الزعيم جمال عبد الناصر عنوان لكبرياء أمة

mainThumb

30-09-2016 03:20 PM

نحن في شهر أيلول سبتمبر الحزين الذي رحل به الزعيم جمال عبد الناصر لجوار ربه في الــ28 من أيلول عام 1970م ، عن عمر ناهز الــ52 عاما وثلاثة اشهر تقريبا وفي نفس التاريخ المشئوم وقبل مأساة الرحيل المفجعة ، كان الانفصال بين جناحي الأمة مصر وسوريا في نفس التاريخ قبل تسعة أعوام ، وكأنها كانت مرتبة ومتفق عليها .
لقد كان الانفصال المشئوم المقدمة الأولى للطائرات والدبابات الصهيونية حيث كان المشاة الذي مهد لنكسة حزيران الأليمة عام 1967م ، ولولا الانفصال ما كان عدوان حزيران يونيو بتلك القوة والسهولة التي فاقت المستحيل وخلقت واقعا على الأرض لا زلنا نعاني منه ، وبعد تلك المأساة بثلاثة أعوام فقدنا أحد أهم الرموز القومية في عصرنا الحديث لقد فقدنا الزعيم جمال عبد الناصر  ، حيث اختاره الرفيق الأعلى وهو في ساحة الميدان عسكريا بحرب الاستنزاف وسياسيا وهو يطفئ بذور الفتن بين الأشقاء ، وبعد أن أعاد قبل ذلك بمعجزة تسليح الجيش المصري والاستعداد للمعركة ووضع خطة العبور التي عرفت ( غرانيت 200) وأصبحت مصر جاهزة للاستعادة الأرض والكرامة معا التي فقدناه في 1967م ، ولكن ارادة الله أرادت أن تتم تلك المعركة بعد رحيل عبد الناصر وليجعل منها خليفته حرب تمرير وليس حرب تحرير بكل أسف وتلك قصة أخرى يطول شرحها .
لقد ساهم جمال عبد الناصر في محاربة الاستعمار وإجلائه عن كل الوطن العربي ولاحقه في القارات الثلاثة آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية من خلال دعم حركات التحرر بالسلاح والمساعدات العسكرية وجعل لمصر مكانتها التي تليق بها تاريخا وحضارة وكأكبر قطر عربي ، وكانت مصر في عصر جمال عبد الناصر تتفوق على كوريا الجنوبية اقتصاديا وتقف جنبا لجنب مع الهند والصين حيث أنه أدخل مصر بعد ثورة 23 يوليو عصر الصناعة وأسس مع الزعيم الهندي جواهر نهرو والزعيم الصيني شواين لاي والزعيم اليوغوسلافي جوز بروز تيتو منظمة عدم الانحياز التي ساهمت في تخفيف حدة التوتر بين المعسكرين المتناحرين في ذلك الوقت أمريكا والاتحاد السوفيتي ، كما ساهم في تأسيس الوحدة الافريقية أو الاتحاد الافريقي والمؤتمر الاسلامي وفي عصره الذهبي كانت الوحدة العربية الحلم الذي يسعى لتحقيقه الجميع من الحكام حتى لو كان أغلبهم كاذبا ومتآمرا وكانت أحلام الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ذات البعد الانساني حقيقة وكأنها قاب قوسين أو أدنى وحتى في أشد حالات الانكسار لم تغب الآمال كما حدث في الرد العملي على نكسة حزيران يونيو حيث أعاد بناء القوات المسلحة وبدأ حرب الاستنزاف وتوج  ذلك سياسيا بقمة الخرطوم واللاءات الثلاثة الشهيرة لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف بالعدو الصهيوني عدو الأمة التاريخي .
وفي ظل تلك الظروف وقبل العبور الذي كان مقررا له في مطلع 1971م ، كانت ارادة الله سباقة ورحل زعيم الأمة جمال عبد الناصر واختلطت الأوراق وكل ما كان يوحد الأمة وبقيت رسالة جمال عبد الناصر التي لم يستطيع أحد تغير عنوانها بإزالة آثار عدوان 1967 م ، الذي أخذ السادات(الذي أعتبره أنا كاتب هذا السطور الخطأ الأكبر في تجربة عبد الناصر ) أخذ يتحدث عن الحرب وعام الحسم وكأنه اعلانا عن مسرحية وماطل ثلاثة أعوام وهو لا يريد أن يحارب ولكن فرضت عليه الحرب من الشعب والجيش المصري البطل وكانت أكتوبر 1973م ، الذي جعل منها حرب تمرير وليس حرب تحرير واستعاد سيناء ناقصة السيادة والكرامة وفي المقابل خسرت مصر التي لا زالت تدفع الثمن لخيانة السادات وانحرافه .
اليوم بعد 46 عاما على رحيل الزعيم جمال عبد الناصر لا يزال ذلك العملاق العظيم وسيبقى في قلوب أمتنا وقد رأيننا صوره في كل صرخة شعب ضد الظلم والقهر ، لقد كانت كلماته الثورية حيا وميتا هي أيقونة الشعب العربي بكل أقطاره لأنه كان صادقا مع أمته وشعبه حيث نصرته الأمة وساندته منتصرا ومهزوما وودعته بالملايين عندما رحل لجوار الله .
لقد أعطى جمال عبد الناصر لوطنه وأمته الكثير الكثير وتعرض في سبيل ذلك للحصار الاقتصادي والمؤامرات لتصفيته شخصيا والعدوان العسكري وكان الشعب نصيره وسنده في كل معاركه ولم يخذله حيا أو ميتا رغم كل الحروب المستمرة عليه حيا وعلى مشروعه بعد رحيله ، إلا أن شعبنا العربي بفطرته السليمة وضعه في سجل الخالدين ويعتبره من أعظم القادة في تاريخ الأمة وان استهدافه الذي زاد بعد رحيله يثبت أن زعيمنا أنصفه محبيه وهو غالبية الشعب العربي والأحرار في العالم كما أنصفه حتى أعدائه وكارهيه بهجومهم المستمر عليه وكأنه حي يرزق وليس في جوار الله منذ 46 عاما .
رحم الله الزعيم جمال عبد الناصر قائد الأمة ومفجر طاقاتها الانسانية الذي أصبح بعد رحيله المثل والقدوة لأصالة المبادئ وقيمها ونظافة اليد وعفافة النفس .
رحمه الله فهو شاغل الدنيا حيا وفي ذمه الله .
وما أبلغ شاعر العرب نزار قباني رحمه الله حين قال في ذكرى ميلاده بعد عام من رحيله  ( تضيق قبور الميتين بمن بها وأنت في القبر كل يوم تكبر) .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد