أيصمد الأردن إن تحرر من التبعية لأمريكا ؟

mainThumb

04-05-2015 12:47 PM

إن التبعية في شقيها السياسي و الاقتصادي  ما تخلو من قيودها جهة على الارض ؛ إذ هي أجزاء كثيرة ، لكن يمكن القول إن الكلام ها هنا عن التبعية التي تستلب معها أغلب السيادة و تنتهك معظم الحرية ، و المقصود تبعية الدول و سيادتها و حريتها .

وتكون صورة ذلك الاستلاب للحرية و السيادة أن ترتهن سياسة الدولة الخارجية و الداخلية في بعض الجوانب لرغبة المتبوع المتحكم القوي باقتصاده و بترسانته العسكرية و بنفوذه السياسي بخلاف مصلحة الأمة الضعيفة .

إن ثنائية التابع و المتبوع أو القوي المتحكم و الضعيف المستسلم ثنائية قديمة ، لكن كان قوامها القوة العسكرية وجودا أو عدما وحسب ، فكانت القوى تتصارع دون أن يؤثر ذلك على أقوات الناس و معايشهم . أما اليوم ؛ فإنها يرافقها سلاحان فتاكان أشد من فتكها ؛ ألا و هما قوة المال و قوة النفوذ السياسي .

فغدت فرص الدول الضعيفة ضئيلة في التحرر من ضغط بل تحكم هاتين القوتين القاهرتين إلا ان يشاء الله ، فما أن تقرر أمة مغلوبة ضعيفة أن تتحرر حتى تخضعها القوى الغالبة المستكبرة بالحصارين الاقتصادي و السياسي و ربما بالهجوم العسكري في كثير من الحالات . و إن هذه المغالبة النكدة أشد ما تمارس على أممنا الإسلامية ؛ فممنوع علينا عند أمريكا و الغرب وروسيا أن نتحرر وننهض ، و ما أكثر ما تساهلوا مع سوانا ، أما نحن فمنعنا و ما زلنا نمنع بالقهر العسكري و بالتجويع و بالعزل السياسي لكل دولة يحاول قادتها التحرر أو حتى يفكرون بذلك . و ما تلك الحرب الشاملة علينا إلا لأننا كمسلمين حملة رسالة عالمية ومشروع مضاد لمشروع الشيطان الذي يجند هؤلاء للإفساد في الأرض بالشرك و الإباحية و بسائر الموبقات .

إن أراد الأردن أن يتحرر من سطوة أمريكا و من ورائها في يوم من الأيام فلا بد أن يعد العدة لعقابها و لتجويعها إيانا بالحصار وبقطع المساعدات المنتظمة وغير المنتظمة التي منها تدفع رواتب و معاشات الناس ، و التي - أي المساعدات - فرضت علينا قهرا لئلا نعتمد على انفسنا في اقتصادنا ، و لتهديدنا بقطعها حين اللزوم ، فنحسب ألف حساب قبل أن نفكر بالتحرر من سطوتهم خشية الجوع و الحصار ، سيما و حدودنا تشكل أطول جزء من طوق الدولة الصهيونية المعتدية .

فلو أراد الأردن أن يستقل بالقرار عن ضغوط امريكا و نفوذها الخانق فهل سيبقى واقفا على رجليه في ظل ظروف داخلية وأقليمية و دولية كهذه ؟ هذا ما نتمنى ؛ لكن الواقع أعتى بكثير من إمكاناتنا و إمكانات الإقليم الراهنة إن سياسيا أو اقتصاديا فما العمل ؟! هل نسلم و نبقى مسلوبي الإرادة الحرة و العيش الكريم ؟ أم نعمل لنؤسس لاقتصاد مستقل ثابت الأقدام و إن بالتخفي و الاستتار عن عيون امريكا و أضرابها الشاخصة إلينا ؟ .

لا شك أن التأسيس لاقتصاد مستقل أفضل و أجل و إن أخذ وقتا وكفاحا و سهرا . و إلام سنبقى في عيون القريب و البعيد عالة ومتسولين و لدينا الإنسان المكافح الذكي ، و لدينا من قبل الرب تعالى يعدنا بالعون إن نحن جاهدنا لكرامتنا و استقلالنا .

و إنه من أجل أن يتحقق هدفنا بالقومة الاقتصادية ؛ فلا بد لنا من استلهام تجارب الشعوب التي لها تجارب ناجحة ، و ان نبدع من لدن أنفسنا أفكارا خلاقة تؤسس لذلك . ليساهم البعض بفكره ، والبعض الآخر بماله ، و البعض بتغاضيه ، و البعض بساعده و بنشاطه .

 إننا لن ننهض حتى ننهض كلنا ، و لن نطير بجناح كسير مع آخر صحيح ، و أهم من ذلكما ؛ لن نطير إلا إن قررنا أن نطير .

و الله ولي التوفيق .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد