم والبحث العلميّ.

وفي كلمته مندوبًا عن وزير الزّراعة الدّكتور صائب الخريسات، أشار المهندس بكر البلاونة إلى أنَّ قطاع الزّراعة يُشكّل ركيزة أساسيّة في منظومة الأمن الغذائيّ والاقتصاد الوطنيّ، مؤكّدًا أهمّيّة الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعيّة بما يضمن استدامتها للأجيال القادمة، وأضاف أنَّ الوزارة تعمل على تعزيز الشّراكات مع الجامعات ومراكز البحث لإيجاد حلول مبتكرة تدعم الزّراعة الذّكيّة وتواجه تحديات التّغيّر المناخيّ وشحّ المياه، مشدّدًا على أنَّ الأردن يمتلك مقوّمات كبيرة تمكّنه من تطوير هذا القطاع الحيويّ والارتقاء به بما يخدم المصلحة الوطنيّة.

وقال مُمثّل سفير الاتّحاد الأوروبيّ في الأردن ورئيس التّعاون في بعثة الاتّحاد الأوروبيّ، باتريك لمبراشت، إنَّ ميثاق البحر الأبيض المتوسط الذي أطلقه الاتّحاد الأوروبيّ تحت شعار "بحر واحد، ميثاق واحد، مستقبل واحد" يضع الإنسان في قلب التّنمية، باعتبار الشّباب والابتكار القوة الدّافعة لمستقبل المنطقة، مشيرًا أنَّ الأردن يمتلك فرصًا واعدة في مجالات الطّاقة النّظيفة، والهيدروجين الأخضر، والزّراعة المستدامة، موضّحًا أنَّ أولويات الميثاق تتقاطع مباشرة مع مشاريع Erasmus+ الدّاعمة للتّعليم العالي، والتّدريب المهنيّ، وبناء المهارات الخضراء، وزاد أنَّ الاتّحاد الأوروبيّ فخور بالشّراكة مع الجامعات الأردنيّة.

بدوره، أكّد السّفير الألمانيّ في الأردن الدّكتور برترام فون مولتكه أنَّ الطّاقة الخضراء هي “الطّريق الوحيد للمضيّ قدمًا”، مؤكّدًا أنَّ العالم لم يعد يملك رفاهية الانتظار أمام التّحديات المناخيّة المتصاعدة، وأوضح أنَّ الدّول الّتي ستنجح في الانتقال السّليم من الوقود الأحفوريّ إلى الطّاقة المتجدّدة ستكون في موقعٍ تنافسيّ أقوى في المستقبل، مشيرًا إلى أنَّ الأردن يمتلك مقوّمات مُميّزة في هذا المجال، من وفرة الإشعاع الشمسيّ ومساحات الأراضي الواسعة إلى الفرص الواعدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأسمدة، وأعرب عن فخر بلاده ألمانيا بدعم هذه الجهود، من خلال مشاريع التّعاون وبرامج التّبادل الأكاديميّ.

وقال عميد كلّيّة الهندسة الدّكتور منور التراكية إنَّ مستقبل الطّاقة لم يعد مرتبطًا بقدرتنا على توليد الطّاقة النّظيفة فقط، بل بقدرتنا على إدارتها بذكاء عبر أنظمة رَقْميّة متقدمة تربط بين مصادرها المختلفة، وبيّن أنَّ التّحوّل الحقيقيّ يكمن في صعود أنظمة الطّاقة الذكيّة كشبكات تتعلّم وتتطوّر ذاتيًا اعتمادًا على الذّكاء الاصطناعيّ وتحليلات البيانات الضّخمة والنّمذجة الإحصائيّة، وأردف أنَّ هذه الأدوات قادرة على نقلنا من التخمين إلى التنبؤ الدّقيق، سواء في توقّع إنتاج الطاقة المتجدّدة أو في تحسين إدارة الشبكات الفعليّة، مؤكّدًا في نهاية كلمته أنَّ المشاريع المُشارِكة في المؤتمر تجسّد هذا المستقبل القائم على البيانات، داعيًا إلى بناء منظومة طاقة أكثر كفاءة ومرونة وأمانًا، يقودها جيل قادر على تحويل البيانات إلى حلول مستدامة.

من جهته، أكّد مدير مكتب إيراسموس بلس الوطنيّ في الأردن، الدكتور أحمد أبو الهيجاء، أنَّ البرنامج يولي أولوية قصوى لمحور الاستدامة البيئيّة، مشيرّا إلى أنَّ الأردن يحتضن حاليًا 31 مشروعًا نوعيًّا يركّز على القضايا الخضراء ضمن برامج بناء القدرات والتّعليم والتّدريب المهنيّ، ونظّم سلسلة من الفعاليات التّوعويّة في عدة جامعات أردنيّة استقطبت نحو 760 مشاركًا، وبيّن أنَّ برنامج إيراسموس يحقّق تأثيرًا شموليًا على ثلاثة مستويات: تعزيز الوعي البيئيّ والمهارات الرّقْميّة لدى الأفراد، وترسيخ الممارسات المستدامة داخل المؤسّسات التّعليميّة، ودعم الجهود الوطنيّة لمواءمة استراتيجيات الأردن مع المعايير الدَّوليّة والأوروبيّة في مواجهة التّغيّر المناخيّ.

فيما أكّد رئيس اللجنة التحضيريّة للمؤتمر الدكتور أحمد السلايمة، أنَّ انعقاد المؤتمر يشكّل تتويجًا لمسيرة ممتدة من التّعاون الدَّوليّ والمشاريع البحثيّة الّتي نفّذتها الجامعة بالشّراكة مع مؤسّسات أوروبيّة وعربيّة، منها: HYMENSO، INNOMED AgroTec، GREEN، الّتي أسهمت في بناء قدرات الباحثين والطّلبة، وتطوير برامج متقدّمة في الطّاقة الشمسيّة والهيدروجين الأخضر والزّراعة الذكيّة، وأضاف أنَّ الجامعة تضع نفسها في قلب الجهود الإقليميّة لمواجهة تحديات الطاقة والمياه والأمن الغذائيّ، عبر البحث العلميّ، واعتماد التكنولوجيا الحديثة، وتمكين الشباب، مبيّنًا أنَّ المؤتمر نافذة هامة لاستشراف مستقبل الطّاقة الخضراء وتعزيز الشّراكات العلميّة القادرة على صياغة حلول مستدامة للمنطقة.

ويشهد المؤتمر مشاركة واسعة من خبراء وأكاديميّين ومُمثّلين رسميين من أكثر من خمس عشرة دولة، من بينها الأردن وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنمسا والمغرب والجزائر ومصر وفلسطين والإمارات والسودان وسلوفاكيا واليونان وقبرص، إلى جانب مؤسّسات دَوليّة مرموقة، حيث تشارك في أعمال المؤتمر جامعات عربيّة وعالميّة رائدة، مثل جامعة هامبورغ التقنيّة، وجامعة برلين التقنيّة، وجامعة سالينتو، وجامعة إنسبروك، وجامعة قبرص، وجامعة العلوم الزّراعيّة السلوفاكية، إضافة إلى جامعات أردنيّة، مثل: جامعة مؤتة، جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنيّة، جامعة الحسين التقنيّة، والجامعة الوطنيّة للتكنولوجيا.

ويشارك في المؤتمر عددًا من الجامعات العربيّة منها: جامعات القاضي عياض ومحمد الخامس من المغرب، وجامعة بوليتكنيك فلسطين، وجامعة فلسطين التقنيّة - خضوري، والأكاديميّة العربيّة للعلوم والتكنولوجيا في مصر، وجامعة رأس الخيمة من الإمارات، فضلًا عن حضور مؤسّسات دَوليّة ومراكز وشركات بحثيّة في الزّراعة الذكيّة والطّاقة المتجدّدة.

ويتضمّن المؤتمر على مدار يومين برنامجًا علميًّا مكثّفًا يشمل أكثر من عشر جلسات متخصّصة تطرح فيها أحدث الأبحاث والابتكارات في مجال الطاقة الخضرا، وتشمل الجلسات محاور رئيسيّة حول الطاقة الشمسيّة، والهيدروجين الأخضر، والزّراعة الذّكيّة، وأنظمة الطّاقة المتجدّدة الهجينة، وكفاءة الطاقة، والذّكاء الاصطناعيّ في إدارة المياه والزّراعة، وتقنيات الرّيادة والابتكار في الطّاقة، وتكامل الطاقة والمياه والغذاء، كما ستعرض خلال المؤتمر نتائج مشاريع بحثيّة دَوليّة، إلى جانب أوراق علميّة تناقش موضوعات مثل: التخزين الكيميائيّ للطاقة، الزراعة الدقيقة، الطاقة الحراريّة، الشبكات الذّكيّة، والتقنيّات المتقدّمة في إنتاج الهيدروجين، بما يجعل المؤتمر منصّة ثريّة للحوار العلميّ وتبادل الخبرات بين المشاركين من مختلف الدّول.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد