فرض الأجندة بين وسائل الإعلام التقليدي ومواقع التواصل الاجتماعي - عزام أبو الحمام

mainThumb

30-05-2015 02:31 PM

حدثان وقعا خلال الأيام الأخيرة من شهر أيار/ مايو من هذه السنة حملا دلالات ظاهرة للعيان حول فرضيات فرض الأجندة (Agenda- setting) أحدهما على المستوى الدولي تمثل في انتخابات الاتحاد العالمي للأندية الرياضية (الفيفا)، والثاني ما تمثل في حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "أين بترولنا؟" التي انطلقت في تونس في الفترة نفسها تقريباً.


الحدث الأول (الفيفا) تابعته وسائل الإعلام العالمية واحتل العناوين الأولى في نشراتها وتقاريرها بمختلف أشكالها. وقد انتقل هذا الاهتمام إلى قطاعات واسعة من الناس التي لم يكن يهمها أمر الرياضة وأمر الانتخابات ونتائجها إلا بنزر يسير لا يعتد به أبدا، وأنا واحد من هؤلاء.


ومن خلال قراءة تطور تغطية وسائل الإعلام التقليدية لانتخابات الفيفا يمكن ملاحظة ما يلي:


- أظهرت وسائل الإعلام التقليدية قدرتها على إثارة اهتمام الناس بالحدث، وساعدها في ذلك إبراز أحداث أو جوانب درامية في القصة، ارتكزت على ما ظهر من قضايا فساد في الاتحاد، وارتكز بعضها على مواقف سياسية وأخرى عاطفية حول المترشحين للانتخابات خصوصا أن مرشح عربي يخوض المنافسة لأول مرة، وقضية أخرى تكتسي بعض الأهمية تمثلت في طلب اتحاد فلسطين تجميد عضوية إسرائيل من الفيفا، مما جلب انتباه فئات إضافية من الجمهور.


- انتقل اهتمام الناس بانتخابات الفيفا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فظهرت تلك الوسائل كتابعة لوسائل الإعلام التقليدية، وفي أحسن الحالات، ظهرت كساحة أخرى ترددت فيها الصور والمضامين التي أنتجتها وسائل الإعلام التقليدية. وبذلك فإن منظومة الإعلام التقليدي نجحت في فرض أجندتها على اهتمامات الجمهور، ثم على أجندة وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس بوك.


أما قضية حملة (أين بترولنا؟) أو (وينو البترول؟) التي أثارها مجموعة من الشباب التونسيين، فهي بدأت فكرة صغيرة وما لبثت أن اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن اضطرت وسائل الإعلام التقليدي بإفراد عناوين رئيسية لها في نشرات الأخبار والتقارير التحليلية بما في ذلك قناة (Franc 24) بالعربية التي نشرت تقريرا بتاريخ 28 أيار/ ماي حول القضية، وقناة (BBC) العربية التي تناولت القضية في نشراتها في (29 أيار ماي). في حين أفردت القناة التونسية الوطنية الأولى تقريرا مطولا (ريبورتاج) مصورا حول الأمر شارك فيه خبراء ومسؤولون ومواطنون، وتكاد معظم الإذاعات والصحف المحلية تناولت الموضوع كل بطريقته الخاصة.


في قضية بترول تونس يمكن ملاحظة ما يلي حول موضوعة الأجندة الإعلامية:


1- نجحت فئات ناشطة من الجمهور في فرض أجندتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ويعود ذلك إلى وجود حد معين من التنظيم الاجتماعي، وربما مستوى معين من الاهتمامات أو الهواجس الوجدانية والفكرية.


2- فرضت أجندة وسائل التواصل نفسها على وسائل الإعلام التقليدي المحلية منها والعالمية، وبالتالي فرضت على أجندة الحكومة التي أطلقت وعودا بنشر كل ما يتعلق بموارد البترول بما في ذلك عقود الاستثمار والعمل المعتمدة.


3- أظهرت الجهات الحكومية ضيقا أو تذمراً من الحملة وأطلقت اتهامات بأن جهات سياسية تقف وراءها بهدف إحراج الحكومة، وهذا احتمال قائم لكنه ليس قطعي ما لم يتم التثبت منه، لكن الحصيلة أن وسائل التواصل الاجتماعي أضحت سلاحا حادا قد يسهم في إحراج الخصم أو خسارته.

خلاصة قراءة الظاهرتين، ما جرى في انتخابات الفيفا، وفي حملة (أين بترولنا؟) تشير إلى أن وسائل الإعلام التقليدي نجحت في توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز موقفها، وبذلك فوسائل التواصل الاجتماعي لا تشكل بديلا بالضرورة أو في كل الحالات، بل أصبحت مكملاً لوسائل الإعلام التقليدي أو تابعاً لها في بعض الأحيان. أما أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وفاعليتها فتتبدى في التنظيم الاجتماعي الذي يقوم بتوظيفها واستخدامها، فكم من الأفكار أو الأخبار المهمة التي بثت في تلك الوسائل والساحات دون أن تستطع الإقلاع إلى مستويات أوسع ولم تنجح في المرور إلى وسائل الإعلام التقليدي، والعامل الرئيس وراء ذلك يكمن في التنظيم الاجتماعي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد