ماذا يجري ؟ - د . نزار شموط

mainThumb

16-04-2015 12:30 PM

لقد بات الواحد منا  في حيرة من امره في ما يجري على الساحة السياسية العربية , فلم يعد العقل يستوعب المستجدات التي تخرجنا من بوتقة تقديراتنا وتوقعاتنا لما يجري .


لقد باتت الدول العربيه حقل تجارب للصراعات والنزاعات والانشقاقات التي فتتت كيانها ووحدتها , بل اصبحت حقل تجارب حيه للاسلحه الحديثه الفتاكه التي يدفع ثمنها بالمليارات , والتي تضخها مصانع السلاح في العالم لتستخدمها هذه الدول في تدمير نفسها بنفسها .


  والضحية هي شعوب هذه المنطقة التي اجتاحها طوفان ما سمي بثورات التغيير ( الربيع العربي ) ,  وهو في الحقيقه تغيير في خريطة هذه الدول , وتجهيزها لمرحله قادمة من التقسيم .


فأينما نظرت من حولك تجد دماراً وتقتيلاً وسحقاً لكيانات هذه الدول , ومحواً كل ما وصلت اليه من بنية ماديه وثقافيه وسياسيه وفكرية .


فبؤر الصراع تتنقل في المنطقه من مكان لاخر بسرعة اكبر من انتقال فيروس ايبولا , وكورونا , وانفلونزا الخنازير .


اليس هذا امتداداً  لفتنة منظمه اريد لها ان تنهش كيان امتنا بلداً بلدا ؟


 اليس هذا مخططاً ممنهجاً لتفتيت هذه الامه وتدمير بنيتها وقوتها ؟


 ليس الامر كما يروج له الاعلام الغربي , بأن ما يحدث انما هي ثورات شعوب على واقعها , وصراعات طائفية ومذهبية , وصراع على السلطة .


فهذه الطوائف والمذاهب موجوده منذ ازمان بعيده , وكان يسود التعايش فيما بينها , ولم نسمع بالتطرف والغلو والتكفير والارهاب الفكري , وظهور جماعات متطرفة , الا في هذه الايام العجاف , التي نُزعت منها البركه والامن والامان .


اما الصراع على السلطه فهو قائم منذ خلق الانسان , والتاريخ رصد احداث وملاحم الاستحواذ على السلطه , ولكنها بمجملها لم ترقى  لما نحن فيه من صراعات واستحواذ على السلطة , والتي قارب عدد ضحاياها في احدى دول الصراع العربي  المليون قتيل .
والسؤال المطروح , ما الذي يجري ؟ وما نهاية هذه المأساة ؟


لقد استوقفني مقال مؤرق في صحيفة “الفايننشال تايمز″ للخبير البريطاني في شؤون الشرق الاوسط ديفيد غاردنر ، فقد طرح سؤالا مهما مفاده “هل يمكن اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل “ثورات” الربيع العربي في دول مثل ليبيا وسورية والعراق واليمن؟


واجاب على السؤال بالنفي ،  وطالب بعقد سياسي جديد للدول او الامارات الجديدة التي ستظهر على اسس فيدرالية او كونفدرالية .


وهذا التحليل ارتبط لدي مباشرةً بمحتوى ملف الدراسة الذي تسربت من  البنتاجون في الآونة الاخيرة والمتعلقة بالصراع العربي , ونشرت تسريباتها صحيفة “نيويورك تايمز″ الأمريكية ، والتي كشفت عن وجود مخطط يقضي بتفتيت الدول العربية قبل نهاية عام 2015 ، وعلى النحو التالي : تقسيم خمس دول عربية إلى ( 14 ) دويلة , منها تقسيم سوريا إلى ثلاث دول على خلفية الصراع المذهبي والديني ، واحدة للطائفة العلوية ، ودولة للأكراد , وانضمام سنة سوريا إلى المحافظات السنية في العراق، لتشكيل دولة سنيه .


وفي العراق استغلال النعرات الطائفية بحيث يتحد شمال العراق مع دولة الأكراد في سوريا ، أما الوسط السني العراقي يتحد مع سنة سوريا ، فيما يبقى جنوب البلاد للشيعة .


 وفي ليبيا دفع النعرات القبلية إلى الانقسام إلى ثلاث دويلات، واحدة في الشمال الغربي وعاصمتها طرابلس ، والثانية في الشرق تتبع لبنغازي، إضافة إلى دولة فزان التابعة لسبها.


 وفي اليمن الذي يعاني الفقر والانقسام , وسيطرة الحوثيين فيه على السلطه والذي قاد الى تدخل التحالف العربي لاعادة رئيسه الشرعي الى السلطة ,  فسيصبح يمنين ، شمالي وآخر جنوبي .


وتراهن الدراسة على تحقيق النجاحات المتتالية ، بتقصير المدة، وتعزو ذلك إلى وجود انقسام أيديولوجي وفكري وعرقي وطائفي وصل إلى حد التجذر بشعوب المنطقة ، وترى الدراسة بأن المرحلة الراهنة للمنطقة العربية هي الأنسب لتنفيذ السيناريوهات في ظل الازمات الشديدة لبعض الدول العربية ، وانشغالها في أوضاعها الداخلية , وكل هذه المخططات تصب حتماً في مصلحة إسرائيل ، إضافة إلى ضمان شحنات البترول لأمريكا وأوروبا .


اذاً ما يجري هو عباره عن تنفيذ لاجندات ومخططات ترعاها الدول المعادية لهذه الامة , وعلى رأسها الصهيونية العالمية , ونحن ننفذها خطوة بخطوه , رغم علمنا بما يحاك لنا , وكأننا جميعاً تحت تأثير تنويم مغناطيسي  ,  نأمل ان نصحو منه , قبل فوات الاوان .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد