حدود وألغام

mainThumb

19-01-2017 01:03 PM

يبدو أن الألغام التي زرعت بحنكة في كل حدودنا العربية ما زالتمرشحةللانفجار في وجهنا في كل لحظة لكن بعضها تم نزعه بحكمة والبعض الاخر ضربفأشعل حربا كانت لها ضحايا وما زال كثيرٌ منهامختبئافي مكانه يترصد بنا إلى حين.
 
بين الحين والأخر تنفجر ألغام خلافاتنا الحدودية دون سابق إنذار ليتضح لنا أن هذه الحدود ومشاكلها تتقدم على همومنا وخلافتنا بل وأمننا القومي والاقتصادي والإجتماعي.
 
الخلاف المصري السعودي حول جزر تيران وصنافير بقي خامدا طوال عقود إلى أن خرج من قمقمهمما يعنيأننا ما زلنا نجلس على فوهة البركان.
 
لو تأملنا الخريطة العربية ومنذ نشأة الدولة القطرية بقراراتالتقسيم بين القوى الاستعمارية لوجدنا أنه يقبعفيالحد بين كل دولتين جارتين مشروع نزاع قابل للاستثمار لا يعلممداه الا الله.
 
وبالتدقيق في أطراف الخريطة سنجد أن الاقتطاع وحب الهيمنة على هذه الامة يقع في جميع الجهات ومن شتى الأطراف من اسبانيا غربا إلى إيران شرقا ومن تركيا شمالا إلى خلافات السودان مع توأمه الوليد جنوبا.
 
يثير الخلاف المصري أهمية خاصة لإنه يقع بين دولتين عربيين كبيرتين مساحةً وسكاناًيضمان معا نسبة كبيرة من الشعب العربي وهو ما انعكس سلبا في علاقات الشعبين وتراشق التهم علنا وفي جميع وسائل التواصل مما زاد الاحتقان على مستوى الامة.
 
العربية السعودية لها عدد كبير من الجيران وكانت لها خلافات حدودية في جميع الاتجاهات مع كل الأشقاء الخليجيين ومع اليمن والأردن والعراق بل ومع إيران حول هوية الخليج لكن الدولة السعودية وعبر عقود استطاعت أن تنزع فتيل أكثرها عبر التفاوض الثنائي ولم ينفجر أي منها علنا الا مع قطر في اشتباك محدودوقع عام 1992 ما سمي وقتها بحادثة الخفوس.
 
مصر بدورها لا زالت حدودها خاصة مع الجار السوداني في الجنوب عرضة للتنازع حول منطقتي شلاتين وحلايب.
 
ما يثير الاهتمام في الخلاف السعودي المصري أنهيبدوكخلاف مصري داخلي أكثر منه خلاف حدودي ويطغى التناقض بين مؤسسات الدولة المصرية القضائية والسيادية والتشريعية على كل شأن أخر.
 
تكمن أهم مشكلات الأمة أنها لم تستطع أن تنشىء مؤسساتقومية قانونية على غرار الدوليةيمكن أن تنزع فتيل الأزمات بين العرب وبطبيعة الحال لا يمكن أن توجدمثل هذه المنظماتتأسيسا على حالة الفرقة والاستبداد التي تعيشها الأمة.
 
بناءً عليه لم يعد بمقدورناحال الوصول إلى الطريق المسدود بإنغلاق أفاق الحل الثنائي أو الوساطات في مثل هذه القضايا غير اللجوء إلى التحكيم الدولي.
 
في هذا الإطار لدينا تجارب سابقة كان أبرزها خلافا ليبيا تونسيا لكنه تراجع الى حل ثنائي بالتوافق على استغلال منطقة النزاع بالتساوي ولا شك أننا نرحببالحل التوافقي الذي يراعي مصالح الأمة.
 
امّا أهم مثال لإختيار التحكيم الدولي فقد كان النزاع بين قطر والبحرين حول جزر صغيرة بينهما كاد أن يتطور إلى نزاع مسلح وقد وصلت الوساطات وقتها إلى طريق مسدود لتقوم الحكومة القطرية منفردة بنقل النزاع إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي واستمرتالمداولات وتقديم الوثاق لست سنوات ليصدر قرارا بعد ذلك بأشهر (2001) يرحب بهالطرفان بل تعلن دولة قطر إجازة رسمية احتفاءً بهويطرح البلدان الخلاف وراء الظهر ويزور أمير قطر المنامة ليبحث أفاق المستقبل.
 
في غياب المؤسسات العربية القادرة وانسداد الأفاق بالتوصل لأي حل ما المانع أن يكون النموذج السابق مثلا يحتذى بين العرب بحيث نجنب شعوبنا الخلافات الحادة والمماحكات والتراشق الإعلامي غير المسئول؟
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد