خزعبلات حرية التعبير في فرنسا

mainThumb

25-10-2020 08:20 PM

أدت تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بعدم التخلي عن الرسومات والكاريكاتيرات المسيئة للنبي محمد ﷺ، ودعواته الواضحة للكراهية والعنف، إلى استفزاز مشاعر مليار مسلم على هذه الأرض ، نتج عنها انتفاضة إلكترونية دوى ضجيجها مواقع التواصل الاجتماعي بإطلاق أوسمه وهاشتجات وصلت للعالم بأسره أبرزها إلا محمد رسول الله ﷺ ، ومقاطعة المنتجات الفرنسية، وهذه ليست المرة الأولى التي تسئ فيها فرنسا إلى الإسلام والمسلمين بزعم الدفاع عن حرية التعبير .

إن كان دفاع ماكرون عن صحيفة( تشارلي إيبدو) التي أعادت نشر الصور والرسوم المسيئة لرسول الله محمد ﷺ يندرج تحت إطار حرية التعبير عن الرأي ، فأين حرية الرأي والتعبير المصانة عندما أهان ماكرون صحفي فرنسي بعد خطابه الأخير في لبنان لأنه أعد تقريراً لم ينل إعجابه وهاجمه بغضب أمام جميع الناس واصفا إياه بانه غير مهني وأنه عمل غير مسؤول ، بينما نشر الرسوم المسيئة في توقيت حساس عمل مسؤول ومهني أي تناقض هذا يا ماكرون ؟!.

إن كانت فرنسا التي تدعي الحرية وجعلتها شعاراً لها تخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي جاء واضحاً بأن حق التعبير لا يعني إثارة العنصرية والكراهية ، ، فخطاب ماكرون صريح يدعي للكراهية والعنف وزاد من حدة التوتر والاعتداءات العنصرية على المسلمين في فرنسا ، منها اعتقال شاب تونسي مسلم مغادر من فرنسا إلى تونس وضربه على متن الطائرة الفرنسية بتهمة الصلاة ، وطعن سيدتين مسلمتين في العاصمة باريس بطريقة وحشية من قبل امرأتين وصفن بأنهن نساء بيض من المظهر الأوروبي، وهذه مخالفة لجميع المعاهدات الدولية الداعية إلى حرية الرأي والتعبير .

تشكل حرية الرأي والتعبير ركناً أساسياً من منظومة حقوق الأنسان، وهي تصنف كجزء من الحقوق المدنية والسياسية ، وتنص المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " أن لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ، وفي التماس الأنباء ، والأفكار وتلقيها ، ونقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود الدولية"، وفي عام 1966 أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق التعبير ولكن وضعت شروطاً منها احترام حقوق الآخرين وسمعتهم والأمن القومي، ومراعاة الآداب والصحة العامة، كما حظرت الدعاية للحرب، والدعوة لأي نوع من أنواع الكراهية والتمييز وكذلك الدعوة للعنف بكل أشكاله وصورة .

لم يمر خمسة أشهر على حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان والذي بقرارها انتصرت لإحدى عشر ناشطاً في فرنسا عبروا عن رأيهم بمقاطعة المنتجات الاسرائيلية لوضع حداً لانتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين ،واعتبرت بأن الإدانات التي لحقت بهم وتجريمهم لمجرد أنهم عبروا عن رأيهم ، تنتهك حريتهم في التعبير، إن هذه الحادثة تنسجم تماماً مع خرافة حرية التعبير في فرنسا.

وفي عام 2019 استطاعت حركة السترات الصفراء أن تهز ولاية إيمانويل ماكرون والتي خرجت من فعل مواقع التواصل الاجتماعي بعيدة عن أي تخطيط حزبي أو نقابي، حشدت 282 ألف متظاهر احتجاجا على الأوضاع المعيشية الصعبة التي تمر بها فرنسا ، قابلتها قوات الأمن الفرنسي بالعنف ، وإطلاق الغاز المسيل للدموع، وأعلنت الحكومة عن مشروع قانون عقابي يطول كل من تسول له نفسه العودة إلى التظاهر ، أليس التظاهر حق من حقوق الإنسان، ويعد مظهراً من مظاهر الحرية يا بلد الحرية .

وعام 2008 أقالت صحيفة " تشارلي إيبدو" الرسام " سيني " واحد من أشهر رسامي الكاريكاتير في الصحيفة، بسبب تعليقة بصورة كاريكاتورية على خبر بأن نجل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي كان على وشك اعتناق اليهودية من أجل الزواج بأحدى الفتيات، الذي أعتبر بأنه معاد للسامية . فأين هذه الحرية المزعومة.

هذه بعض الأمثلة على يسمى حرية الرأي والتعبير في بلد جعلت من حرية الرأي والتعبير شعاراً تتغنى به في جميع المحافل ، وماهي إلا أسطورة تحمل الأكاذيب والخرافات على مر التاريخ، فالعملية انتقائية فإذا كانت حرية والتعبير تدعم الساسة وتصب في مصلحتهم الشخصية فأنه يتم صونها والدفاع عنها، إن دفاع ماكرون عن الصور المسيئة للرسول ﷺ ومهاجمة الإسلام والمسلمين بشكل علني وصريح بزعم حرية التعبير ما هو إلا غطاء على فشله واخطائه في إدارة البلاد ، وشعبيته المتدنية بسبب انحيازه للأغنياء على حساب الفقراء، وكخطوة استباقية لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2022.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد