تاريخ بداية البذور المهجنة أو الهجينة

mainThumb

19-12-2020 10:05 PM

عمان – السوسنة – شرين الصغير - قال مدير عام مركز البحوث الزراعية نزار حداد إنه قبل عقود لم يكن المزارعون يعرفون ماهية البذور الهجينة المستوردة، وكان جل اعتمادهم على إنتاج البذور عن طريق محاصيلهم، وتسمى "البذور البلدية"، كانت تحقق للمزارعين اكتفاءً ذاتياً، ومع مرور الوقت ظهرت شركات عالمية تنتج بذوراً مصنعة أو هجينة، تسوقها تحت وصفات متعددة، تؤكد جودة منتجها ومحاصيلها، وتخفف من مراحل العناية بالمزروعات، باعتبارها مطورة على نحو علمي.

 

و أضاف حداد أن البنك الوطني للبذور أنشئ ليكون جزءاً من المركز الوطني للبحوث الزراعية في العام 1993، ليستكمل الحفاظ على البذور البلدية والأصول الوراثية النباتية من الضياع والتدهور، و كي يحافظ على هويتها. بينما يرجع تاريخ الجمع لبعض سلالات هذه البذور إلى العام 1927، وتتبع إجراءات معيارية لاختبار أصالة عيناتها المحفوظة في بنك البذور . 
 
و قال رئيس قسم تقنيات تهجين الخضار المهندس هيثم حمدان إن تكنولوجيا البذور الهجينة تعتبر أحد أبرز الطرق الحديثة في الزراعة، وهي تشمل تلقيح نباتين مختلفين، لكنهما مرتبطان ببعضهما، وذلك لإنتاج نبات جديد يمتاز ببعض الخصائص المحددة التي يرغب بها المزارعون، وقد أدى التهجين إلى إنتاج بعض المحاصيل المختلفة مثل الجريب فروت، والذرة الحلوة، والبطيخ، والشمام بدون بذور.
 
و أضاف حمدان أنه يجري إكثار هذه السلالات بطرق تضمن المحافظة على درجة عالية من النقاء، عن طريق العزل، للحيلولة دون التلقيح الخلطي ؟ في بعض أنواع النباتات التي تتبعها تلك السلالات.
 
إضافة ًإلى أن البنك يضم مجموعة كبيرة تصل إلى أكثر من 4000 من مدخلات السلالات البلدية، كالقمح والشعير والعدس والحمص ، والخضراوات كالبامية والبندورة والفقوس واليقطين و غيرهم. ما يتيحه المركز للباحثين والمهتمين، ضمن أطر قانونية منبثقة عن اتفاقيات دولية معتمدة عالمياً.
 
وقال حمدان إن المركز يمثل النقطة المرجعية للاتفاقية الدولية للموارد الوراثية للغذاء والزراعة، والتي تتضمن الانصياع للاتفاقية، و التي تعترف بأهمية إسهامات المزارعين المحليين الماضية والحالية والمستقبلية، لصيانة تلك الموارد وتنميتها.
 
وأفاد حمدان بأن العينات البذرية المحفوظة في البنك، تشمل أنواعاً نباتية برية، منها ما هو غاية في الأهمية جينياً، لإدخال جينات مقاومة للأصناف التجارية التي تتلف بسرعة ، ما يشكل إرثاً وطنيّ المنشأ، عالميّ الأهمية للأمن الغذائي.
 
 أوضح حمدان أن هدف البنك المحافظة على البذور البلدية، والاستفادة من جيناتها، أكانت مقاومة للأمراض أو الآفات أو شح المياه، أو معدلات الأمطار المتدنية.
ونوّه حمدان إلى أن البنك فيه قسم لاستنباط السلالات وتوزيعها على المزارعين، بخاصة المتعلقة بالمراعي الطبيعية، بحيث تستغل هذه البذور ويعاد نشرها مرة أخرى، وتحديداً في ظل ظاهرة التغير المناخي الحالية.
 
وأفاد حمدان بأن الدراسات العلمية والتنبؤات العالمية تنبىء بهطولات مطرية ستعود كما ما كانت عليه سابقاً، وبذلك فإن المطلوب يكمن في الإكثار من هذه البذور، التي هي في الأصل نباتات رعوية، ليستفيد منها مربو الثروة الحيوانية وتخفيف فاتورة الإنتاج.
 
وأوضح حداد أما بشأن البذور الأخرى “بذور الخضراوات”، فإن القطاع الخاص في العالم يعمل عليها وعلى مستوى عال، وهناك منافسة بين الشركات لانتاج البذور الهجينة.
وقال حداد إن هناك شركات لإنتاج البذور المحلية، ولا يوجد خطورة تهدد الأمن الغذائي، بالإضافة للاستيراد من دول مجاورة، أما استخدام البذور القديمة، فلا بد من معالجتها جينيا، للاستفادة منها وتعميمها على المزارعين.
 
و أكد حداد أن القطاع الزراعي في الأردن يساهم بما نسبته 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل فيه نحو 5.3 %من مجموع القوى العاملة، في حين تشكل الصادرات الزراعية نحو 11% من مجموع صادرات المملكة، يذهب 92 %منها إلى الأسواق العربية، خصوصاً الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وسوريا، ويعد قطاع الزراعة أحد أبرز القطاعات الاقتصادية في البلاد.
 
من فوائد و عيوب التهجين 
 
قال مدير مديرية بحوث التقنيات الحيوية فاضل اسماعيل إن البذور المهجنة تعطي نباتاتٍ بمواصفات أقوى وأفضل، و يختلف عن النبتة الأم الأصلية في بعض المواصفات مثل الحجم، والإنتاج، والمقاومة للأمراض، و قابليتها للتخزين، وقلة كلفة الإنتاج على المزارعين نظراً للجودة العالية لبذور الخضروات والمنافسة للشركات العالمية .كما أنه تهجين آمن ولا أضرار على الإنسان.
 
و أضاف اسماعيل أن عيب البذور الهجينة في حال استخدامها للزراعة مرة أخرى فإنها  تعطي زرعاً ذو إنتاج ضعيف يختلف عن الأصلي الذي كان أفضل في المواصفات، وعادة ما تحتاج بسبب ذلك إلى سماد طبيعي أكثر، وماء أكثر لينتج بكثرة، والعيب الآخر أنك في كل مرة عليك أن تشتري بذوراً من الشركات التي تنتجها. 
 
الفرق بين البذور المهجنة و المعدلة وراثياً
 
و عند سؤال حمدان عن البذور المعدلة وراثياّ أجاب أنه " لا يوجد في الأردن شيء يسمى بذور معدلة وراثياً" و قال  إن الأغذيه المعدلة وراثياً هي على النقيض تماماً من البذور المهجنة، يتم إضافة مواد كيميائية إليها أو اللعب ببناء تركيب المورثات DNA لإنتاج أنواع وأصناف غير موجودة أصلاً، مثلاً إنتاج فواكه أو خضراوات بألوان غير موجودة حقيقة، أو بأحجام أكبر، أوسلالات تقاوم الأمراض وتنمو سريعا، وتعتبر أمريكا أهم منتجي الأغذية المعدلة وراثياً.
 
و أضاف حمدان أن في العالم جهات صحية مختلفة تحارب هذه الأغذية وتحاول الحد من انتشارها، ويعود ذلك الى مخاطرها وأهمها :تزيد فرص الإصابة بالسرطان وخصوصاً سرطان الثدي لدى الإنسان، و السبب أن النباتات تطور مواد سامة بعد العبث بها وراثياً، وتزيد تراكم السموم في جسم الإنسان بعد فترة طويلة من تناولها.
 
وأشار حمدان إلى أن الأردن يعتبر أول دولة عربية منتجة للبذور، ويعول على هذا القطاع تصدير بذور الخضراوات للعديد من الدول الشقيقة والصديقة لأنها منافسة، مؤكداً دعم الحكومة للقطاع الزراعي من خلال  إعفاء مدخلات الإنتاج من الضريبة، مؤكداً على الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة لإنتاج البذور والتعاون معها .
 
و أضاف حمدان أن نسبة الخضار من إجمالي الصادرات 98% ونسبة الفواكه 2%، فيما حقق محصول البندورة وهو المحصول التصديري الرئيسي المرتبة الأولى بكمية 13 ألف طن وبنسبة 50% من إجمالي الصادرات، يليها محصول الخيار وبنسبة 14.7%،  ثم الخس وبنسبة 13.6%.
 
و عند سؤال المزارع وليد الفقير عن البذور البلدية، قال إن ما يقارب 99.7% من المزارعين يستخدمون البذور الهجينة، لأنها أفضل من ناحية الاستثمار، و من ناحية الطعم و الادخار على حد تعبيره. 
 
و أضاف الفقير أن البذور البلدية تراجعت لدرجة شارفت فيها على "الانقراض"،  وباتت عمليات الإنتاج الزراعي رهينة لسيف الشركات العالمية التي أغرقت الأردن بالبذور الهجينة كما الكثير من الدول حول العالم.
 
و أشار الفقير إلى ظهور جملة من المبادرات الفردية من هنا وهناك لإحياء البذور الأصلية إيمانا بأهميتها في تحقيق السيادة على الغذاء. 
 
 و بحسب صحيفة الغد فقد أطلق الشاب ليث ديكات مشروعه الخيري التوعوي والزراعي “فزعتك” بهدف العودة إلى إنتاج المحاصيل من “بذورنا الطبيعية”.
 
وعبر حديثه لـ”الغد”، قال “إن “ فزعتك” تعتمد في عملها على أسس قيمة من الانتماء والقوانين والمبادئ الإنسانية الراسخة في مجتمعنا؛ إذ يسعى إلى تجسيد فكرته على أرض الواقع وتتمثل في جلها بإنعاش فكرة التوجه للزراعة واستعادة المساحات الخضراء من خلال توفيره بذور القمح والشعير الطبيعية التي لم تعد تتوفر بكميات كافية خلال السنوات القليلة الأخيرة”.
 
ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بـ”فزعتك” فهو يبث العديد من الرسائل التي تحاكي تلك القيم والحديث عن معلومات حقيقية وثابتة تتعلق بالزراعة والغذاء والصحة، ليتم ربط المعلومات الصحيحة بالعمل على أرض الواقع فيما يتعلق بمحوري الزراعة والإنتاج، الذي يعتبره دويكات هدفه الرئيسي. بحسب الغد
 
و بالحديث مع المزارع راكان الشريف عن استخدام البذور البلدية،  قال إن هذه البذور يجب تحسينها جينياً للاستفادة منها وتعميمها على المزارعين، بهدف توفير الجينات الوراثية النباتية و زيادة المحاصيل، ومقاومتها للأمراض، وزيادة قدرتها على تحمل الجفاف، وتحسين قيمتها الغذائية ومذاقها وغيرها من المواصفات الأخرى، إضافة إلى الاهتمام بالزراعة المحمية (المغطاة) بالبيوت البلاستيكية لما لها من مردود اقتصادي. 
 
الاكتفاء الذاتي في الأردن 
 
قال حمدان إن ميزات الأردن في الزراعة تأتي أولاً من البيئة المناخية الملائمة لتنوع كبير في أصناف المزروعات، حيث يعتبر غور الأردن بيئة مناخية نادرة على مستوى الإقليم والعالم ومن حيث أوقات نضوج الزراعات وتنوعها واحتياجات السوق والطلب عليها، وهي أفضل بيئة لإنتاج كافة أنواع الخضار والحمضيات والفواكه التي تفيض عن احتياجات سوق الاستهلاك المحلي بشكل كبير، ولسنوات طويلة واجه الفائض مشكلة كبيرة في التسويق، الأمر الذي تبدل بعد جائحة كورونا، وأصبح الطلب يزداد بشكل كبير على المنتجات الزراعية الأردنية في أسواق الدول المجاورة وبعض الأسواق الأوروبية حسب مؤشرات الأسواق وطلب المستهلكين.
 
و أشار حمدان إلى أنه من المتوقع أن يستمر ازدياد الطلب على المنتجات الزراعية في المدى القريب والمتوسط في الأسواق المجاورة بسبب توالي وتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية في كافة الدول، والتي سيكون لها تأثير مباشر على تعثر أو توقف الكثير من المشاريع الزراعية ذات الكلفة العالية في بعض دول الإقليم بعد كورونا، مما سيعطي الزراعة الأردنية ذات التكلفة الأقل والنوعية الأفضل ميزة تنافسية بأن تكون السلع البديلة في الأسواق وللمستهلكين، الأمر الذي سيزيد من حجم الطلب عليها وسيجعل من القطاع الزراعي في الأردن أهم عوامل الدعم المالي للاقتصاد الأردني.
 
و أنهى حمدان حديثه بأنه لا بد من تفكير إبداعي لخلق الفرص البديلة، و إيفاد عدد من المختصين الزراعيين والمهندسين الى الدول المتقدمة للاطلاع على المشاريع الزراعية ونقل خبرتها الى داخل البلد


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد