أبى كل الذين جاءوا عبر شراء الأصوات ودفع الرشا وقبض الكموسينات إلا أن يبرهنوا للمرة الألف أنهم لا يغيرون جلودهم مهما حصل...فاليوم الأخير الذي سبق يوم الرحيل جعلهم يوقعون وبدم بارد على بيع الأردن جملة ومفرق، وأكدوا بما لا يدع مجالاً للشك بأن البلاد ليست إلا مزرعة وأن من يأتون ويذهبون لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية وشركاتهم وشراكاتهم...
الثلاثاء الأسود الذي شكل نقطة فارقة من وجهة نظر العديد من أبناء الشعب الأردني الذي بات يسم نفسه بأنه (الهندي الأحمر) الذي أصبح أقلية في وطنه، لا يملك الحق في أي شيء حتى في الحديث عن همومه وأنه إذا تنفس من شدة الحر قيل له أنه يعارض البلد أو يعادي الدولة...
تطايرت أفكار المراهنين على رجولة بعض الرجال في المجلس ولكن ونحن نشاهد كيفية التصويت وأخذ الأغلبية على قرار مصيري يدمي قلب الوطن ويشوه عروبته كما يثلم أردنيته،...فليس غريباً بعد اليوم أن نرى الصهاينة وهم يتحكمون برقاب الأردنيين في وطنهم، ونراهم كذلك وهم يستملكون بيوتنا وأراضينا رغماً عنا، وبأمر حكومي نافذ...
فهذا يريد أن يهدم بيتك لأن مكانه سيقام شاليه أو ملهى ليلي، وآخر يريد أن يقتلع زيتونك لأنه يريد أن يقيم مصنعاً...ثم إذا تقدم الهندي الأحمر لوظيفة سيجد كل أبناء الصين الشعبية والوطنية وسيرلانكا والفلبين وغيرهم من العمالة الرخيصة التكاليف في العالم هم منافسوه...
فما على الأردني من الآن فصاعداً إلا أن يستعد لحفر قبره بيده قبل أن يصله مصاصو الدماء الصهاينة وأصحاب الشركات عابرة القارات والحدود، لأنه بعبارة بسيطة لن يكون مواطناً في وطنه إلا بالهوية فقط وفي دفع الضرائب...
فأي استثمار هذا الذي يجعل البلد مزرعة للغادي و الرائح يعب وينهب بدون أن يدفع فلساً واحداً لخزينتها...أي قانون هذا الذي يعطي كل شيء للأغراب مقابل أن يأتوا إليه وينهبوا خيرات بلده...
أقولها وبصراحة وبملء الفم: مجلس النوائب هذا دمر كل معنى جميل في يوم رحيله، كنا سنحترمهم لو لم يطلقوا علينا رصاصة الرحمة على الرغم مما سكتوا عليه من فساد وما تاجروا به من قبل...لكنهم أبوا إلا أن يؤكدوا لنا أن الأسود لا يمكن أن يكون أبيضاً في يوم من الأيام...
لذا أوجه لبني قومي ممن يفهمون لغتي ندهة لا بد أن يتمثلوها، وهي أمانة في أعناقهم أن المعركة الانتخابية القادمة يجب أن تشكل فارقاً في عمر الوطن، وأن أمثال هؤلاء من المرتزقة والنفعيين وتجار الجملة والتجزئة لا بد أن يبقوا بعيدين عن محراب الوطن وأمانة الأمة، ولا يجوز لنا أن نسمح لهم ولأمثالهم من أن يمثلوا إلا أنفسهم حتى يلاقوا مصير (السامري) الذي صنع العجل لبني إسرائيل...فنحن أحق بالوطن منهم ونحن أعرف بوطننا وتاريخنا من أولئك الذين يمثلون علينا حب المصلحة الوطنية وهم في الحق أسود الانبطاح والنفعية والمحسوبية...علينا أن لا نضع صوتنا في جعبة أحد إلا ونعلم أنه لا يغدر بنا مجدداً...