نهايات متوقعة للأزمة في سورية - هاني طاشمان

mainThumb

30-07-2016 02:24 PM

بعد مرور أكثر من خمسة سنوات من الحروب الطاحنة بين اللاعبين الصغار "قوات النظام والمعارضة السورية " واللاعبين الكبار في الحرب العالمية الجارية في سوريا والتي تمثلها القوى التقليدية العالمية بمحوريها الروسي والأمريكي، هذه المعركة التي كانت بين كر وفر بين أطراف الأزمة المحلية والاقليمية والدولية، كانت بمثابة معارك تكسير عظم، خسر خلالها الشعب السوري الكثير من شيبها وشبابها الذين قضوا وقودا لهذه الحرب المقيته، ودمر الاقتصاد السوري " أفضل اقتصاد على المستوى العربي لاعتماد السوريين على ذاتهم".
معركة شاركت فيها جميع دول العالم بلا استثناء وكانت ميدانا عسكريا وسياسيا مفتوحا للجميع؛ دولا وميليشيات كانت منقسمة بين المعارضة والنظام.
 
ولكن من الملاحظ  أن أي من هذه الأطراف لم يستطع تحقيق الحسم العسكري أو السياسي، وظلت الأمور شبه متوازنة بينهم، وربما هكذا أراد اللاعبون الكبار إدارتها على هذا النحو، إلى أن أصبحت المشكلة السورية تؤرق معظم دول العالم وبالأخص اوروبا وأمريكا وكذلك دول الجوار التي تكبدت عناء استقبال اللاجئين الذين ضغطوا على موارد هذه الدول، وعدم تمكنها من توفير أدنى الخدمات اللازمة لهؤلاء الذين شردتهم الحرب. أما الآن فقد وصلت الحرب الى نهاياتها، ولكن يبقى ترتيب أوضاع هذه الحرب ليبدو نسيجا محبوكا ومقبولا للرأي العام العالمي، فكان الاتفاق الروسي الأمريكي مؤخرا والذي لم تنشر أي من تفاصيله حتى الآن ولكن نستطيع أن نستنتج ان فحوى الاتفاق الروسي الأمريكي يقوم على:-
 
-   القبول بالحسم العسكري لصالح قوات النظام وبوابة ذلك تبدأ في حلب رمز المقاومة، ومن ثم إدلب والرقة، وقد حققت قوات النظام نجاحات كبيرة في حلب مدعومة بالطيران الحربي الروسي وقوات حزب الله وغيرهم، ومحاصرتها من جميع الجهات وفي هذا إرضاء للجانب الروسي، مستغلين بذلك انكفاء الدور التركي وانشغاله بتبعات محاولة الانقلاب العسكري وتوقف تركيا عن دعم المعارضة وتزويدها بالأسلحة وأصبحت تركيا معابرها اكثر حساسية فيما يتعلق بتحرك الأسلحة والمعدات وكذلك المقاتلين عبر حدودها مع سوريا، ومجمل التغيرات في السياسة الخارجية التركية التي بدأت تتغير وتنقلب على ذاتها، كون تركيا بالفعل بدأت بتغيير حساباتها الاقليمة والدولية لأسباب مختلفة، أهمها الأزمة السورية.
 
- تنفيذ المخطط الأمريكي/ الاسرائيلي فيما يتعلق بخارطة العالم الجديد وإجراء التعديلات على خرائط سايكس بيكو التي مضى عليها مئة عام وانتهاء مدتها القانونية فكان لا بد من تجديد هذه الاتفاقية وإعادة رسم الحدود والسياسات في المنطقة من جديد لمئة عام آخر، وأولى هذه التغييرات إعطاء الأمة الكردية حقوقها التي لم يتم التطرق اليها في اتفاقية سايكس بيكو فكان ما كان في العراق،  والأمور تسير نحو التقسيم وقد بدأ هذا واضحا على أسس طائفية واقتطاع اقليم كردستان من العراق ومنحه المزيد من الاستقلال والتحرر عن الحكومة المركزية العاجزة في بغداد.والخطوة الثانية أكراد سوريا التي اعطتهم أمريكا الكثير من الامتيازات وقدمت لهم الكثير من الدعم والمساندة مما أغضب تركيا، الرافضة لأي امتياز للأكراد بالمنطقة وتعتبر ذلك تهديدا لأمنها القومي، فما كان من الأمريكان الا تحييد الموقف التركي لافساح الجال لتحقيق الكثير من المكاسب للأكراد في شمال سوريا، فافتعلت موضوع الانقلاب العسكري في تركيا لتبقى منشغلة بالهموم الداخلية وأعادة ترتيب الدولة وعلاقة الجيش بأمور الدولة وهذا سيستغرق وقتا طويلا لحين اتمام المخطط في سوريا، وقد عبر رئيس المخابرات الأمريكية عن هذا تمهيدا لقبول المخططات المستقبلية بشكل تدريجي قائلا:- " لا يمكن الجزم ما إذا كانت سوريا ستبقى موحدة" ، وربما تقسم سوريا الى ثلاثة كيانات سياسية، كردية في الشمال، وكيان للنظام في وسط سوريا ، وكيان ثالث للمعارضة في الجنوب،  وفي هذا ارضاء لأمريكا وهذا هو مخططها، وكذلك الأمر فهو إرضاء لإسرائيل التي تضرب في سوريا بالسر والعلانية وتحارب من أجل هذا المخطط الذي يخدم مصالحها الاقليمية والدولية.
 
- يتولى الرئيس بشار الأسد المرحلة المقبلة رئيسا لسوريا بشكل رسمي كمنتصر في الحرب في الظاهر وفي باطنه ستكون فترة انتقالية وفي ذلك ارضاء للسوريين عامة للمعارضة والنظام لحين ظهور شخصية سورية يجمع عليها السوريون جميعا عبر صناديق الاقتراع وفي هذا إرضاء للمجتمع الدولي عامة. والمجتمع السوري خاصة.
 
- وبهذا يكون الكل قد ربح المعركة من القوى الخارجية وتكون سوريا الخاسر الأكبر والوحيد قد استعادت شيئا من أمنها الداخلي، لتبقى معالجة الجماعات الارهابية شوكة في حلق دول الجوار تنشغل بها حينا، كي يتم ترسيم حدود بقية المناطق وربما الحلقة القادمة ستكون اليمن أو البحرين والحبل على الجرار.
 
وأخيرا وليس آخرا أيها الأخوة، إلى متى ستبقى امتنا العربية مغيبة عن واقها؛ ليقوم الآخرون برسم مستقبلهم؟!  ألم يحن الوقت بعد لنبذ الطائفية والعنف من فكرنا، والاهتمام بالشأن الانساني النبيل القائم على البنيان والتقدم والعلم والمعرفة والتوسع بالعلاقات الدولية وفهما كما ينبغي لننهض بأمتنا؟!  لماذا نصر على البقاء في مكاننا نراقب بعضنا ونتصيد أخطاءنا ونضرب بعضنا بالكلام والمواقف وبالحروب دون أن نعي تبعات ذلك؟!.
 
لماذا لا ننظر الى تجارب الدول المحترمة وكيف تجاوزت محنها ومشاكلها ونهضت بأمتها لأنها كانت صادقة في العمل على النهوض؟!  لماذا لا ننظر الى التجربة الصينية، والتجربة الكورية، والتجربة اليابانية. والتجارب الأوروبية عامة وكيف تحولت هذه الأمم من أمم ضعيفة ، إلى أمم قوية ذات إراة  سجلت مجدا وتحضرا وارتقت فوق كل خلافاتها لتلتقي على هدف نبيل وسامي الا وهو تحسين المستوى المعيشي والأمن والسلام.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد