ضبابية النص - بكر السباتين

mainThumb

30-11-2016 11:20 AM

ربما يثير دهشتي النص الأدبي وخاصة القصيدة الشعرية، التي تختال بثوبها القشيب المطرز بالصور الشعرية الكثيفة جداً ذات التكوينات الفنية المنسجمة مع المعنى رغم أنها تواريه بعض الشيء.. وتثيرني أكثر الكهرمانة المتحجرة من بريفها في جيد امرأء مرمري يتحاور مع الرغبات المتأججة في العقول المخلوبة.. لأن السؤال المختبئ في المحارة يثير الخيال ويأخذ المتأمل العميق إلى غيبوبة التماهي مع الأحلام.
 
ولكن في عموم دائرة التلقي المتنوعة المشارب والميول والأمزجة، فإن على الشاعر أن يفكر كيف يقدم باقة الورد لجمهور القراء لا أن يزرعها في قارورة يضعها في حديقة الدار.. فلا يتنسم عبقها إلا الضيوف.. من هنا فإن الصور الشعرية المكثفة التي تحجب المعنى تتحول إلى عبء على المتلقي رغم جمالها الآسر...لأن الغاية من القصيدة في الأصل هو إيصال غايتها إلى الأرواح المعلقة بالسؤال من خلال نبيذها الذي يوصلها إلى نشوة الترحال في فردوس المعنى الجميل، ومعانقة روح المغني وهو يحرض على الإلهام ويعطر الأمزجة بطيب الورد،، وقهوة التحاور مع ابتسامات الصور الشعرية وهي تحف السؤال بالأهازيج..
 
لذلك فالضباب لا يزرع الابتسامة في فم الربيع.. والسحب التي تحجب المطر دخان.. كذلك.. فالقصيدة التجريدية التي تخلو من العاطفة أو من الرؤى المختبئة في أعماقها، فقط مجرد صور شعرية مبهمة.. وأحاجي موشومة على حجر النرد.. ليست تأملية؛ بل هذيان.. أما القصيدة الأجمل فهى التي يرتاد نبعها كل عطشان.فتظلل أحلامه البسيطة بالأمل وتفتح من فوقه فضاءات الروح فتطير به النشوة إلى فردوس المعنى.. بإحساسه أو بعقله.. فطاقة القصيدة كامنة فيها فلا يفجرها إلا متأمل يذوب في صورها الشعرية التي لا تواري المعنى، ويتحول مزيجهما إلى قطرالت ندى تتساقط في المجهول فيعيد رجع الصدى عبق المعنى إليه.. فالقوة في السهل الممتنع..ورغم ذلك تحضرني نصوص تمتلك ذلك الاستحواذ السحري على القلوب والعقول فلا تجد تفسيراًلذلك.. وهنا تكمن عبقرية النص..
 
وهذا ينطبق حتى على الرواية والقصة القصيرة.. أكتبوا للناس..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد