الحزب الأقوى والأوسع انتشارًا في الانتخابات

mainThumb

27-10-2020 06:53 PM

من هي الجهة التي تتوقع أن تحصد أكبر حصة من المقاعد في الانتخابات النيابية ؟
... رغم أنه اُريد للانتخابات النيابية التي بدأت منذ عقود أن تكون نزيهة وديموقراطية، إلا أنها وللأسف ليست كذلك، فما يجري بالواقع لا يمت بصلة للديموقراطية، ولا لحُرية الاختيار التي كفلها القانون، وخاصة ما يتعلق منها بعمليات النجاح التلقائي والترسيب، وشراء الذمم والأصوات وشراء المُرشحين (الحشوات)، فمن خلال المعلومات المتداولة، وما جرى وما يجري، واستعراض للقوائم الانتخابية التي تتسابق لخطف مقاعد الفوز، لوجدنا ان ما يُسيرها غالبًا ويتحكم بنتائجها هو المال الأسود، ليس للمقدرة فقط على شراء الذمم والأصوات، وإنما ايضًا للمقدرة على إيجاد قوة تنظيمية للحملة الانتخابية وسط ضعف مُعظم الجهات الأخرى، لقد غدا هذا الأخطبوط هو المُهيمن، والأوسع انتشارًا ونموًا، والأقوى انتخابيًا في مختلف المناطق، حتى أصبح المتحكم الرئيس بالنتائج على حساب العوامل الأخرى المعتادة مثل: العشيرة، الحزب، السمعة والشعبية، الانتخابات الداخلية، الإجماع، التحالفات، وغيرها، ورغم أن العشائرية هي التي تطفو على السطح ويُشار اليها بالبنان، إلا أن الأوضاع لا تُعطي بالضرورة صورة حقيقية، فما يُحرك الانتخابات ويديرها غالبًا هو المال، الذي قد يوصل مرشحًا للمجلس بغض النظر عن انتمائه العشائري أو الحزبي، فقد يهزم مُرشح من عشيرة صغيرة مرشحًا من عشيرة كبيرة عليه إجماع، أو أن يكون كلاهما من نفس العشيرة، ولكن شراء الذمم والأصوات يجعل صاحب المال الأسود الذي تؤيده أعداد قليلة يتفوق على قريبه لأنه قام بشراء أصوات وحجز بطاقات أكثر من أصوات مؤيدي ذلك المرشح، مما يمكنه من القيام بتغطية الفارق والتفوق عليه.


.. إن لم يتم تدارك خطورة هذا الوضع، ووضع حد لهذا التحدي، والذي يتزامن هذه المرة مع ظروف صعبة جدًا، فأن التوقعات تُشير إلى أن حزب المال الأسود سوف تنمو أعداده وتتوسع قاعدته، وسيزداد قوة وتغلغلًا وانتشارًا وذلك بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وعدم ثقة الناس بالنواب وبالعملية الانتخابية ذاتها، وخيبة أملهم بالمجالس السابقة، وكذلك عدم نجاعة الإجراءات للحد من هذه الظاهرة، وذلك بسبب صعوبة اثبات عمليات بيع الأصوات التي تجري تحت جنح الظلام، والتي يتولاها السماسرة وأقارب المرشح، وكل هذا سيُمكّن مرشحي المال الأسود مُستقبلًا من أن يحصدوا العدد الأكبر من المقاعد بالمقارنة مع الأخرين، هذا إن لم يكن غالبيتها، وايضًا الفوز في الانتخابات الأخرى ! وذلك بعد أن يتقهقر موقف الشرفاء والذين لا يملكون المال، ويخسروا المقاعد التي كان من المفروض أن يكسبوها لو سارت الأمور بنزاهة وبدون ضخ للمال الأسود خلال الحملات الانتخابية، وذلك لأنهم عجزوا عن مجاراتهم في وسائلهم، ومحاربتهم بمثل سلاحهم، مما يدفع الناس إلى أن يختاروا إما أن يكونوا شرفاء فيخسروا ويتقوقعوا، في سبيل مطامح مالكي المال الأسود والفاسدين، أو أن يمشوا مع الركب ليتقي بعضهم بأس بعض.
.. يُقال إن هناك فرق بين المال السياسي، والمال الأسود، "فالمال الأسود يقصد به تغيير إرادة الناخب والتأثير عليها، أما المال السياسي فهو متاح ومراقب من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب، فهناك سقوف للصرف وهناك رقابة صارمة عليها"، ومع هذا فقد تحايل بعض المرشحين على ذلك من خلال عملية "تبييض المال الأسود ليظهر كمال سياسي" بعدة طرق منها استئجار بعض الناخبين أو سيارتهم للعمل بالحملة الانتخابية مقابل أجرة لا يحلم بها أي عامل أو موظف، وبالتالي التأثير عليهم لكسب أصواتهم وأصوات عائلاتهم.


.. المتأمل في المعركة الانتخابية سيصيبه اليأس والإحباط، فقد أصبح مُعظم أبطالها ممن يملك المال، وذلك بعد أن خسر الشرفاء لأنهم عجزوا عن مجاراتهم ومحاربتهم بمثل سلاحهم، وهي شراء ذمم الناخبين والمرشحين، لدرجة أن بعض المرشحين ممن يملك المال أصبحوا يتسابقوا في عمليات الشراء وحجز البطاقات، والنتيجة لكل هذا أن المخلصين والشرفاء، والذين لا يملكون المال سوف يخسروا المعركة إذا كان هناك مرشح بدائرتهم يضخ المال الأسود.


.. ورغم كل هذا، إلا أن المواطن لا يُعفى من المسؤولية للوضع المُزْرى الذي وصلنا إليه، لأنه هو الأساس والمُساهم الأكبر، فالفاسد الحقيقي هو من يُساهم بإيصال فاسد إلى مقصده، سواء كان بائعًا لصوته وذمته أو مُشتريًا أو وسيطًا أو شاهدًا أو حتى ساكتًا عن الحق، فتُبًا للمال الأسود، ولشراء الذِمم والأصوات والمرشحين والرؤوس والحشوات، وحجز البطاقات، وفقنا الله جميعًا لِما فيه مصلحة وطننا الغالي، بما يلبي آمالنا، وطموحات وتطلعات سيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد