رأيت ‬في ما ‬يرى ‬النائم! - عبدالله بن بجاد العتيبي

mainThumb

07-03-2017 02:24 PM

تناقلت ‬بعض ‬مواقع ‬الإنترنت ‬مقطع ‬فيديو ‬لسلمان ‬العودة ‬وهو ‬أحد ‬مشاهير ‬من ‬يسمون ‬بدعاة ‬«الإسلام ‬السياسي» ‬يتحدث ‬فيه ‬عن ‬حلمٍ ‬رآه ‬في ‬منامه، ‬وقال ‬إنه ‬تحدث ‬فيه ‬مع ‬الرسول ‬الكريم. قال ‬«العودة»، ‬وهو ‬يسرد ‬حلمه: ‬(في ‬وقت ‬السحر ‬رأيت ‬رؤيا ‬جميلة، ‬رأيت ‬فيها ‬الرسول ‬عليه ‬الصلاة ‬والسلام ‬. ‬وفي ‬مكة ‬المكرمة، ‬وكأنه ‬بعث ‬من ‬قبره ‬والصحابة ‬كأنهم ‬بعثوا ‬من ‬قبورهم، ‬وبالتأكيد ‬أبو ‬بكر ‬وعمر، ‬وحضرت ‬الحلقة ‬معهم، ‬وجلست ‬معهم ‬ووقفت ‬مع ‬الرسول، ‬وذهبت ‬معه، ‬ورجعت ‬معه، ‬ووجهت ‬له ‬عدداً ‬من ‬الأسئلة. ‬ورجعت ‬له، ‬وقلت ‬يا ‬رسول ‬الله ‬ممكن ‬أسجل ‬الفتاوى ‬والأجوبة ‬التي ‬تجيب ‬لي ‬عليها ‬حتى ‬يستفيد ‬منها ‬الناس ‬لأن ‬الناس ‬بنوا ‬قواعد، ‬وأصلوا ‬أصولاً، ‬وذهبوا ‬في ‬طرق ‬شتى. ‬فقال ‬لي ‬الرسول: ‬لا ‬بأس، ‬أكتب ‬هذه ‬الأشياء ‬ثم اعرضها ‬عليّ ‬حتى ‬أراجعها ‬وأصححها، ‬ثم ‬طلب ‬مني ‬الرسول ‬أن ‬أوفر ‬لهم ‬بيتاً ‬يكون ‬مأوى ‬أو ‬مقراً ‬يجتمعون ‬فيه، ‬فقلت ‬له ‬حسناً ‬ولكن ‬الظروف ‬الآن ‬ليست ‬مؤاتية ‬هناك ‬تحفظات ‬وهناك ‬اشتراطات ‬أمنية ‬فقال ‬لي: ‬لا، ‬إنهم ‬سمحوا ‬لفلان ‬بأن ‬يفتح ‬بيتاً، ‬يعني ‬ذكر ‬لي ‬شخص، ‬فقلت ‬له ‬إن ‬فلان ‬منهم ‬وبهم، ‬يعني ‬أن ‬فلانا ‬له ‬علاقة ‬أو ‬له ‬واسطة ‬معينة ‬أو ‬له ‬قرابة ‬تسمح ‬له ‬بالشيء ‬هذا)‬.

 

هذا ‬حلمٌ ‬كأنما ‬يحكي ‬ما ‬يريده ‬«العودة» ‬تحديداً، ‬وما ‬يريده ‬وما ‬يتصوره ‬كل ‬رموز ‬«الإسلام ‬السياسي»، ‬أن ‬الحكم ‬في ‬بلاد ‬المسلمين ‬ظالم، ‬ولا ‬يقرّب ‬إلا ‬من ‬له ‬قرابة ‬أو ‬واسطة، ‬وأنه ‬حتى ‬لو ‬خرج ‬الرسول ‬الكريم ‬في ‬هذا ‬الوقت ‬فسيحتاج ‬لمأوى، ‬وهو ‬لا ‬يعترف ‬بما ‬تم ‬تقعيده ‬وتأصيله ‬من ‬الفقهاء ‬بل ‬يريد ‬أن ‬ينقل ‬للناس ‬أحكاماً ‬ينسبها ‬للرسول ‬الكريم ‬لمجرد ‬حلمٍ ‬رآه، ‬وهذا ‬خطير ‬على ‬الإسلام ‬نفسه، ‬ولو ‬كانت ‬أحكام ‬الإسلام ‬تؤخذ ‬بالأحلام ‬لضاع ‬الإسلام ‬والمسلمين.
 
رموز ‬الإسلام ‬السياسي ‬يبنون ‬مواقف، ‬ويتخذون ‬قراراتٍ ‬بناء ‬على ‬الأحلام ‬التي ‬يسمونها ‬رؤى، ‬وقد ‬سبق ‬لكبيرهم ‬حسن ‬البنا ‬أن ‬التحق ‬بالطريقة ‬الحصافية ‬بناء ‬على ‬حلمٍ ‬طويلٍ ‬سرده ‬في ‬مطلع ‬مذكراته، ‬وقبل ‬اغتياله، ‬وبعد ‬حل ‬جماعة ‬«الإخوان ‬المسلمين» ‬1948، ‬وكما ‬يروي ‬«الإخواني» ‬عبد ‬الحميد ‬كشك ‬فقد: «‬نام ‬حسن ‬البنا ‬حزيناً ‬مهموماً ‬وقام ‬من ‬نومه، ‬وقال ‬لأهله ‬لقد ‬رأيت ‬في ‬المنام ‬عجباً ‬رأيت ‬عمر ‬بن ‬الخطاب ‬يشد ‬على ‬يدي ‬ويقول ‬لي: ‬هنيئاً ‬لك ‬الشهادة ‬يا ‬حسن ‬فقد ‬أكملت ‬الرسالة»‬. هكذا، ‬أكملت ‬الرسالة، ‬فهل ‬كان ‬البنّا ‬نبياً ‬مرسلاً؟ ‬ويتذكر ‬كثيرون ‬حين ‬قام ‬أحدهم ‬في ‬ميدان ‬رابعة ‬وهو ‬أحمد ‬عبد ‬الهادي ‬قائلاً ‬لجمهور ‬الإخوان ‬آنذاك: ‬إن ‬«بعض ‬الصالحين ‬في ‬المدينة ‬المنورة ‬أبلغه ‬برؤيا ‬أن ‬جبريل ‬عليه ‬السلام ‬دخل ‬في ‬مسجد ‬رابعة ‬العدوية ‬ليثبت ‬المصلين»‬، ‬وأنه ‬أيضاً «‬رأى ‬مجلساً ‬فيه ‬الرسول ‬صلى ‬الله ‬عليه ‬وسلم، ‬والرئيس ‬مرسي ‬والحضور، ‬فحان ‬وقت ‬الصلاة، ‬فقدّم ‬الناس ‬الرسول ‬ولكن ‬الرسول ‬قدّم ‬مرسي». تستخدم ‬جماعات ‬«الإسلام ‬السياسي» الأحلام ‬كأداة ‬للتجنيد ‬وإبهار ‬المستمعين ‬وبخاصة ‬الشباب ‬الصغار، ‬وتستخدمها ‬أيضاً ‬بغرض ‬تثبيت ‬الأتباع ‬في ‬أزمنة ‬المحن ‬وكذلك ‬للتجييش ‬والتحريض ‬وصولاً ‬إلى ‬تنفيذ ‬العمليات ‬الإرهابية، ‬وكامتدادٍ ‬طبيعي ‬أصبحت ‬تستخدمها ‬كل ‬جماعات ‬الإرهاب ‬في ‬العصر ‬الحديث.
 
يقسم ‬فقهاء ‬المسلمين ‬الأحلام ‬لثلاثة ‬أصنافٍ: ‬الرؤيا ‬وحديث ‬النفس ‬وحديث ‬الشيطان، ‬فكلّ ‬حلمٍ ‬احتماله ‬الأكبر ‬هو ‬أنه ‬مجرد ‬حلمٍ، ‬وقد ‬وتم التوسع في استخدام ‬الأحلام كنوعٍ ‬من ‬التأييد ‬أو ‬الرفض ‬لصراعات ‬المذاهب ‬أو ‬المدح ‬أو ‬القدح ‬في ‬رموزها، ‬وكذلك ‬كنوعٍ ‬من ‬ذكر ‬محاسن ‬الموتى ‬في ‬ذيل ‬ترجمات ‬الأعلام ‬في ‬كتب ‬التراجم. أخيراً، ‬فإن ‬تحويل ‬الأحلام ‬إلى ‬برامج ‬عملٍ ‬وفعلٍ ‬ماديٍ ‬كان ‬حضورها ‬الأقوى ‬مع ‬حركة ‬جهيمان ‬الإرهابية ‬وجريمة ‬احتلالها ‬للحرم ‬الشريف.
 
* نقلا عن "الحياة"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد